كتبت لك جدي

تاريخ النشر: 14/10/16 | 13:01

اكتب لك ومقلتاي مليئتان بالدموع ،اكاد لا ارى ما اكتب، بماذا ابدا … بماذا.. قلي!.هل تسمعني؟! لأنني ما زلت اسمع صوتك يقول لي: “بحبك كثير….كثير ، يا نغنوشتي ،نغنوشتي”، اخر كلمات قلتها لي منذ فراقنا ،هل تسمعني؟..يا جدي، لازلت تتنفس لكن ..هل تراني؟.. لأنني لا ازال اراك شاخصا امامي.. بقامتك المتينة. بما تفكر الان ..ماذا يحصل لك؟… ليتك تسمعني!..اخبرني …يا روحي .. أتتألم؟!.. لأنني أتألم لألمك اضعافا ..اجبني..لم تكفني تلك الساعات القليلة، فانا ظمئانة ووحدك تَرويني..حدثني ..! بشرني !..متى الرجوع …ومتى توقف الدموع .لو كان بإمكاني.. لأعطيتك ايامي ..لوهبت لك عمري..تبا لهم ..الا يعلمون انك تعني لي الدنيا وما فيها.. الا يعلمون انك اسر قلوب الجميع ،وكلٌ مفتقدك..
ليتني يا جدي حققت ما تمنيتَ،، ليتني الان طبيبة، علني انجدك ،واهتم بك ،آه.. لكن ..لدي يقين ،انك ذات يوم ستشمخ بي عاليا، فوق السحاب بل وفوق النجوم ،ليتني كنت الان،،آه.. لكن لا تخف قلبي، فان غدا لناظره لقريب…رفقا بجدي رأفة به.. يكفي .. يكفي كم مزقتموه!.. ارجعوه!.. افيقوه! ..اعيدوه!.. فمن ذا الذي يرسم البسمة على محياي، من يرد لي الروح من بعده!، ارجعوه ..او.. اوخذوني بدلا منه، يكفي!.. ربي شهيد عليكم ،وهو ارحم عليه منكم .
جدي ..حبيبي..اين القاك؟! أأعيد شريط الذكريات لتلك المواقف العفوية، لتلك الحياة الجميلة ؛التي زينتها وكحلتها بوجودك؟..أأغمض عيناي؟؛ علني ارى صورتك واضحة ، دون ذلك الضباب المزعج..
اين القاك؟!..اتعلم يا جدي .. القاك في كل شيء ،في كل مكان ،في كل زمن واوان..القاك في نسمات الهواء المداعبة، كالتي مرت علينا اثناء جلوسي قربك ،ونفثت الراحة في اجوافنا ؛فأثلجت صدورنا.. في آهات كنار حزينة تنتظر رجوعك..القاك.. في موج بحر هائج يصرخ باشتياقه اليك..في عزف قلوب لألحان كئيبة ،مريرة كالعلقم ،اسمعها عبر العيون..في بزوغ الشمس وغطسها كاتمة خيوطها الذهبية ؛لتشرق غدا..اجدك ..في سجادة تامل خمس مرات في اليوم، بوضع جبينك وانسياب دموعك عليها في خشوع ، تعتصر الما وتنتظر رجوعك بفارغ الصبر ..القاك..في سبحة تبكي اياما اعتادت فيها ان تبات في كفك وبين اصابعك ،تقلب يمنة ويسرة ،بتزامن مع نطقك لتسابيح ترضي الرحمن ،وترفعك مقامة..نعم القاك.. في وجوه الناس التي امامي ..لا ارى سواك .. بحكمتك ..وعطفك وابتسامتك الناعمة ؛التي تنعشني وتسحرني كلما لمحتها ..القاك ..في دعائي سرا وعلانيه؛ دعاءا بالشفاء العاجل ،وبان اراك مشافا معافا ،لا تشكو من شيء ،تماما كما كنت قبل اسابيع..القاك نعم ..في القهوه…اتذكر يا جدي ،حين طلبت مني فنجان قهوه ؛كامتحان لدخول الثانويه ،وكيف حضرتها لك بيد ترتجف؛ خشية ان لا تعجبك..إلّا انها اعجبتك ،واهلتني بقولك انها الذ قهوة تذوقتها في حياتك…آه جدي الحزن يربض على صدري..قلبي ينزف الما وكآبة واهً..فقد ادماه الفراق كحُرقة وضع الملح على الجراح.
احن اليك.. اتعلم كم اشتاق لك!؟ اشتاق لك اشتياق الصحراء لقطرة مطر!.. واشتياق السماء للشمس والقمر…. اشتياق الورد للندى، واشتياق الفلاح للثمر!..
اشتاق لك اشتياق ام لرؤية وليدها..واشتياق طفلة لابيها بعد العمل..اشتاق لك اشتياق وطن لحرية….. واشتياق محكوم مبد لالفرج !اشياق قلم مهجور.. بان يكتب يوما..!!اشتاق اليك جدي.. نعم فكل هذا مجتمعاَ ..لا يعبر عن اشتياقي الكبير..
كله جدي.. في بعدك شهرا عني …كيف لو.. اتنوي الغياب مدة اطول؟!لا ترحل.. لا يزال مبكرا..ارجوك جدي! لدي الكثير لاقول ..ولافعل ولاريك..
ليتك تعود الان ؛فتغمرني بكيانك ..لا اقدر دونك.. ولا اتحمل دون وجودك.. ارئف بنغنوشتك..عد الينا ..عد الي …عد الي !
جدي.. لقد طال الفراق.. كل ثانية كانت عقدا ،بل وقرونا من الزمن ،ولست ابالغ ..افتقدك اكثر من أي شيء اخر.. افكر بك دوما ،حتى وقت غفلتي، وتوقفي عن ذكرك، تاتي صورتك لتوقظني ..لا تسل كيف.. بل قل كيف لا!
كيف لا.. وانت اطيب انسان عرفته يوما.. كيف لا ..وانا من قضت جل طفولتها تحوم حولك.. فانا لي ان احيا دونك! الان عرفت.. يا لؤلؤتا عيوني.. مقدار حبي الهائل لك حقا، في بعدك.. بت ارى كل شيء بالرمادي القاتم ..كيف لا؟. وانت قوس القزح.. وانت كل لون حفظته على يديك في صغري ..الكون اعتم في وجهي ،الان ياجدي فقدت طعم الحياة …وهل للحياة بعدك من طعم! وحين يأتي الليل… اسكب دمعي، اذرفه شوقا للقياك….فانا ما عدت اتقن التمثيل…
اصارع يا جدي، غصة في حنجرتي تابى الخروج، وابقى منسدحة لساعات، افكر… وحين يطغى النوم على جفوني.. اغمضها واحلم بك فاغيب انا …ولكنك لا تغيب. اذهب الى منزلك….. فاحس بضيق يكتم انفاسي…. كأن كل شيء كفهر لخنقي…بالكاد اتماسك…فلا اجد صوت التلفاز يصدح بالاخبار… او بترتيل ايات القران الحكيم…ماعدت القى يا جدي… من يهوى شرب الشاي من تحت اناملي ….ماعدت القى من اصغي اليه في حكايات تاريخ الشجر والحجر…..لا استوعب ذلك….. لا اقدر!…. فانت ها هنا امامي! صوتك يرن في اذني…. صورتك تشخص في عيني… وها انا اقبل يديك التين لعب الزمن وقسوته دورا…. كبيرا في تجعدهما ..اقبل محياك الباسم دوما… ينبض املا ورضى ..فانت تملكني وتطغى علي.. فكيف لي ان استوعب..فلشفيك ربي ويعدك الينا سلما غانما , سوف نلتقي باذنه تعالى .. فاذا ما كانت اللقيا في الدنيا فاملي كبير انها ستكون في نعيم سرمدي يجمعنا.)))
املت عودتك …1\10\2016 ليلة الجمعه يا جدي….انهيت دعائي الذي تبلوره شفائك ..ووضعت راسي على مخدتي…تسربت الى ملامحي ابتسامة لطيفه ..نعم، فغدا سآتي لرأيتك سأقبل جبينك.. وبإذن الله ستفيق …حينها اخذتني مخيلتي، الى وقت عودتك.. وكيف سيكون الكون باسما مرحا بوجودك ،تلونه أزها الالوان..وسآتي اليك، فتقول لي، كما اعتدت دوما “اهلان امووله” فاقبلك يدك وخديك فتقول ” اموله نغنوشتي ،الله يرضي عليكي ،يا نغنوشه ” فاحمر خجلا.. وتشع عيناي فرحا .نجلس لتقص لي اياما مضت ،اي سؤال اساله تجيبني ،مع شرح مفصل فانت موسوعتي لم يبقى مجال وموضوع الا واقتحمته..وسآتي ايام الشتاء القارص..فترفع لي بطانيتك كما اعتدت دوما ،تدسني الى جانبك، وتربت على رجلي .. تسالني عن اخباري وكيف اُبلي ،”امل قومي! ،، امل ننروح عند دار سيدي!” …قطعت عليّ اختي حبل احلامي الوردية الوهمية التي لن تتحقق يوما .لم استوعب…فاجعة هزت المنزل، الجميع يبكي ..إلا انا ! فبت واقفة بلا حراك ..احاول الاستيعاب “سيدي مااااات!! سيديي مااات!!!” صاحت اختي وسط بحر دموعها!.. جفلت… ارتعدت… هزتني كلماتها ..حينها انهمرت دموعي …والغصة في حلقي خنقتني …والم حط على صدري…. تهاويت على السرير..
اتعلم يا جدي ؟!لا اصدق…جميعهم كاذبون ،عيناي واذناي ايضا.. لا اصدق.. فانا منذ ايام قليلة كتبت لك آملة عودتك لي.. كتبت لكي اقرأ لك… فتعلم مقدار الحب الذي اكنه في قلبي …ولم اصرح به يوما.. كي ترى مقدار الالم الذي اجتاحني في غيابك… مقدار شوقي.. علك تعود الي..جدي… املت عودتك عاجلا …وها انت عدت …لكن… بصورة اخرى لم اتخيلها يوما..صبرت.. تماسكت .. يا من علمني الصبر…ذهبت الى منزلك ..رايت جدتي فلم احتمل …عيني خانتني…غمرتها بقبل تهوي كالجمر على محياها الحزين.. تعصر عينيها الما…ذهبت اتجول في بيتك ،اجرُ رجلاي ورائي… وقفت عند ذلك الباب ،الذي امامه قبلتني اخر مرة زرتك.. وكم اكثرت من قبلك ..واحتضنتني قويا ..اكنت تعلم؟!لم لم تخبرني؟! لو انني علمت انه اخر عناق.. لولله ما تركتك ابدا!…. ااه جدي.. تهاويت ارضا …ارفع راسي ،وارى طيفك امامي… احاول امساك ذيله ،لكن عبثا..في مكان غسلك ،وقبل مجيئك …استرقت رشة من عطرك الزكي ..وبقيت اشمها طوال الوقت..اتيتَ يا جدي ..ها انت عدت .. عدت للوداع ،وكم الوداع مؤلم مرير…رايتك فلم اعرفك !..عرفتك اسمرا طوال حياتي…فما بك إبيضيت الان ..اهذا انت ..كأن وجهك يشع ضياءً..ابتسمت لبسمتك…جلي صدري حال رأيتها..اقتربت منك… وحين لامست شفتاي جبينك.. سعقت ..ما بالك بارد هكذا ..احقا كل هذا!؟.. قبلتك مرة اخرى …وابعدوني عنك… احسست اني احلم …وان هذا من نسج خيالي المر… فمتى ستوقظني؟.. متى تطمئني! يا سندي ،وتقول لي انك بجانبي.. ولن تذهب..رفعت نظري الى اعلى ..كلمت روحك.. واخبرتك بحبي …ودعتك …وداعا مؤلما…ودعوت لك، اتمنى انك سمعتني….اخرجوك…. فتسابقت دموعي تنهمر غزيرة كشلال ازلي .. اذهبت بلا رجوع؟! .. لكن حفيدتك.. لكن نغنوشتك لم تشبع منك!.. فمن سيسالني عن اخباري؟.. من ساراقبه يتناول منديلا ويطويه مرتين بدقه..من.. سيشجعني… لصيام ايام فضيلة معه ..من سيقلني لمدرستي ان اتى يوم عاصف ماطر كالذي مضى.. من سيهمه امري؟! من سيكون سندي من بعدك؟!اغمضت عيناي على امل عودتك وشفائك …وفتحتها بالم ..شق قلبي لفراقك..جدي… رحمك الله.. اعلم انه راحة لك… فقد صبرت وجابرت كثيرا ..وحان وقت راحتك في جنان الخلد باذنه تعالى…ساعمل جاهدة للقياك ،ولرضاك..سلم على جدتي مطيعه وعلى رضى عثامنه رحمهما الله…
لا..لن تكون يا جدي ..من ينسى مع مشاغل الدنيا.. وان نسوك ؛فاطمئن …نغنوشتك لن تنساك من ذكرها ودعائها حتى تلقاك ..فليعني ربي وليعن جدتي، ويعنا جميعا على فراقك ..اشتقت اليك ..
اهواك.. واحبك حبا جما..وسابقى دوما نغنوشتك…
حفيدتك المخلصة.. امل
الفاتحه عن روحك الطاهرة… جدي… الحج محمد خالد كساب صعابنة….
رحمك ربي…

بقلم امل عبد السلام صعابنه.

unnamed

‫10 تعليقات

  1. امل الغالية
    إن الموت حق والفراق صعب ، وكل ما اشتد الحزن شل التفكير وعجز القلم عن التعبير، ولا نقول إلا ما أمر الله به (إنا لله وإنا إليه راجعون) فكم يؤلمنا فراق جدك ولكن إرادة الله فوق كل شيء،
    ولكنها الأقدار هي التي تختار، وإنها إرادة الله التي ليس منها بد، فالى جنان الخلد رحلت عمي ابو خال وفي مستقر رحمته طبت، ولسنا وحدنا من يفتقده فقد منحه الله المحبة من جميع عباده في الحياة وفي الممات، فلله الحمد والشكر على ما اعطى وما أخذ

  2. الله يرحمه ويجعل مثواه الجنة وسائر موتى المسلمين امين
    يااااااااااااااااااارب

  3. رحمة الله عليه يا أمل
    بوركت على هذه الكلمات الرقيقه
    انت مبدعه كما عهدناك

  4. الله يرحمو الحاج العم ابو خالد سنفتقده – كان مميز ورجل هادي جدا – لكن لا اعتراض على قضاء الله له ولجميع اموات المسلمين الفاتحه

  5. لا فض فوك يا امل.. نعم اليراع يراعك ونعم الجد جدك، اغبطك على كلامك الرائع واتمنى لك ولجدك
    الجنه ونعيمها…

  6. صديقتي الغاليه حبيبتي امولي
    الله يرحموا ويجعل مثواه الجنه اصبري ان الله مع الصابرين
    وانا كلي فخر بك يا اختي امل على هذه الكلمات المعبره المليئه بالاحساس والمحبه
    الله يخللي اياك واتمنى لك ولجدك الجنه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة