الإستقلالية لإبنك المراهق

تاريخ النشر: 15/02/15 | 15:24

عندما يصل الطفل إلى مرحلة المراهقة. تنفجر عنده عدة رغبات ليشعر بالإستقلالية في كثير من التصرفات مثل السفر وحده والشعور بالحرية لممارسة نشاطاته لذلك يحذر المختصون بأنه إذا لم يتعود منذ الصغر على حسن إستخدام الإستقلالية فإنه سيقع ضحية أخطاء هو في غنى عنها.

إن الإستقلالية في التصرف إن كانت داخل الأسرة أو في المجتمع- نسبية لأننا دائماً ومهما تقدمنا في العمر نظل نسأل ونبحث عن آراء من هم أكثر منا خبرة في شؤون الحياة لتعلم الأشياء فالقيود الأسرية والإجتماعية قد تعوق الشعور بالإستقلالية التامة للفرد ولكن هذا لا يعني لجوء الأبوين إلى فرض رقابة صارمة تشعر المراهق بأنه مخنوق.

الدراسة كتبتها الباحثة الإجتماعية البرازيلية آليني كورتيز وبينت فيها أنه مع هذه الحقيقة حول الإستقلالية يمكننا أن نعوّد أبناءنا على تحمل المسؤوليات عندما يقررون القيام بنشاطات دون تدخل الآخرين فإن أخطأوا التصرف يكن دور الأبوين هو الإشراف والتنبيه وإعطاء النصيحة.

منذ السنوات المبكرة:
برأي آليني المحاضرة في علم الإجتماع في الجامعة الفيدرالية البرازيلية في مدينة ساو باولو، أنه يتوجب على الأبوين أن يفهما أن القدرة على منح الطفل الإستقلالية هي عملية طويلة تبدأ منذ السنوات المبكرة من العمر، وتتطلب الكثير من الانتباه.

تعلّق آليني: “هناك بعض العادات الصغيرة التي يمكن أن تحفّز الطفل على الشعور بالإستقلالية نفسية كانت أم فسيولوجية”.

فترك الطفل يلعب بألعابه منفردًا لبعض الوقت مهم جدًا لشعوره بالإستقلالية ولذلك ينصح الأبوان بترك ألعابه في الأماكن التي يمر منها عادة وتركه يختار ما يشاء منها وحده لأن ذلك يعوّده على حرية الاختيار.

وحذرت آليني من أن إجباره على اللعب بألعاب مفروضة عليه لسبب من الأسباب تجعله يتمرد ويطالب بأخرى غير التي قد ملّ منها والأمر الوحيد الذي يجب أن ينتبه إليه الأبوان هو سلامة الطفل وعدم التدخل في إختيار ما يريد اللعب به.

التشجيع على الإستقلالية:
ينبغي على الأبوين إدراك أن ابنهما يحتاج إلى تحفيزه وتشجيعه على الاستقلالية، وتطوير حسه بالاستقلالية النفسية والفسيولوجية.

تستدرك آليني: “ليس من المفروض ملاحقة الطفل خطوة بخطوة أثناء اللعب وحده لأنه عندما يشعر بأنه مراقب بشكل دائم فربما سيلجأ إلى تصرفات مضادة في محاولة للخروج عن الروتين المفروض عليه”.

إن الأبوين يركزان التفكير والجهود لحماية الطفل بشكل يفوق الحد وهذا سبب لتمرد بعض الأطفال الذين حتى وإن كبروا سيفهمون معنى الإستقلالية على أنه تمرد على الآخرين.

وأوضحت آليني أنه ليست هناك سن معين لتعليم الطفل الاستقلالية لأن تطور كل طفل يختلف عن الآخر من الناحية البدنية والفكرية.

ولذلك يجب أن يبدأ الأبوان بهذه العملية بمجرد شعورهما بأن طفلهما قادر على القيام بمهام بسيطة بمفرده مثل تركه يستحم وحده وتركه يرتدي حذاءه بنفسه وإرتداء ملابسه وحده، وإن أخطأ يجب عليهما تعليمه كيفية التصحيح وليس القيام بالشيء بدلاً عنه.

الإستقلالية في فترة المراهقة:
إن دور الأبوين يظل مهمًا بالنسبة لمفهوم الإستقلالية عندما يصل الطفل إلى سن المراهقة، فيجب أن يعلما أن كل سن تجلب معها طاقة معينة حول الإستقلالية لأن نمو الطفل يعني نمو القدرات عنده.

تتابع آليني: “إن سن المراهقة فترة إنتقالية بالنسبة للاستقلالية وهي بالضبط الفترة التي تفصل بين سن الطفولة والشعور بالنمو، ولهذه المرحلة متطلباتها” ويجب على الأبوين تقديم ما أسمته الباحثة بـ”وثيقة الإستقلالية” للمراهق بهدوء ودون ضجة لأن هناك آباء يزيدون من الضغوط على أبنائهم عندما يصلون سن البلوغ.

هذه الضغوط لن تفيد إذا لم يكن المراهق قد تعوّد منذ الصغر على حدود الاستقلالية الممنوحة لهن وهذه المرحلة تتطلب الحوار حول حدود الإستقلالية وتعليمه الفرق بينها وبين الفوضوية؛ لكي يتعرف المراهق على المسؤولية المترتبة على الاستقلالية.

وهذا الحوار يعتبر ضروريًا لأن الأبوين لن يكونا حاضرين في حياته كما كانا عندما كان طفلاً صغيرًا وبهذا الغياب تدخل آفاق جديدة حول الاستقلالية.

السفر والصداقة والعائلة:
إن بعض الآباء يمنعون أولادهم المراهقين من السفر وحدهم وبناء الصداقات ولكن يجب عليهم أن يدركوا أن منع المراهق من ذلك سيشعره بأن معاملة الأهل له لم تتغير منذ أن كان صغيرًا.

وفي هذه الحالة سيكون تمرده أخطر لأنه قد يلجأ للتحدي والمواجهة وبذلك تضيع كل الجهود لتعريفه بالإستقلالية في التصرف.

فليس من الخطأ برأي “آليني” أن يدع الأهل مراهقيهم، يسافرون بمفردهم مع مجموعات من الأصدقاء المعروفين لدى الأبوين.

وهناك حقيقة يجب أن يدركها الآباء وهي أن المراهق لا يحب السفر مع الأبوين دائمًا دون أن تكون له حرية التحرك للسفر مع مراهقين من سنه ومن نفس درجة تفكيره.

وينطبق الأمر أيضًا على بناء الصداقات فيجب أن يشعر المراهق بالاستقلالية في اختيار صداقاته دون تدخل الأبوين؛ لأنه سيكتشف الفرق بين الصديق الجيد والسيئ وإذا عمل ذلك فإن وعيه تجاه بناء الصداقات سيتطور.

وضمن العائلة فإن دور الأبوين يجب أن يتحول إلى دور المرشدين والناصحين؛ لتعليمه إحترام الإستقلالية الممنوحة له عبر الحوار الذكي.

03

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة