كنز الإبتسامة

تاريخ النشر: 01/09/14 | 13:41

خرج سعيد من المدرسة بصُحبة صديقِه نبيل، وفي أثناء سيرِهما تصادفا بسيِّدةٍ عجوزٍ فقيرةٍ تجلس على ناصية الشارع.
فتَّش نبيل في بنطالِه قبل أن يُخْرِجَ ريالاً كان يحتفظ به واتَّجه في هدوءٍ للعجوز الفقيرة ودَسَّ الرِّيال في كفِّها ثم انصرف سريعاً عائدًا لصديقِه سعيد.
شعر سعيدٌ بالحَرَج؛ لأنَّه لم يستطعْ أن يفوزَ بثوابِ الصَّدقةِ كصديقِه نبيل، كان يتمنَّى لو كان يمتلك مالاً كصديقهِ لتصدَّق دون تفكيرٍ، ولكنَّه لا يحصلُ على مصروفٍ كبيرٍ كمصروف نبيل.
عاد سعيد لدارِه حزيناً وأغلق حجرتَه على نفسه وجلس يُفكِّر، هل لأنَّه فقيرٌ ولا يملك مالاً يتصدَّق به يُحرم من ثواب الصَّدقة.. متى سيُصبح معه مالاً ليتصدَّق ويفوزَ بالحسناتِ.
في هذه اللحظةِ دخلتْ عليه أمُّه فوجدتْه مُستلقياً على فراشِه في حزنٍ، اقتربتْ منه ورسمتْ على شفتيْها ابتسامةً واسعةً وربَّتتْ على كتفِه في رفقٍ وهي تسألُه: ما لي أراك لا تجلسُ معنا الليلةَ؟
أجابها ونبراتُ الحزنِ واضحةٌ في صوتِه: لا شيءَ يا أمِّي.. لا شيءَ.
وهنا شعرتِ الأمُّ أنَّ هناك شيئًا أصاب ابنهَا لذا ظلَّتْ تُداعبه وتُلاعبه لتعرفَ سرَّ حزنِه، ومع محاولاتِ الأمِّ المتكرِّرة انهمرتِ الدُّمُوعُ من عينَيْ سعيد وارتمى في حضن أمِّه وأخبرها بكلِّ شيءٍ، أخبرها أنَّ صديقَه نبيل يتصدَّق كثيرًا على الفُقرَاءِ ويفوزُ بالأجر العظيم وأنَّه لا يستطيع أنْ يتصدَّق مثله لأنَّهم فقراءُ.
اتَّسعت ابتسامةُ الأمِّ ونظرتْ لوجهِ صغيرها قائلةً: ومَنْ أخبرك أنَّك لا تستطيعُ أنْ تتصدَّق يوميًّا وتفوز بالأجر؟
أجابها سعيد من بين دموعه : لأنِّي فقير لا أملك مالاً للصَّدقة كنبيل.
ارتسم الحنانُ على وجه أمِّه وهي تقول: ومَن أخبرك أن الَّذي لا يملك مالا لا يتصدَّق؟
وما أن أنهتِ الأمُّ عبارتَها حتى أخبرت ابنها أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أوصانا بالصَّدقة، وأخبرنا أنَّ تبسُّمَك في وجهِ أخيك المؤمن صدقةٌ، فمُجرَّد ابتسامةٍ رقيقةٍ تنال بها ثوابًا عظيماً من الله.
فَرِحَ سعيدٌ كثيرًا بما قالتْه أمُّه ونَسِيَ حزنَه تماماً، وفي اليوم التَّالي وفي أثناءِ خروجِه من المدرسة هو وصديقه نبيل لم يحزنْ حين امتدَّتْ أصابعُ نبيل للفقيرةِ بالصَّدقةِ.. بل ارتسمتْ على وجهِه ابتسامةٌ رائعةٌ جعلتِ المرأةَ العجوزَ تنظر إليه وتبتسم هي أيضاً..
منذ اليوم سيتصدَّق سعيد كثيرًا.. سيتصدَّق بما يملكُ.. بالبسماتِ المُخلصةِ.

2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة