قلبي على اهلنا في غزة

تاريخ النشر: 26/07/14 | 13:02

تراودني افكار سوداء وتعتريني مشاعر الاسى وأنا اتابع مجريات هذه الحرب القاسية التي لا دافع لها ولا مبرر. اعود بذاكرتي قبل حوالي خمسه اعوام الى يوم زيارتي الى قطاع غزة المحاصرة بصحبة زملاء لي من منظمة اطباء من اجل حقوق الانسان فخلال تلك الزيارة التي قمنا بها مباشرة بعد انتهاء تلك الحرب التي اسموها “حرب الرصاص المسكوب” عام 2009-2008 التي راح ضحيتها ما يزيد على الف ومئة مواطن فلسطيني بالاضافة الى الاف الجرحى المخطرين معظمهم من الاطفال الصغار والنساء والمسنين الذين لا حول لهم ولا قوة.
راعني هول منظر المباني والشوارع وكانه ضربها زلزال مدمر فالبيوت والبنايات انهارت ودمرت والشوارع تشققت وتحفرت وانتشرت رائحة الموت في كل مكان. وكان الناس يسيرون بين الخراب صامتين وفي عيونهم حزن واسى، يسيرون ولا يدرون الى أي جهة يقصدون، وانتشرت معالم الدمار والخراب في كل ارجاء المخيمات ومدن القطاع.

1

في العيادة التي اقمناها في احد مخيمات اللاجئين (البريج) انكشفت بعض الماسي من مخلفات الحرب الغاشمة، فلا يزال يهدهد في اذني صوت تلك الام الشابة وهي تدفع الكرسي ذو العجلات الذي جلس عليه ابنها الذي لم يتجاوز الاثني عشر عام، وقد اصيب من شظية قنبلة اطلقتها طائرات الاباشي بينما كان في ساحة منزله حيث اصيب بالعامود الفقري مما ادى الى حدوث شلل كامل في اطرافه السفلى واضحى مقعدا الى الابد، قالت بصوتها المتحشرج وقد خنقتها الدموع: “انظر ما فعلوا بابني وحيدي، ما الذنب الذي اقترفه هذا الطفل، لماذا يحاصروننا ويقتلوننا، نحن نريد العيش بسلام، اريد ان يفك الحصار، وتفتح المعابر حتى استطيع ان اعالج ولدي هذا” ثم انحنت تقبل ابنها المسكين وفد انهمرت الدموع غزيرة من مقلتبها… ولا استطيع ان انسى ذلك الرجل ابن الخامسة والخمسون الذي بترت ساقه من تحت الركبة بعد ان انهار بيته على من فيه جراء اصابته بصاروخ اطلق من طائرة تحوم في الاجواء وتزرع الموت فاستشهدت زوجته وابنه خلال الغارة. كانت الامه لا تطاق، تلازمه بلا انقطاع وكان لا يزال يشعر بالجزء المبتور من ساقه مما يزيده الما وما هو معروف طبيا “الام الفانتوم –الام ما بعد البتر” والتي تحتاج الى علاج معقد لا يوجد مثله في القطاع.

2

حالات كثيرة لا حصر لها تحكي ماسي والام شعب يعيش مند ثمانيه اعوام تحت الحصار والتجويع والعقاب الجماعي فكل مرة وقبل ان تبدا جولة جديدة من حرب مدمرة يصرخ الزعماء هنا في هذه البلاد اننا سنقضي عليهم، سنقتلهم، سنوقف اطلاق الصواريخ الى الابد،ونعيد الامن والسلام الى شعبنا في اسرائيل، كانهم لم يتعلموا الدرس فغباء العنجهيه والغطرسه غشى اعينهم.
انهم لا يعلمون بانهم لن يستطيعوا استمرار احتلال ارض الشعب الفلسطيني والسيطرة عليه الى الابد ولن يستطيعوا القضاء على هدا الشعب الصامد. ان السلام بين الشعوب يتحقق عندما تحصل على حقوقها وحريتها وكرامتها الانسانيه والقوميه.

د.رفيق مصالحه
اخصائي امراض الاعصاب
وعضو في جمعية اطباء من اجل حقوق الانسان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة