عذر ذلك المفطر علنا أقبح من ذنب

تاريخ النشر: 13/07/14 | 11:50

قال صلى الله عليه وسلّم: “لخلوف فم الصائم أفضل عند الله من رائحة المسك” (خلوف: رائحة فم الصائم)
لم أسأله عن سبب إفطاره العلني في شهر الصوم، شهر رمضان المبارك، فهذا ليس من حقي في وقت أصبح فيه- النهي عن المنكر- تطفلاً وتدخلاً في شؤون الغير وفي خصوصياتهم التي هي ملكهم وحدهم. وبدون مقدمات، بدأ يبرر إفطاره، قال: بالأمس كنت في الجامعة الفلانية وفي قاعة الامتحانات جلس بجانبي زميل صائم انبعثت من فمه بين الفينه والأخرى رائحة (…) وقد بلغ التضايق مني أشده عندما تحدث إلي عن قرب، ويضيف محدثي: ورأيت المراقب في قاعة الامتحانات يتحاشى الوقوف بجانبه والتحدث إليه وبسبب رائحة فمه، وبعبقرية وذكاء خارقين يخلص محدثي إلى: الإفطار… الإفطار محافظة على رائحة فمه الزكيّة وعلى الجانب الجمالي فيه- وحتى لا يتعرض لمثل ذلك النفور الذي تعرض له زميله الصائم، وأكثر من ذلك، وما العمل وحظه كما يدّعي مع حواء وبناتها كحظ يوسف الصديق مع زوجة عزيز مصر! وسكت محدثي… وسادت بيننا لحظة صمت طويلة كنت أفكر فيها بهذا المنطق الغريب العجيب وقسته أكثر من مرة من قمة رأسه حتى أخمص قدميه علني أكتشف تفسيراً لهذا القول المستهجن البعيد عن الحقيقة والمنطق، وفي هذه الأثناء اقترب مني حتى أصبح وجهه من وجهي قاب قوسين أو أدنى، وخُيّل إلى محدثي أنني أقنعت بما قاله، أو أنه أفحمني بحجته، ودفعته نشوة نصره هذه إلى إطلاق ضحكة هي إلى القهقهة أقرب منها إلى الضحك، انطلقت معها ومن فمه رائحة كريهة، ارتددت بسببها وبحركة لا إرادية بضع خطوات إلى الوراء بهت معها محدثي وبدا الانفعال عليه عندما رآني أشيح بوجهي عنه، وباستغراب مشوب بالقلق سألني: وماذا بك؟! ولماذا أشحت بوجهك عني؟! وابتسمت، أو قل، افتعلت الابتسامة وقلت: المعذرة، يا عزيزي… يبدو لي أنك صائم وكأني بك تصوم الدهر كلّه!!
وبسذاجة أذابت معها عبقريته التي فاخر بها قبل ثوان قال: ولكني مفطر… والله مفطر… وماذا تعني بقولك هذا؟
أجبته وأنا أحاول الانشغال بأمر ما واهم بالانصراف: من فمك أدينك ومن فمك أحكم عليك.

الأستاذ حسني بيادسه

7osnebiadse

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة