حِكَم ومقاصد الصوم

تاريخ النشر: 29/06/14 | 8:45

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه، اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تشرح بها صدورنا وتنور بها قلوبنا وتعيننا بها على قضاء حاجتنا…
لن نتطرق الى الصوم واركانه وشروطه ومكروهاته، لأنها اصبحت من البديهيات، وانتشرت المقالات والفتوى بها حتى اصبحت موجودة في جميع المواقع، وان كانت من الامور الواجبة علمها على كل مسلم بالغ عاقل، فالصوم واجب على كل مسلم بالغ عاقل خال من الموانع الشرعية والمبيحة للفطر.

اما ما يعنينا ومدار بحثنا فهو الصوم والغاية منه والمقاصد التي نبلغها بالصوم، وهي:
1- تحقق التقوى: قال تعالى (يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) البقرة 183. فالمراد والغاية من الصيام هي التقوى، وهي ان نستشعر عظمة الله ومراقبته لنا في كل احوالنا لكي نسمو في المقامات ونعلو في الدرجات ونرتقي في مفهوم العبادات، لان اخطر ما يكون علينا ان تتحول العبادات الى عادات، وتفتقد العبادات للخشوع فلا ينالنا منها الا التعب والجوع والعياذ بالله، والله تعالى امرنا بالصوم لتتحقق فينا معاني التقوى، وان كثير من الناس لا ينالهم الا الجوع والعطش، ويحذرنا نبي الرحمة فيقول “رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه الا السهر”.
وللتقوى ثمرات وقد ذكرت في القران الكريم 258 مرة بصيغ مختلفة، فبشر الله تعالى عباده المتقين في كتابه ببشارات عديدة وجعل للتقوى ثمرات وفوائد جليلة.

2- تربية النفس ومجاهدتها: فمن المعلوم ان النفس امارة بالسوء، ومن افضل السبل في تربيتها هو الصوم، فالصوم يكبح جماح النفس والشهوات ويهذبها ويمنعها من الوقوع في المعاصي والزلات، وقد نصح وقال عليه الصلاة والسلام ” يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر، واحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم “، فالصوم يهذب النفس ويكسر الشهوة ويغلق بابها، وان الشهوة لتضعف بالصيام،وفي هذا الشهر تصفد الشياطين، فيكون هذا الشهر هو العلاج للنفس في تهذيبها وتربيتها، كيف لا وفي هذا الشهر تفتح ابواب الجنة وتغلق ابواب النار وتصفد فيه الشياطين، اذا لا وسوسة من شيطان ولا تزين من نفس في هذا الشهر الكريم. وعلى اثر ذلك يكون العبد اقرب ما يكون الى تعالى في هذا الشهر بكثرة العبادات والطاعات والبعد عن المعاصي والرذائل والزلات. واود ان انوه ان مفهوم العبادة اكبر ما يظنه الكثير منا، فلا تقتصر العبادة على الصلاة والصيام وقراءة القران، بل ان جميع معاملاتنا وتعاملنا عبادة اذا اقترن بالنية، فرب عمل صغير عظمته النية، فلا نستصغر عملا يكون عظيما ان كان ابتغاء لمرضاة الله و فالصدقة على اهل البيت عبادة وصدقة وفيها الاجر الكبير، حتى ان من الامور العادية التي هي من باب المباحات كالأكل والشرب والنوم لنا فيها صدقة واجر كبير، نعم لا نستغرب، الم تسمع قول النبي عليه الصلاة والسلام ” وفي بضع احدكم صدقة، قالوا: اياتي احدنا شهوته ويكون له فيها اجر ؟ فقال: ارأيت ان وضعها في الحرام اكان عليه فيه وزر فكذلك اذا وضعها في الحلال كان له اجر ”

3- الصبر: ومن فوائد الصوم وغايته التحلي بالصبر وتقوية الارادة، فرمضان شهر الصبر، وفي الحديث ” الصوم نصف الصبر ” والصبر هنا مركب فيكون صبر على طاعة الله وصبر عن محارم الله وصبر على اقدار الله، فكل معاني الصوم تتواجد في الصوم، فان الصبر على ترك الاكل والشرب والمباحات، والصبر على الناس وايذائهم لا يكون جزاءه الا الجنة ” وبشر الصابرين “، ” ولمن صبر وغفر ان ذلك من عزم الامور “، وفي الحديث ” وان امرؤ قاتله او شاتمه فليقل اني صائم “، اذا فالصوم هو اساس الصبر والعكس هو الصحيح، فمن غضب ولم يصبر في نهار رمضان بدعوى انه صائم، فانه غير صائم كما اشرنا في الحديث السابق، أي ان صومه في خطر، كما ان الصبر اعظم ما يكون في مجاهدة النفس في سبيل التحرير والخلاص من عبودية النفس “والانا ” الى عبودية الله تعالى وحده.

4- الرحمة والاخوة: وهي من اهم المبادئ التي ينهض بها المجتمع الاسلامي، ولا يكون التراحم والتعاطف بين المسلمين حتى يشعروا ببعضهم البعض، وقد قال عليه الصلاة والسلام ” مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى “،وان شهر رمضان اكثر ما يكون ويترجم حال هذا الحديث في تعاطف الناس وتراحمهم لبعض، ومن لم يشعر بذلك فليراجع نفسه. فشهر رمضان هو فرصة للغني بان يشعر بحال الفقير ويشعر بآلام الفقر وشدته ومرارة الجوع وضراوته.

خلاصة: يجب ان نتغير في رمضان الى الافضل والاحسن في تعاملنا مع الاهل والجيران مع القريب والبعيد مع المسلم وغير المسلم مع جميع الناس، يجب ان يكون حالنا غير ما نحن عليه طيلة السنة، وان كان ذلك مطلوبا كل السنة، ويجب عقد النية بان تكون كل اعمالنا واقوالنا لله تعالى للنال الاجر الكريم، ويجب ان نهذب انفسنا ونجاهدها ان همت بالمعصية، وان نستشعر حال الاخرين المستضعفين في الشام وارض الكنانة وجميع بلاد المسلمين، ونحمد الله على ما انعم علينا من نعم كثيرة لا تحصى.

اللهم بلغنا رمضان وبارك لنا فيه واعنا على صيام نهاره وقيام ليله اللهم امين.
وكل عام وانتم بخير.

1

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة