في رثاء بروفيسور فاروق مواسي

تاريخ النشر: 13/07/20 | 18:46

بقلم الشاعرة ميساء الصحّ

يا ليتَني ودَّعتُكُم بزيارةٍ
تجلو الأنينَ ووطأةَ الأحزانِ

مخنوقةٌ حدَّ العذابِ قَصيدتي
تبكي الصِحابَ ومَن مضوا بهوانِ

كنتُ امتلأتُ هناءةً في ذكرِكُمْ
أمسى الصميمُ مواطنَ الأشجانِ

ما كنتُ أدري أنَّهُ برحيلِكُمْ
كلُّ الذي من حولِنا هوَ فاني

فكتبتُكُمْ علَّ الكتابَ يُريحُني
فازدادَني من وغرةِ اللَّهبانِ

ما للُّغاتِ تحطَّمَتْ من بعدِكُمْ
تبكي على طللٍ أوى خِلّاني؟!

لا العلمُ يصلحُ حالهُ بِغِيابِكُمْ
لا الحرفُ يزهو في رُبى الأخدانِ

من ذا يُصَوِّبُ ثُلَّةً إنْ أخطأتْ
من ذا الطليقُ بلفظةٍ وبيانِ

من ذا يشجِّعُ طفلةً كي ترتَقي
من ذا يُلبّي دعوةَ الإخوانِ؟!

آهٍ على طلّابِ علمٍ ما اكتفوا
قُلْ مثلُكُمْ أيُعادُ في الأكوانِ؟!

كلماتُكم وفّرتُها بذَخيرَتي
فتجاوزتْ قِمَمًا على 1(طقْرانِ)

أيكونُ مَن يخطو سبيلَ علومِكُم
هل تختفي مع نقمةِ النسيانِ ؟!

يا حافظَ القرآنِ سرِّ رشادِكُمْ
يا من رفعتُم رايةَ الإيمانِ

لستَ المَقودَ لِحاقدٍ ينوي الرَّدى
إن حاولوا لنفختَهُم كدُخانِ

أنتَ الطبيبُ بحكمةٍ أسدَيتَها
عِظَةُ الجهولِ بِبَلْسَمِ الأذهانِ

يومًا قصدتُ ديارَكُم فوصلتُها
وأخذتُ أرْقُبُ 2(باقةَ) البُلدانِ

فوَجدتُها بعدَ الرحيلِ تبدَّلَتْ
ِلا السعدُ يعرفُ مُهجةَ السكّانِ

ما للديارِ غريبةً من بعدِكُمْ
وكسا ابتئاسٌ هيئةَ الجيرانِ

وكأنَّما غابَتْ شموسٌ وانقَضَتْ
جفَّتْ مياهٌ في حِمى الشطآنِ

يا دارَ علمٍ فاخِري في مَن مَضوا
مدّي الرؤوسَ بأفخرِ التيجانِ

فنَظَرْتُكُمْ في صورةٍ قَد عُلِّقَتْ
ورأيتُكُمْ في مُحتوى الأركانِ

وَبَنى الخيالُ قصورَهُ فوجدتُكُمْ
فُقتُمْ بِلفظٍ أعذبَ الألحانِ

قمتُم لنا لترحّبوا بضيوفِكُمْ
فكَما عهِدنا الأصلَ في الحسبانِ

بالسعدِ كُنتمْ تطفحونَ حياتَكُمْ
حبُّ الحياةِ مَسرَّةٌ وتهاني

جالستُكُمْ وحديثُنا مِترنِّمٌ
حولَ العلومِ ورِفعَةِ الإنسانِ

فهُنا رَسمْنا خِطَّةً كي نهتديْ
وَهُنا كتَبنا نُصْرَةَ الأوطانِ

لكنَّهُ كُسِرَ الخيالُ بواقعٍ
وفُتاتُهُ بشظيّةٍ أبكاني

حتّى اللقاءُ مُمزَّقًا كمْ يَشتكي
بينَ الخيالِ وواقعٍ أشجاني

ما للدَّقائقِ تنقضي في ساعةٍ
واليومُ شهرٌ في احتسابِ زَماني

غدَتِ الحياةُ كمأتمٍ في طعمِها
بعدَ الرحيلِ وقسوةِ الهُجرانِ

قُلْ هل تعودُ للحظةٍ كي نحتفيْ
لتَجودَ فِكْرًا زاخِرًا بمعاني؟!

وَتَرٌ على صدرِ القصيدةِ إسمُكُمْ
والنَّثرُ منكَ كَريشةِ الفنّانِ

جفَّ المِدادُ وما اكتفى في وصفِكُمْ
وتركتُ شيئًا عالقًا وَيُعاني

من بعدِكُمْ ما غرَّدَتْ عصفورةٌ
أوْ أزهرَ التُّفّاحُ في بُستاني

قُلْ هل يعودُ الراحلونَ لِأرضِنا
هل ذا الدُّعاءُ مُحقِّقٌ لِأماني؟!

ناديتكُمْ فوقَ الجبالِ صَبيحَةً
عادَ الصَّدى بظهيرةٍ وَكَواني

يا حاضرًا بينَ الجموعِ بفكرِهِمْ
قُلْ هل يموتُ الحيُّ في الوجدانِ؟!

مُذْ أنْ غدوتُم للسماءِ برحلةٍ
حَطَّ الأسى بقصائِدي ودَعاني

أينَ انتأيتُم في ربيعِ عطائِكُمْ
وقْعُ الرَّحيلِ كصخرةٍ صَوّانِ

خيرًا بذرتُم في بسيطةِ شعبِكُمْ
حانَ الحصادُ وذا قضا الرحمنِ

ربّاهُ فارحَمْ من سَعى من أجلِنا
واجعلْهُ يَثوي هانِئًا بِجِنانِ

————————————-
1-طقران وهو جبل يقع في منطقة جازان
2-باقة هي اسم بلدة الراحل

تعليق واحد

  1. فعلا ..كان رحيل الشاعر الاديب البروفيسور فاروق رحيلا مؤلما بل وحزينا لانه ترك ساحة العلم والتعليم وطفق يبحث عن ملاذ من هذا العالم ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة