هكذا أنا (2) بقلم زهير دعيم

تاريخ النشر: 20/04/20 | 8:35

يلَذّ لي أن اتعثّر في شِعاب الأيام، واتمرّغَ فوق ثرى الوطن، وأملأ أنفي من شذىً يتضوّع مجدًا وعرقًا وحياةً ، تربّص لها الموت الزؤام مرة في الزوايا الحالكة ، وعاد لا يلوي على شيء، يجرّ ذيل الخيبة ، ويلعق دمًا ينزف من جراح الهزيمة . …
اوّاه…
الدرب الطويل ينكمش وينكمش ، والافق الغربيّ يتضرّج ، بينما تدبّ الحياة في القمر الشاحب المُعلّق في مدارج السماء ، فيروح يغمز بمُقلة شهلاء نجمة تبرّجت على شُرفة الفضاء .
مهلاً يا لوحةً مسائية أخذت بمجامع نفسي !!
عُذرًا …لن يخيفني الدّرب القصير !!
ولن تخيفني عقبة كأداء تقتعد دربي ، ولن أتشاءم من بومٍ هنا او بومة هناك تسكن جذع شجرة عجوز ، وتندب فوق الحطب حظّ العابرين .

سأنفض الغُبار عن ثيابي وأُلملم نفسي ، واُغنّي أغنية المحبة ، وأروح وعشق ربّ الحياة السرمديّ ، يستوطن عظامي ،أسير والإنسانية المُعذّبة ، أسير وأنا أبكي أطفالًا عضّهم الجوع واليُتم وحصاد الاقتتال، وهدّهم جوى التّرحال والشمس تحرق منهم البشرةَ والآمال .
أنّى لي غير ذلك ..أنّى لي فهذا ناموسي الأزليّ.
فأنا – وأستميحكَ يا مَنْ تقرأني ألف عُذر- مفطور على حُبّ الناس ، وعلى الذوبان في عُصارة الحِسّ البشريّ ، فلا لون عندي للون ولا عِرق ولا قبيلة .

أُغنّي الأنسان -أيّ انسان- قصيدة عِشقٍ أزليّ ، حكتها السماء للأرض ، وسقتها الغيوم المُنهمرة مطرًا نميرًا , فاخضرّت في كَنَفٍ دافئ ينسى قاموسه العِداء ، ويزركشه التحنان بهمسات حميمة وأريج عَطِرٍ.
هكذا أنا؛ أحبابي أطفالٌ تطلّ الحياة الشاحبة من عيونهم الباكية فابكي ….. أبكي ظلمًا تجبّر ،وأملاً ذرته الريح فوق خارطة القُطب .

هكذا أنا …
أعبد الربّ الحنّان ، وقلمًا يخُطّ الجمال والأحلام والآمال . وأقدّر المعول والفلاح والرّاعي يسوق الغنمات ، أعشق بلبلاً يشدو وديكًا يصيح على شُرفةِ الصباح ، والأهم إنّي أعبد الهًا عنوانه المحبة، طريقه المحبة ، الهًا هو المحبة بعينها .

بقلم زهير دعيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة