جلال صفدي: هيا بنا لنضيء الشموع بدل أن نلعن الظلام…

تاريخ النشر: 21/04/14 | 17:20

في الآونة الأخيرة، قدّم مسؤولون كبار في الحكومة الإسرائيلية اقـتـراحا لضم كتل استيطانية إلى إسرائيل مقابل ضم أراض إسرائيلية في منطقة المثلث ووادي عارة للدولة الفلسطينية العتيدة. وفق هذا الاقـتـراح يتوقف المواطنون العرب في هذه المناطق عن كونهم مواطنين إسرائيليين ويصبحون مواطني السلطة الفلسطينية.
بصيص النور في هذه الفكرة المقلقة والتي هي ليست دستورية ولا قانونية يكمن في أنها أثارت نقاشا عاما، مُهما بحد ذاته، حول مكانة العرب مواطني دولة إسرائيل. رئيس الدولة شمعون بيريس انـتـقـد هذا الاقـتـراح القاضي بتبادل سكاني ضمن إطار اتفاق مع الفلسطينيين وقال: “أنا لا أعـتـقـد أن هذا الاقـتـراح عمليّ. أنا أيضا لا أقبله من الناحية المبدئية”. وجاء في أقواله: “ليست لدينا أية سلطة لانـتـزاع مواطن من مكانه بسبب كونه عربيا. المواطنون العرب، في نظري، هم ككل المواطنين، لهم نفس الحقوق”.
انـتـقـاد الرئيس بيريس ينضم إلى انـتـقـاد وزيـر الـداخـلـيـة جـدعون سـاعَـر، والذي قال: “كوزير الداخلية، أريد أن أتوقف عند مصطلح المواطنة. المواطن الإسرائيلي ليس غرضا ولا يمكن نقله في إطار تسوية سياسية”. لقد شرح أن عرب إسرائيل ” هم مواطنون متساوون، وفي كل اتفاقية سلام مستقبلية لا يمكن المس بمواطنتهم. يمكن التحدث عن مساواة في الحقوق ومساواة في الواجبات، لكن مصادرة مواطنتهم يجب ألا تـُطرح للنقاش”.
خصوصا على خلفية هذا النقاش رأيت أنه من الصواب أن أعرض “فـلـسفـتي” حول التوازن بين الهويات المركـَّـبة للعرب مواطني دولة إسرائيل، والتي أعرضها خلال محاضراتي أمام الجماهير من الوسطـَيْن في جهاز التربية والتعليم.
منذ العام 1948 تحدد مستـقـبل ومصير الأقلية العربية مع دولة إسرائيل، والسؤال الذي طرح منذ ذلك الوقت هو:

كيف نعرّف أنفسنا كعرب داخل دولة إسرائيل؟
من ناحية هناك مركـِّب الهوية القومي وهي هوية عربية بجذور فلسطينية ومن الناحية الأخرى هناك مركـِّب الهوية المدني وهي هوية إسرائيلية نظريا وعمليا.
لا يمكن الـتـنـكر لأية واحدة من هاتين الهويتين المركـِّبتين لهويتنا كعرب داخل دولة إسرائيل.

والسؤال هو: كيف يمكن خلق التوازن بينهما؟
إنني أرى أنه يمكننا أن نحافظ على الهوية القومية العربية وأن نكون فخورين بالتراث، باللغة، بالـثـقـافـة، بالأدب، بالفلكلور والتقاليد العربية، وفي الوقت نفسه يمكننا أن نحافظ على الهوية المدنية التي تتجلى في كوننا مواطنين إسرائيليين نتمتع بحقوق وعلينا واجبات كسائر المواطنين.
خلال حوار أجريته مؤخرا مع عمي الذي يعيش في كندا منذ سنة 1968 تحدثنا حول موضوع تركيبة الهويات. لقد أكد لي أهمية هويته المدنية الكندية التي تكمل هويته القومية العربية وادعى أيضا أنه من أجل الاندماج في المجتمع الكندي فإنه ملزَم بتحقيق مواطنته على أفضل وجه.
على خلاف الذين يدّعون أن هناك تضادّ بين الهويتين المذكورتين أعلاه، أرى أنْ لا تضادَّ بين الهويتين وأن الواحدة مكملة للأخرى، وهذا يعني أنني كعربي وكمواطن إسرائيلي أستطيع الحفاظ على هويتي القومية العربية وعلى هويتي المدنية الإسرائيلية وإيجاد التوازن بينهما، تماما مثل العربي الفلسطيني الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية أو في كندا أو في أية دولة أخرى.
كمواطنين عرب في الدولة يجب أن نطمح في الاندماج فيها والمساهمة في تطورها وصقلها، في أن نعيش فيها بكرامة وفي أن نناضل لنيل حقوقنا الكثيرة التي نستحقها بصورة ديموقراطية.
إن السبيل الوحيد للاندماج الصحيح ولبناء تعايش سليم بين مواطني دولة إسرائيل اليهود ومواطني دولة إسرائيل العرب يجب أن يستند إلى الأساسات التالية:
التربية على ثـقافة الحوار والنقاش الديموقراطي بيننا مع إبداء الاحترام والتقدير المتبادلين.
تـقـليص العنف والجريمة المتفشية في مجتمعنا.
بناء جهاز تربية قيمي- أخلاقي جيد.
تعليم عال ٍ لأبناء الشبيبة العرب.
إيجاد فرص عمل لأبناء الشبيبة.
حلول سكن للأزواج الشابة.
إعطاء الأمل لأبناء الشبيبة العرب عن طريق توفير أطر وبرامج لأبناء الشبيبة.
حسب مفاهيمي علينا أن نطالب الدولة بشكل حازم بدمجنا في المجتمع بصورة كاملة وتوفير الفرص أمام مواطني إسرائيل العرب لسد الفجوات في كافة المجالات، وفي الوقت نفسه علينا أن نربي أبناء شبيبتنا على المواطنة الصالحة والإسهام للدولة.

التوازن بين هويتنا القومية وهويتنا المدنية هو الحل الصحيح لنا مواطني إسرائيل العرب.
إننا نحيا في نظام ديموقراطي يرتكز على مبادئ وثيقة الاستقلال وأحد أساسات هذا النظام هو المساواة بين كافة المواطنين دون تمييز في الدين، العرق والجنس، حرية التعبير عن الرأي والتسامح.
إنني أناشد إخوتي العرب مواطني دولة إسرائيل – تعالـَوا نحافظ بفخر على هويتنا العربية وفي الوقت نفسه تعالـَوا لنكون فخورين بمواطنتنا الإسرائيلية. إذا عرفنا كيف نحترم أنفسنا، كيف نحترم هويتنا وكيف نندمج كمواطنين فخورين في الدولة فإننا سنبني لأنفسنا مستقبلا أفضل.
هيا بنا لنضيء الشموع بدل أن نلعن الظلام…

جلال صفدي- مدير المجتمع والشباب- المجتمع العربي- وزارة التربية والتعليم.

Untitled-1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة