المواطنون العرب في اسرائيل ليسوا في جيب احد

تاريخ النشر: 04/03/20 | 9:29

لا شك أن ثلاث جولات انتخابية للكنيست في أقل من سنة هو أمر مرهق للناخبين وللمرشحين على حد سواء؛ لكن عندما يكون هناك هدف يصر اصحابه على تحقيقه، فلن يكون لديهم وقت للتعب او حتى الشعور به؛ وهكذا كان حال العرب في اسرائيل ومرشحيهم للكنيست ال 23. لقد استوعب المواطنون العرب في اسرائيل انه لم يعد لهم خيار آخر بعد صفقة القرن وبعد قانون القومية والقوانين العنصرية الأخرى، الا ان يعتمدوا على انفسهم وان يوحدوا صفوفهم ليحافظوا على كرامتهم. ايضا لكي يزيدوا من تمثيلهم في الكنسيت، لعل وعسى، يزيد ذلك من قوة تأثيرهم، وليسدوا الطريق امام اليمين بزعامة نتنياهو من تشكيل حكومة يمينية عنصرية. لقد استطاع العرب من زيادة عدد ممثليهم في الكنسيت؛ فبعد ان كان عددهم في الكنيست السابقة 13 عضوا، اصبحوا اليوم 15 عضوا في الكنسيت ال 23، الأمر الذي جعلهم القوة الثالثة في الكنيست، وهذا يعتبر انجاز لا يستهان به ولا سيما ان الجماهير العربية في اسرائيل وبعد ان استشعرت الخطر ، التفَّت حول قياداتها هذه المرة وخرجت للتصويت، فزادت نسبة التصويت في المجتمع العربي بحيث بلغت 65% تقريبا وكانت معظم الأصوات لصالح القائمة المشتركة. غير ان العرب لم يستطيعوا ان يحققوا هدفهم الأهم وهو اسقاط نتنياهو وابعاده عن الحكم. وكيف لداهية في السياسة مثل نتنياهو ان يسمح للمركب ان يسير إن لم يقده هو بنفسه الى الجهة التي يريدها؟! فرغم الثلاث تهم الخطيرة المتهم بها، ورغم عمل معظم الأجهزة في الدولة لإسقاطه، ورغم بلوغه سن السبعين؛ الا انه بثبات أدار بنفسه معركته الانتخابية واستعمل فيها كل تكتيك قد يفيده في جلب الأصوات؛ لقد نزل الى الشارع والناس وخاطب كلا منهم باهتماماته، لقد قام بمهاتفة الناس واسمع صوته لهم يوميا عن طريق مهاتفة مسجلة لمدة لا تزيد عن نصف الدقيقة، في حين ان قيادات الأحزاب الأخرى اوكلت لناشطين في احزابها ان ترسل للناخبين رسائل نصية وباسم الحزب ومعظم هذه الرسائل تتضمن الاستطلاعات. لقد “لعب” نتانياهو على الوتر الحساس لكل شريحة من شرائح الناخبين؛ للمسلمين الحج مباشرة الى السعودية ؛ للأثيوبيين وعْد بإحضار أخوتهم الاثيوبيين الذين ما زالوا في اثيوبيا الى اسرائيل، وغيرهم وغيرهم… صحيح ان لنتانياهو ظهر يسنده (امريكا) لكنه داهية، لقد استعمل كل اسلحته في المعركة الانتخابية حتى تلك غير الاخلاقية، يقينا منه ان السياسة لا تحكمها الأخلاق.، حتى راح البعض بصفه بالساحر، لكن عذرا من هؤلاء البعض؛ فالساحر سيبقى ويظل لقب خفيف الظل وجميل الهيئة والقريب من قلوب معجبيه، سيظل لقب الساحر مسجلا باسم الفنان المصري الراحل محمود عبد العزيز؛ اما نتنياهو فهو ثعلب ومدرسة في السياسة القذرة.
قلت ما قلته عن نتنياهو لا ابراز حنكة نتنياهو السياسية ومهاراته التي يمتلكها وتماسكه في احلك الظروف؛ وانما لكي يعرف مَن يجب عليه ان يعرف، ان اسقاط نتنياهو يكون على يد مَن مثله في الحنكة السياسية، ومثله في التمثيل على المسرح. اما قيادات المشتركة واعضاؤها فليس لهم الا ان يتكاتفوا معا وان يحافظوا على وحدة المشتركة رغم وجود الاختلاف في الايدولوجيات بين عناصرها، لأن هذا مطلب الجماهير في المجتمع العربي؛ وهذه الجماهير ، جماهير واعية، مثقفة، لها كرامتها وذات حس وطني، تعطي ثقتها لمن يستحق، وقد استحقها قيادات المشتركة هذه المرة، لكن الجماهير في المجتمع العربي ليسوا في جيب أحد عندما تخيب آملها، لا في جيب الاحزاب الصهيونية، ولا في جيب المشتركة .
***********
بقلم الكاتبة، جميلة شحادة// الناصرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة