نسبة الحسم أم ساعة الحسم؟

تاريخ النشر: 16/04/14 | 12:25

بقلم: المهندس محمد يونس

تتزايد، في هذه الأيام، الأصوات التي تطالب بجمع الحركات والأحزاب العربية تحت سقف قائمة مشتركة تخوض انتخابات “كنيست إسرائيل” المقبلة.
ويأتي هذا الإلحاح بمطلب القائمة الواحدة في أعقاب مبادرة الائتلاف الحكومي في إسرائيل إلى تعديل بعض القوانين بهدف تدعيم الاستقرار الحكومي وتقليص حجم الضغوطات التي تتعرض لها الحكومة ورئيسها من قبل الشركاء في الائتلاف ومن قبل المعارضين على حدٍ سواء. يتفق ويجمع خبراء العلوم السياسية أن الكتل البرلمانية الصغيرة والكثيرة في “الكنيست” هي من عوامل عدم الاستقرار في نظام الحكم الإسرائيلي. وكما نعرف، الكتل البرلمانية العربية الممثلة في “كنيست إسرائيل” عادة ما تكون الأصغر من بين الكتل الناجحة في الانتخابات حيث تتعدى نسبة الحسم (1% ثم 1.5% ثم 2%) بصعوبة بالغة. ومع تعديل نسبة الحسم إلى 3.25% في آذار 2014، يصبح خوض الانتخابات بثلاث قوائم مختلفة بمثابة مجازفة قد تنتهي ببقاء المرشحين العرب خارج “كنيست إسرائيل” (في الانتخابات الأخيرة سنة 2013 حصلت القائمة العربية الموحدة على نسبة 3.65% أي أعلى من النسبة الجديدة بينما حصلت قائمتي الجبهة والتجمع على نسب تصويت أقل من النسبة الجديدة 2.99% الجبهة و- 2.56% التجمع). بل إن البعض يقول أن لقوائم العربية هي المستهدف الأساسي لهذا التعديل.
لا أريد الخوض بأي نقاش حول نجاعة العمل من أجل حقوق الفلسطينيين من خلال مؤسسة “كنيست الدولة الصهيونية” في هذا المقال وذلك لأن هذا الموضوع قد حسم بالنسبة للقوائم التي تشارك في الانتخابات منذ عقود. ولكنني أريد أن أناقش فكرة القائمة المشتركة والتي تناقش قبل كل انتخابات ثم تتلاشى عند تسليم قوائم المرشحين إلى لجنة الانتخابات المركزية. الجديد هذه المرة هو شعور بعض الناس أن ساعة الحسم قد حانت وذلك بفضل رفع نسبة الحسم. سأتحدث عن هذا الموضوع من خلال مناقشة النقاط التالية:
1. مبدأ التعددية؛
2. حيثيات ودوافع تشكيل القائمة المشتركة؛
3. ووحدة الصف والمصير المشترك؛
مبدأ التعددية:
ينسى بعض الناس أن المجتمع الفلسطيني الموجود ضمن حدود دولة إسرائيل هو شعب، أو جزء من شعب وليس حزبًا سياسيًا.ومن الطبيعي أن يحتوي الشعب الواحد على تنوعٍ ما من الأفكار والمواقف والمبادئ والقيم ووجهات النظر. فهناك من يتبنى مواقف اليمين وهناك من يميل إلى اليسار، هناك المتدين والمحافظ والعلماني، وهناك الرأسمالي والاشتراكي. وهناك العقائدي والبرغماتي والمنتفع وغيرهم من الفئات. والحركات والأحزاب التي تشكلت داخل هذا المجتمع، ما هي إلا مرآة تعكس هذا الانقسام الموجود في الشارع. من هنا، فأنا لا أعتقد أن فكرة تشكيل قائمة عربية واحدة هي فكرة سليمة. فهي تلغي هذا التنوع وتمنع عن الناخب العربي إمكانية الاختيار ومعاقبة المقصرين في الانتخابات المقبلة. كيف سيمثل من يطرح شعار “الإسلام هو الحل” أبناء الطوائف غير المسلمة؟ وهل سيستطيع العلماني أو الشيوعي التصويت له؟ أي فكرٍ ستتبنى هذه القائمة؟ هل ستجمع بين الإسلام والشيوعية والفكر القومي؟ برأيي سيرفض الناخب العربي الذكي هذه “السلطة الفكرية” غير الممكنة. ومن هنا تأتي ضرورة الاستمرار بالحفاظ على تعددية حزبية تمثل التعدد الفكري القائم داخل المجتمع.
حيثيات ودوافع تشكيل القائمة المشتركة:
لو قامت الأحزاب والحركات العربية بالمبادرة لتوحيد صفوفها من منطلق وحدة الأهداف والمصير، وضرورة العمل المشترك في مواجهة مخاطر وسياسات الحكومة الإسرائيلية العدوانية، لحظيت هذه المبادرة بالترحاب والتأييد. ولكن هدف تشكيل هذه القائمة، كما نشتم من رائحة النقاش الدائر، هو حماية الكراسي التي تلتصق بها بعض القيادات وليس حماية مصالح الناس. وكذلك لا نرى أن هذا النقاش يأتي باستراتيجيات جديدة لتتبناها القيادات العربية وتعمل بموجبها. بل يدور الحديث حول توزيع المناصب وترتيب المرشحين في القائمة. أعتقد أن ترتيب المرشحين ليس ذلك الأمر الجوهري الذي يشغل بال المواطن الفلسطيني ضمن حدود دولة إسرائيل. بل إن ما يشغله هو الأدوات والوسائل التي سيستعملها هؤولاء المنتخبون في حماية مصالحهم وتحصيل حقوقهم كمواطنين دافعي ضرائب وكفلسطينيين يدفعون ثمن الاضطهاد الذي تمارسه الدولة الصهيونية في حقهم. إن لم تكن النوايا سليمة، ودوافع الترشيح المشترك صادقة، فلا داعي لمثل هذه القائمة.
وحدة الصف والمصير المشترك:
رغم ما قيل أعلاه، والذي يمكن الاستنتاج من خلاله إنني أعارض تشكيل قائمة انتخابية عربية مشتركة، إلا إنني أرى أن هناك ضرورة لتوحيد صفوف القوى السياسية الفلسطينية العاملة داخل حدود دولة إسرائيل. توحيد الصفوف وليس توحيد القائمة الانتخابية. برأيي، الطريقة الأمثل لتوحيد الصفوف هي وضع إطار عمل مشترك ورسم الخطوط العريضة المتفق عليها والخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها. وهذا شيء ممكن إذا تم الاتفاق على ميثاق عملٍ مشترك يحدد مطالب العرب كمواطنين دافعي ضرائب لدولة إسرائيل. تشمل هذه المطالب المساواة في الخدمات والميزانيات وحق الإدارة للمؤسسات الخاصة بالمجتمع العربي كجهاز التربية والتعليم والتلفزيون الرسمي باللغة العربية ووقف سياسة التضييق وسلب الأراضي وهدم البيوت غير ذلك من مطالب. أما المطالب القومية الوطنية فهي تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني بكافة مركباته والتي يعتبر المجتمع العربي داخل حدود إسرائيل واحدًا منها. هذه هي نقاط الخطوط العريضة التي يجب على الحركات السياسية الاتفاق عليها والالتزام بها والعمل من أجل تحقيقها مع إبقاء هوامش للاجتهاد والارتجال والاختلاف في وجهات النظر والاستراتيجيات.
أما الخطوط الحمراء فهي تلك المتعلقة بالتصدي للخدمة المدنية والعسكرية، والتصدي للنزاعات الداخلية وخاصة تلك التي تحمل الصبغة الطائفية. والنهي عن محاربة الشريك -الخصم السياسي بدل التركيز على مقاومة العدو المشترك المتمثل بسياسات الدولة الصهيونية. والالتزام بمرجعيات الشعب الفلسطيني وعدم قبول وصايات غريبة وخارجية قد تغري بعض الحركات والأحزاب بمالها وتبعدها عن ثوابت الشعب وقضيته.
الخلاصة:
بناءً على ما قيل أعلاه، أدعو الأحزاب والحركات السياسية العربية الى التوصل إلى ميثاق شرف وإعلان نوايا تحت رعاية لجنة المتابعة (والتي يجب إحيائها) من أجل أن تتركز الجهود على ما هو مشترك ومتفق عليه من قبل غالبية القوى السياسية.
ومن جهة أخرى، أحذر الحركات والأحزاب من خطر القائمة الواحدة والتي تلغي التعددية الفكرية وتقلص من إمكانيات الاختيار المتوفرة للمواطن العربي. فهناك من يفضل اليسار وهناك من يؤيد القوى المحافظة وهناك من يقاطع الانتخابات كليًا ولكنه مستعد للتعاون مع باقي القوى السياسية، حتى تلك الممثلة في “كنيست إسرائيل”،من أجل الدفاع على ما تبقى من كرامة.

m7mdyones

تعليق واحد

  1. خيا لو رفعوها أكثر بكون أحسن بكثير. خلي أعضاء الكنيست يتعلموا درس. كل همهم الكراسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة