ذكرى مجزرة كفر قاسم

تاريخ النشر: 29/10/19 | 14:01

بقلم : شاكر فريد حسن

تصادف اليوم الذكرى الثالثة والستون لمجزرة كفر قاسم الدموية الرهيبة، التي ارتكبتها قوات أمن المؤسسة الحاكمة في التاسع والعشرين من تشرين الأول العام 1956 بدم بارد، وذهب ضحيتها 49 شهيدًا من النساء والشباب والرجال والشيوخ العمال العائدين الى منازلهم بعد يوم عمل خارج البلدة.

وارتبطت هذه المجزرة بأسماء عدد من العسكريين الاسرائيليين، من بينهم الضابط يسخار شدمي الذي استدعى شموئيل ملينكي وأبلغه بقرار تكليفه مهمة حراسة الحدود وفرض منع التجول في البلدة وعدد من البلدات المجاورة، ثم أعطى تعليماته باقتراف المجزرة الوحشية، التي ستظل وصمة عار تلطخ جبين المحافل والاوساط الاسرائيلية.

وكانت الحكومة الاسرائيلية برئاسة بن غوريون حاولت إخفاء حقيقة المجزرة، لكن النائبين الشيوعيين الراحلين توفيق طوبي وماير فلنر فضحا حقيقة المجزرة، بعد أن تمكنا من التسلل للبلدة واستقصاء الحقائق من الشهود والمصابين، واعداد الوثائق الخاصة وطرحها في الكنيست وتوزيعها على وسائل الاعلام والسفارات الأجنبية.

وبفضل هذه الجهود اضطرت الحكومة الاسرائيلية إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق والبدء في اجراء تحقيق أسفر عن محاكمة مسؤولين مباشرين عن المجزرة والحكم على شدمي بقرش واحد.

لقد كان هدف المجزرة بث الرعب والذعر وفرض جو من التخويف والارهاب بين السكان في البلدة ومنطقة المثلث، ليتسنى طردهم وترحيلهم والاستيلاء على أراضيهم. لكن ذلك لم يتحقق، فقد صمد الاهالي وتمسكوا أكثر بالأرض والتراب والوطن والهوية.

إن أكثر ما نعتز بإبرازه في هذه الذكرى الخالدة للمجزرة، أن الدم الطاهر لشهداء كفر قاسم لم يذهب هدرًا، فشعبنا لم ولن يركع. فقد شب على الطوق، وعبر حاجز الخوف، وتعلّم من تجربته المخضبة بالدم، أن لا طريق أمامه لمواجهة سياسة المجازر والعدوان والحرب والقهر والاضطهاد القومي والتمييز العنصري، التي ينتهجها ويمارسها حكام اسرائيل ضد جماهيرنا العربية الفلسطينية التي بقيت في أرضها ووطنها، وللحفاظ على وجوده وحاضره ومستقبل تطوره، سوى الكفاح السياسي والنضال الجماهيري المنظم، وبأوسع وحدة وطنية وميدانية.

وقد تجلت هذه الوحدة بأبرز وأبهى صورها في يوم الأرض، ويوم صبرا وشاتيلا، والنشاطات الداعمة لانتفاضة الحجر الفلسطيني، وهبة اكتوبر وغير ذلك من أيام البطولة والكفاح والمناسبات الوطنية.

ورغم مرور أكثر من ستة عقود على مجزرة كفر قاسم إلا أن السياسة الرسمية لحكومات اسرائيل المتعاقبة والعقلية العنصرية تجاه شعبنا لم تتغير بتاتًا، بل تزايدت وتعمقت أكثر، وأحلام التهجير والترانسفير والطرد من الوطن ما زالت تراود الأوساط اليمينية المتطرفة الحاكمة، والحية الرقطاء لا تزال عطشى للدماء – على حد قول شاعرنا الراحل سالم جبران.

إننا لن ننسى ولا نغفر، وسنظل نحيي ذكرى شهداء كفر قاسم العطرة، وشهداء فلسطين أجمعين، ونُذَكِرّ بصمود أهلنا في كل أجزاء الوطن الفلسطيني، وتضحياتهم الجسام ونضالاتهم الدؤوبة لأجل البقاء والحياة والتطور العصري والمساواة في الحقوق، وفي سبيل السلام العادل والشامل والثابت، سلام الشعوب بحق الشعوب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة