شَاعِرُ الأجيال

تاريخ النشر: 26/05/19 | 11:46

(في رثاء الشاعر الكبير (نزار فباني) – في الذكرى السنوية على وفاته )
( شعر : حاتم جوعيه – المغار – الجليل – فلسطين )

شاعرَ الاجيالِ قد طالَ الثّواءُ – لا مُجيبٌ وِلكمْ عزَّ اللقاءُ
وَربيعُ الشَّرقِ أضحَى مُقفرًا – وَذوَى وردُ المُنى ..زالَ السَّناءُ
وعذارى الشعرِ تبكي جَزَعًا – منذ ُ أنْ غابَ عن ِالدوح ِ الغناءُ
ما لقاسيونَ تلظَّى واكتوَى – ودمشقُ العربِ يحدُوها البكاءُ
يا كنارَ العربِ قدْ ضاقَ المدَى – جَفّتِ الادمعُ …ما أجدَى العزاءُ
رائد التجديدِ في عصر ذوى – فيه روضُ الشعر..جاء الدخلاءُ
يا نبيَّ الشعرِ فَي عصرِالدُّجَى – نُكّسَ الشعرُ وماتَ الأنبياءُ
كم دموعٍ سُكبَتْ في الغوطتي – نِ كبحرٍ ..ماؤُهُ الجاري دماءُ
أيُّها السَّيفُ الدمشقيُّ ائتلا – قا وفي الغربِ امتشاقُ وَمَضاءُ
أمَوِيٌّ تُهْتَ فخرا ً وندًى – يا سَليلَ العُربِ منْ فيكَ الشذاءُ
لكَ فوقَ النجمِ صرحٌ شاهقٌ – وبرُكنَيْهِ لقدْ حَفّتْ سماءُ
فربيعُ الشرقِ ولى وانقضى – منذ أن غبتَ خريفٌ وشتاءُ
وَوِهَادُ الروحِ ثكلىَ اقفرَتْ – لفهَا الليلُ وأضناها العناءُ
مجلسُ اللهوِ منَ الأنس خَلا – واختفى الصحبُ وولى الندماءُ
جنة ُ الدنيا غدت ْ ملتاعة ً – إيهِ سوريا أرَّق َ الجفنَ الشقاءُ
إيهِ سوريا ليسَ من بعدِ النوى – غيرُ ثوبِ الحزن.. ماعادَ انتشاءُ
“برَدَى ” ما عادَ عذبا ماؤُهُ – رنقا صارَ وَعزَّ الاستقاءُ
وحمامُ الشامِ قدْ بُحَّ فما – من هديلٍ ومنَ الدوح ِ خلاءُ

والدي في الشعر.. أستاذي وَنِبر – راسُ دربي.. وليَ الحرفُ اقتداءُ
لغة ُ القيثارِ والحُبِّ سَتَبْ – قى، وأنتَ الحلمُ فينا والرَّجَاءُ
شاعرُ المرأةِ قد صوّرتهَا – ببديع ِ الفنِّ.. . حلاها البهاءُ
فتجَلى الحبُّ في أسمى ضيا – ءٍ وتاهتْ في أغانيكَ الظباءُ
أنت َ للسمراءِ تبقى هاويا ً- أنا للشقراءِ حبٌّ ووفاءُ
وبحبٍّ وحشيشٍ قمرٌ – أنتَ للتجديدِ فيه الإبتداءُ
أنت فوق الفَرقدين ِ النيِّرَيْ – نِ سناءً وائتلاقا.ً.. لا مِرَاءُ
أنت َ ربُّ الفنِّ والشعرِ ورب ُّ -النهى والفكرِ … يكفيكَ الثناءُ
لفلسطينَ رسمتَ الشعرَ مَل ْ – حَمةَ الخلدِ وكم ْ كانَ العطاءُ
ولأطفالِ فلسطينَ شَدَ وْ – ت َ..خيوطُ الفجرِ دومًا والفداءُ
لقنوا المحتلَّ درسا ناجعًا – بنضالٍ… منهُ للأرضِ ارتواءُ
ثورةُ الاحجارِ قدْ واكبتهَا – بلهيبِ الشعرِ… هبَّ النُّجَباءُ
بدم ِ الأبطالِ… من آلامِهمْ – كُتِبَ التاريخُ قد زالَ الخفاءُ
رايةُ الشعرِ فمَنْ بعَدكَ يَرْ – فَعُهَا؟ .. يزهو المَدى ثم الفضاءُ
يا اميرَ الشعرِ منْ غيرِ مِرَا – ء ٍ أنا بعدكَ قال َ الخلصاءُ
إنَّ عرشَ الشعرِ مِنْ بعِدكَ لى – ذاك حقىِّ وليخزَى السُّفهَاءُ
إننا في الداخلِ صرنا مثلا ً – كم عميلٍ آبقٍ فيهِ الدهاءُ
كمْ خؤُونٍ شعره الزبلُ وأدْ – نىَ …نشازٌ صوتهُ دومًا عواءُ
يستغلُّ المنبرَ الهشَّ لَيَط ْ – عنَ بي .. لكنَّ مسعاهُ خواءُ
وقلوبٍ أترعَتْ الحقدِ والْ -غَدْرِ.. نحوي لا ودادٌ لا صفاءُ
وحثالاتٍ غدَتْ بالزِّيفِ قا – دَتِنا .. منهم فلا يُرْجَى الرجاءُ
لبسوا ثوبَ نضالٍ زائفٍ – وقريبًا عنهمُ ينضُو الطلاءُ
صُحفٌ صفراءُ تبقى لهمُ – إنها الخزيُ لشعبي والَوَباءُ
حاربوا كلَّ أبيٍّ صادق ٍ – خدمُوا الاعداءَ .. غابَ الامناءُ
وَضعُوا حولي سياجاً شائكاً – إنهُمْ أعداءُ شعبي العملاءُ
زرعُوا الألغامَ في دربي وكمْ – منعُوا يأتي نسيمٌ ورَخاءُ
وعلى شعري لكمْ ُهمْ عتموا – خسئوا لنْ يحجبَ الشمسَ غطاءُ
أنا ربُّ الشعرِ في الداخلِ رُغ ْ – مَ الاعادي وَلأشعاري البقاءُ
رافعُ الهامة أبقى شامخاً – ولغير الربِّ ما كان ولاءُ
جَنّدُوا الاوغادَ كلَّ الآبقي – نَ فلن يثني انطلاقي الجبناءُ
ثابت ٌ رغم َمتاهاتِ الردى – عن حياض الحقِّ هيهاتَ جلاءُ
أنا صوتُ الحقِّ أبقى، والضَّمِي – رُ لشعبي … وليخزى الخلعاءُ
فيسارٌ عندنا مثلُ يمينٍ – كلهُمْ في حقِّ شعبي لسَوَاءُ
لن يمرُّوا سوفَ أصليهم أنا – بلهيب ٍ… وغدًا يأتي النداءُ
إنني الحقُّ تجلّى ساطعا – وهمُ في نظرِ الشعبِ حذاءُ

يا بلادًا رتَّلتْ أنغامَهَا – مهجُ الاهلِ وَروَّاها السخاءُ
يا بلادي أنت روحي ودمي فوق احضانِكِ كم طابَ الفداءُ
نحنُ أقسمنا يميناً للفدا – لبزوغ ِ الفجرِ إنّا رُقباءُ

شاعرَ الأجيالِ تبقَى علمًا – إننا في الشرقِ دوما أوفياء ُ
نحنُ من بعدِكَ نمضي للعلا – بك َ حقا نقتدي … أنت َ اللواءُ
بدأ الشعرَ امرؤُ القيس ِ ففي – هِ ارتقى الشعرُ وفيهِ الازدهاءُ
عصرُ شوقي قبله عصرُ أبي الط – يِّبِ الكنديِّ .. نورٌ وارتقاءُ
ونزارٌ لخَّصَ الشعرَ بعَصْ -رٍ غدا فيهِ ركيكا.ً.. لا طلاءُ
وأنا منْ بعدهِ جدَّدْتُ في الشِّع ْ – رِ وأحدثتُ وما عادَ التواءُ
وتقمَّصْتُ الحضاراتِ وَجئ – ت ُ بما لمْ يَسْتطِعْهُ العظماءُ
أنا للشعبِ ورودٌ وشذا – وأنا للأرضِ التحامٌ والتقاءُ
قادمٌ منْ مدنِ الأحزانِ وَح ْ – دِي فغنِّي واهتفي لي يا سماءُ
شعراءُ الجاهليينَ ارتقوا – ببديع ِ النظم فنًّا .. كمْ يُضَاءُ
وسُموط ٍ عُلّقتْ في كعبةٍ – تُرْجمَتْ في الغربِ أحلى ما نشاءُ
إنما الشعرُ غدا في يومِنا – كالنفاياتِ أتاه ُ البلهاءُ
طلسَمُوا أقوالهم منْ دونِ معنى – وعافَ الشعرَ حتى البُسَطاءُ
” فنزار” و” أنا ” و”المتنبّي ” – و”شوقي ” نحنُ منهُمْ لبَرَاءُ

نمْ قريرَ العيننِ لا تحفلْ أسى – في بلادٍ قدْ فداها الشرفاءُ
جنة ُ الدنيا شآمٌ لم تزلْ – إيهِ يا شامُ لكَمْ طالَ الثوَاءُ
ولنا موعِدُنا فوقَ ذُرَى الشَّيْ – خِ حيثُ الثلجُ سحرٌ وغواءُ
ورُبَى الجولانِ للعربِ فدًا – يرجعُ الجولانُ… يأتي الأقرباءُ
كانتِ الأحلامُ في اكتوبرٍ – عرسُ تشرينَ لهُ الغربُ انحناءُ
قرَّةُ العينِ شآمٌ في دمي – هيَ للأعرابِ نبضٌ ودماءُ
ليتني أغفوُ أنا فوقَ رُبا – ها، زهورُ الروض قبري والشذاءُ
” فصلاحُ الدينِ ” يغفوُ هانئا في دمشقِ العربِ ثمَّ الأولياءُ
كم شهيدٍ راقدٍ تحتَ ثرَا – هَا وأزهارٍ سقاهَا الشهداءُ

يا أميرَ الشعر ما بعدَ النَّوَى – غيرُ حزنٍ وعويلٍ ..لا التقاءُ
لم تزلْ بلقيسُ في وجدانِنا – وردةَ الطهرِ وحَلّاهَا النقاءُ
إنها في جنةِ الفردوس منْ – حولها الحورُ العذارى والظباءُ
بعدك الحبُّ يتيما قدْ غدا – في ربوع الشرقِ ، والغيدُ إماءُ
كمْ فتاةٍ دمعُها الدّرُّ، ازدَهى – هاجَها الحزنُ وما أجَدى النداءُ
يا رسولَ العشق كم من غادةٍ أنتَ قدْ حرَّرْتهَا… زالَ العَناءُ
من قيودِ القهرِ قد أطلقتها – عرفتْ كيفَ العلا والإرتقاءُ
يُحشَرُ العُشَّاقُ من تحت لوا – ئِكَ … في ظلِّكَ كمْ يلقىَ العَزَاءُ
أنتَ مَنْ أمسكتَ شمسًا بيَمي – نٍ وفي الأخرى نجيماتٍ تضاءُ
كذبَ النقادُ فيما غُرِّرُوا – كلُّ ذمٍّ فيكَ قالوا َلهُرَاءُ
ومسوخُ النقدِ في الداخلِ هُم ْ – كحذائي قولُهُمْ عندي هبَاءُ
أنتَ فوقَ النقدِ..فوقَ الشعرِ..فو – قَ النهَى ..للعربِ مجدٌ وسناءُ
والذي جئتهُ يبقى خالدا – لو مضى مليونُ جيلٍ لا انتهاءُ
وشعوبُ الأرضِ فيكَ انبهرُوا – أنت َ عملاقٌ وصرحٌ وعلاءُ
أنتَ “دونجوانُ” جميعِ الغيدِ دَوْ – مًا … وحلمُ الغيدِ حَقًّا وبهاءُ
وأنا بعَدك أمضي قُدُمًا – أحملُ الراية َ يحدوني الإباءُ
تهتُ في الكونِ سناءً وسنا – وتهادَى في خطايَ الخيلاءُ
فالعذارى في هوانا تُيِّمَتْ – نحنُ أحلى منْ تغنيهِ النساءُ
وَضَمْمَنا المجدَ منْ أطرافهِ – وتسامَى الفنُّ فينا وَرُوَاءُ
يا أميرَ الشعرِ هلْ أجدَى العزاءُ – عجزَ الحرفُ وأعيَى الخطباءُ
رائدَ التجديدِ تبقىَ ملكا – فوقَ عرشِ الشعرِ أنتَ الإبتداءُ
( شعر : حاتم جوعيه – المغار – الجليل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة