إنطباعات حول رواية ” ليت ” للكاتبة رهف السعد

تاريخ النشر: 01/03/19 | 6:47

كانت الصديقة الكاتبة الفلسطينية المقدسية من أصل فحماوي ، الطالبة الجامعية رهف عز الدين السعد ” ، أهدتني مشكورة ، باكورة أعمالها الروائية بعنوان ” ليت ” ، الصادرة عن مكتبة ودار نشر ” كل شيء ” في حيفا ، لصاحبها الناشر صالح عباسي . وقد شدتني حكايات وشخوص الرواية وتطورات الاحداث فيها ، وأسلوبها المشوق ولغتها الرشيقة .

تقع الرواية في 197 صفحة من الحجم المتوسط ، ويحمل غلافها لوحة للتشكيلية صفاء دبس ، والتصميم لشربل الياس . وكتب مقدمة لها الأديب ابراهيم جوهر ، الذي كان قد درّسها موضوع اللغة العربية ، مقدمًا تلميذته صاحبة الموهبة ، ومعرفًا بها ، ومفسرًا معنى عنوان روايتها ” ليت ” .

تتناول الرواية هموم المجتمع ، وتطرح قضايا وموضوعات اجتماعية من الواقع الحياتي المعاش في المجتمعين الفلسطيني والعربي ، وتدور أحداثها حول الصراع بين الخير والشر ، بين الحب والكراهية ، دون ذكر للزمان والمكان ، وتنتهي بانتصار الحب على الكراهية ، والخير على الشر .

شخوص الرواية تتداخل فيما بينها ، وتتبادل الأدوار والقصص والحكايات ، وتتراوح بين الشخصية السلبية والايجابية . وأبطالها هم : راضي ( الأب ) ، صابرين ( الأم ) ، حسام وشريف ( الأخوين ) ، دلال وناي ( الأختين ) ، داغر ( العم ) ، ورياض شديد ( الجد ) . وتنجح رهف في اعطاء كل شخص الدور الملائم المنوط به ، الذي يناسب تطورات الاحداث في الرواية .

وتحتوي الرواية على غالبية العناصر الروائية ، وفيها نفس طويل ، وهي ذات طابع سردي ، وتدل فكرتها ولغتها على سعة ثقافة رهف السعد ، وعلى نضوجها الفكري والعاطفي والذهني ، ومعايشتها للأحداث ، وفهمها وادراكها الواعي لما يجري في محيطها الاجتماعي من مشاكل وصراعات وأزمات اجتماعية عميقة .

تلجأ رهف السعد إلى أسلوب الرسائل الورقية بين عدد من شخوص الرواية ، وتستخدم الكثير من المحسنات البلاغية ، وتكتب بلغة فصيحة بليغة باذخة مطعمة بالقليل من العامية ، وتوظف التناص الأدبي ، وتجيد اختيار بعض المقطوعات الشعرية لتخدم الغرض والهدف المنشود ، للشاعر الفلسطيني سميح القاسم .

ويستمتع قارئ الرواية بالنسج الشائق واللافت لصيرورة الأحداث ، وتزاحم الصور ، وقوة اللغة ، ودقة الوصف ، وجمال التراكيب ، والأسلوب الماتع المكتنز بالعبارات البلاغية والمحسنات البديعية .

ورغم بعض الهنات ، وقلة السرد ، وكثرة الحوار في الرواية إلا انها تبقى تجربة ناضجة في مجال الكتابة الروائية ، وخاصة أنها العمل الإبداعي التجريبي الأول . ويمكن القول أنها نجحت في تقديم رواية اجتماعية واقعية ، تصور وتجسد واقعًا إنسانيًا ضمن حياتنا الاجتماعية وحياة مجتمعات أخرى.

إنني إذ أهنئ الصديقة رهف ابنة صديقي الشاعر المبدع عز الدين السعد ، وكما يقال فرخ البط عوام ، وهذا الشبل من ذاك الأسد ، أتمنى لها النجاح والتوفيق في أعمالها القادمة ، فقد أثبتت بعملها الروائي ” ليت “، أنها موهبة تمتلك الأدوات واللغة والعناصر الفنية ، التي تؤهلها أن تكون كاتبة ناجحة في المستقبل ، ولها مني كل التقدير ، وقدمًا إلى أمام .
بقلم : شاكر فريد حسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة