أحلام مستغانمي.. قلوبنا معها وقنابلها ضدّناِ

تاريخ النشر: 10/02/19 | 8:29

سلسلة قراءة وعرض كتب المعرض الدولي بالجزائر 5

أنهيت البارحة قراءة كتاب: “قلوبهم معنا وقنابلهم علينا”، لأحلام مستغانمي، دار هاشيت أنطوان، الطبعة الخامسة، 2017، بيروت، لبنان، من 256 صفحة، الذي سلّمني إياه زميلنا الشاعر الأنيق محمد حراث. فكانت هذه القراءة:

أوّلا: أحلام كما قرأت لها سابقا

1. لم أقرأ روايات أحلام مستغانمي، وأتعامل معها من خلال مقالاتها التي بين يدي، وأخرى سبق أن قرأتها، وحوارتها التي أمكنني متابعتها. ونفس القاعدة أطبّقها مع غيرها الذين يكتبون الروايات والمقالات، وقد سبق أن تطرقت إلى بعضهم من نفس الزاوية.

2. أثنيت على الفيلم الجزائري “ذاكرة الجسد”، المقتبس من كتابها: “ذاكرة الجسد”، عبر مقال لي [1]، خاصّة في مجال استعمال لغة عربية جميلة، وسهلة، وسامية.

3. كتبت مقال[2] صغير جدّا غير منشور – فيما أعلم عبر الصحف -، أثني فيه على فيلم “ذاكرة الجسد”، وأطلب من خلاله تحويل الأعمال الأدبية إلى أفلام، ومسرحيات.

4. قرأت لها مقال وأثنيت عليه، وتابعت لها حوار أجرته في الجزائر، وهي باللّباس الجزائري الأصيل، واثنيت على صلابتها وقوتها، وإن كنت أعيب عليها ضعفها الواضح البيّن في طريقة الأداء، وقد استنكرت عليها ذلك.

5. كتبت مقال[3] عنها لم أذكرها بالإسم يومها، وكتبت حينها: ” يتعمّد صاحب الأسطر أن لا يذكر اسم الروائية ولا اسم صاحب الصوت، لأن الغرض هو حب الجزائر وكيفية حبها وليس الأسماء، التي تذهب وتجيء”، أعاتبها بشدّة وقوّة على احتكارها للجزائر لوحدها دون غيرها.

ثانيا: أسلوب أحلام السّاخر

6. واضح جدّا أنّ لأحلام أسلوبها الخاص بها، حيث اعتمدت نقل أحداث عربية وغربية، معتمدة على ثقافتها وقراءتها التي ظهرت جليا من خلال المراجع التي استطاعت أن تستحضرها.

7. تملك أحلام أسلوبا ساخرا مميّزا، امتاز بالقوّة، والوضوح، والبساطة، وتملك قدرة على دغدغة عواطف القارىء العاطفي، من حيث التركيز على عيوب العرب، ومساوى الجزائر، دون ذكر المحاسن والفضائل. والقارىء العربي والجزائري، يميل بقوّة لهذا النوع من الأسلوب، وبعض الكتاب ومنهم أحلام مستغانمي، يتعمّدون إرضاء هذا النوع من القرّاء، كما تبيّن لي وأنا أقرأ كتابها الذي بين يدي القارىء الكريم، العزيز علينا.

8. كانت في غاية العدل والإنصاف وهي تتحدّث عن الغرب وخاصّة الولايات المتحدّة الأمريكية من حيث الجرائم، والنّهب، والسّطو، والاعتداء، والقتل، ونسف الحضارات العريقة، تحدّثت في نفس الوقت وبإنصاف أيضا عن محاسن الغرب وخاصّة الولايات المتحدّة الأمريكية وهي تزور جامعتها، من ناحية حبّ العلم، والإنفاق عليه، وتقدير العلماء، واحترام الجهود، وتقديم أهل العلم.

9. أحسنت وهي تصف بدقّة عالية عيوب وجرائم الغرب والأمريكيين، معتمدة على الأرقام، وشهادات المجرمين منهم.

10. أقف مع أحلام وأساندها بقوّة في موقفها النّبيل والرّافض لإعدام صدام حسين رحمة الله عليه ليلة عيد الأضحى. وقد سبق لي أن كتبت في الموضوع كلّما أتيحت الفرصة، غير نادم ولا آسف.

11. معظم مقالات الكتاب، تتحدّث عن العراق، وحضارته، وخيراته، واحتلاله، وتدميره. وقد وقفت بحقّ بجانب إخواننا العراقيين حفظهم الله ورعاهم، وقاومت بشدّة قوّة الاحتلال الأمريكي للعراق. وهذه تسجّل في سجّل حسنات أحلام، وإخواننا في العراق مطالبون أن يحفظوا لأحلام هذا الموقف النبيل تجاه بناة الحضارة.

12. بالغت حين ظلّت تردّد عبارة “الطاغية”عبر كتابها، وعدّة مقالات.

13. اتّهت الرئيس العراقي صدام حسين رحمة الله عليه بالسّرقة في صفحة 87، حين قالت: “مليارات الدولارات الصعبة”، وهذا ما لم يقله أعداءه من الأمريكيين، والغربيين، والعرب. ولو أعلم أنّه سرق لذكرته بالإسم. وفيما أعلم لم يجدوا سنتيما واحد في المصارف الأوروبية والأمريكية، المعروفة بتهريب الأموال وتبييضها.

14. من شدّة تأثّرها بالمشرق العربي، تستعمل الشهور بلغة المشرق العربي، والأمثلة الشعبية المشرقية دون أن تنسبها لأصحابها، رغم أنّها ذهبت للمشرق العربي كبيرة ولم تكن طفلة صغيرة ليقال أنّها من العادي أن تتأثّر بهذا الشكل. وبدورنا نسأل الله أن يحفظ إخواننا في المشرق العربي، ويرزقهم الأمن، والاستقرار.

ثالثا: حكم أحلام

15. جاء في الكتاب عدّة حكم بليغة على لسان أحلام، ومن الأمانة نقلها وإعادة ذكرها ليستفيد منها القارىء: “نحن أمّ تصنع أصنامها 67”. “الغزاة كما الطغاة لا يأتون إلاّ لمن يناديهم 70”. “الشجاعة فن إدارة الخوف 90”. “الضحية دوما أكثر أناقة من جلاّدها 98”. “العدالة لا تحضر إلى المحكمة مقنعة 98″. ” من بعض فجائع هذه الأمّة، فقدان حكامها الحياء 119″. “الذي يحب لا يحسب 133”. “الانتصار المبني على فضيحة أخلاقية هو هزيمة 149”. “اختيار العدو هوعلم بحدّ ذاته 151”. “الأكاذيب السياسية تتناسل وتتكاثر 153”. “المواطن أهم من الوطن 250”.

رابعا: عتاب القارىء المتتبّع

16. تصف الجلاّد، والسّفاح، والمجرم، والمحتل، والمستدمر، والسّارق، والمغتصب، والقاتل، الجنرال ديغول بقولها في صفحة 23: “وقد سبق للعظيم الجنرال ديغول أن قال: … “.

17. حتّى وهي تفتخر بالرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد رحمة الله عليه، تصفه في صفحة 186، بقولها: ” كان يمثّل أمامنا دور الرئيس المصري”. وعليه أقول: لا أعرف – لحدّ الآن وفي حدود ما أعلم -، أنّ الشاذلي بن جديد كان يقلّد الرؤساء المصريين، أو معجب بهم، فهو شخصية “شاوية” لا تعرف الانقياد لأحد، وتحترم الآخرين. وللدلالة على ذلك، وجب إضافة أنّ من أسباب – أقول من أسباب – انقلاب “بومدين” على “بن بلة”، هوالخروج من محاولة هيمنة وسيطرة “عبد الناصر” على الجزائر، إبّان استرجاع السيادة الوطنية سنة 1962.

18. تتبنى أحلام فكرة: “من يقتل من؟”، و “كمن عليه أن يختار بين الطاعون والكوليرا”، كما جاءفي صفحة 230، وهي أفكار نجمت عن ظروف العشرية الحمراء التي مرّت بها الجزائر ، سنوات التسعينات من القرن الماضي.

19. تختار أسوء ما في العرب والجزائر، وتقدّمه بأسلوب مغري جدّا، تجعل القارى يزيد كرها وبغضا للجزائر والعرب.

20. لم تكن في المقابل أبدا عادلة منصفة وهي تتعمّد عدم ذكر محاسن الجزائر، وتبدع في ذكر المساوىء حتّى ولو لم يكن المقال والمقام يستدعيان ذكر مساوىء الجزائر. وقد أساءت كثيرا للجزائر من خلال التركيز على مساوىء الجزائر دون ذكر المحاسن.

21. لا أعيب على أحلام مستغانمي التحدّث عن مساوىء الجزائر التي لا ينكرها أحد، لكن أعيب عليها وبقوّة إهمال فضائل الجزائر. ومن مهام المثقف والكاتب أن يكتب عن المحاسن والمساوىء، لأنّه بحال يكشف الداء ويقدّم الدواء، ويأخذ منه باعتباره المنصف مع وطنه، والعادل مع أبناء وطنه.

22. ظلّت أحلام تشتم وتسب الجزائر من وراء البحار، ولم تذكر عبر 259 صفحة من كتابها، كلمة خير واحدة عن الجزائر. وإننا ننتقد باستمرار سلوكات الجزائريين من ساسة، وأساتذة جامعات، وفقهاء، ورجال أعمال، ومدنيين وعسكريين، ورياضيين، ومثقفين، وكتّاب، وشعراء، وإعلاميين، وفنانيين، لكن في نفس الوقت نظلّ نذكر محاسن الجزائر، وفضائلها علينا وعلى غيرنا. وكم كنت وما زلت أتمنى من أحلام، أن لا تكتفي بذكر المساوىء فقط، فذاك عمل يحسنه العدو قبل الصديق، والبعيد قبل القريب، وكان عليها أن تذكر محاسن وفضائل الجزائر عليها، وعلينا، وعلى الجميع، وذلك من مظاهر العدل والإنصاف.

[1] مقالنا: ” مع أحلام في أحلامها”، وبتاريخ: الثلاثاء: 25 محرم 1436هجري، الموافق لـ 18 نوفمبر 2014.

[2] مقالنا غير المنشور: “حلم أحلام”، وبتاريخ: الاثنين: 06 رمضان 1431هـ، الموافق لـ: 16 أوت 2010

[3] مقالنا: ” الجزائر للجميع فلا تحتكروها”، وبتاريخ: الأحد 09 صفر: 1436 هـ الموافق لـ: 20 ديسمبر 2015.

معمر حبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة