تعالوا نتحاور (1-2)

تاريخ النشر: 04/02/19 | 17:42

تعالوا نتحاور
(1-2)

وجادلهم بالتي هي أحسن ) ) قال تعالى
فالقرآن العظيم والسنة المطهرة وسيرة السلف الصالح زاخران بالدعوة إلى الحوار وآدابه ، والحوار هو قيمة إنسانية عالمية كذلك، فهذا جوناثان باول , مهندس اتفاقية الجمعية العظيمة بيت حكومة بريطانيا والجيش الإيرلندي يقول في كتابه “التحدث الى الإرهابيين” 2015 إن فتح قناة حوار مع عدوك كفيلة بأن تنقذ أرواحاً وتمنع مزيدا من سفن الدمار ،ومن كان عدوك بالأمس قد لا يكون كذلك في يوم من الأيام و ويستشهد بأمثلة من الفلبين وجنوب أفريقيا وكولومبيا والشرق الأوسط .
إن كان لكل صراع خصوصيته وطبيعته ويفرض آليات خاصه للتعامل معه وقد يتغير أسلوب التعامل من صراع إلى صراع وقد يتطلب هذا حوارا ً تفاوضياً متوازياً مع استعمال القوة او القوة بدون تفاوض. وأساليب التعامل تتغير ولكن يبقى من المسلمات أن مجتمعاً تتنوع فيه الإنتماءات السياسية والإجتماعية والطائفية وتحدياته ككل، يتحتم على أبنائه التكيف مع انتمائهم لهذا المجتمع والتعاطي مع هذا الإختلاف والتنوع وفق معادلة تعتبر من الثوابت والمسلمات :ألا هي أن مصلحة المجتمع تبقى فوق كل اعتبار .
لقد قُدر على مجتمعنا الفلسطيني في الداخل أن يعيش واقعاً مركباً و معقداً لا نظير له في مجتمعات العالم على مر العصور. فمجتمعنا يعيش واقعاً سياسياً مراً بحيث تراوحت التحديات التي يواجهها أبناؤه من ضمان لقمة العيش وحتى حق تقرير المصير ، مرورا بالثبات على الثوابت الوطنية من الدفاع عن الأرض وتثبيت الهوية الوطنية والتأكيد على حق العودة والدفاع عن المقدسات وعلى رأسها الأقصى المبارك , المحافظة على اللغة والتراث والعادات والتقاليد الحميدة والألفة الإجتماعية والأخلاق الحسنة , والتصدي للعنف المستشري الذي اصبح يجتاحنا كالنار في الهشيم مخلفا وراءه , النكد , مرارة العيش , بيوت العزاء واستنزاف المال والوقت والجهد و انشغالاً عن همومنا الوطنية الأساسية .
إنها حقيقة أنه رغم امتدادنا القومي والديني الذي يصل إلى مشارق الأرض ومغاربها فإنه ينطبق علينا المثل القائل “ما حك جلدك إلا اظفرك ” .فعندنا بدأت المشكلة التي تعنينا مباشرة وعندنا تنتهي المشكلة بأيدينا . إننا لم نصل في الإختلاف ما وصلت إليه الكثير من المجتمعات التي مزقتها الحروب والصراعات الدموية , ورغم ذلك تحاوروا وجلسوا حول طاولة واحدة واتفقوا بعد إدراكهم أن المعركة هي معركة عن هذا “القارب” وليس الإقتتال في زواياه .
نحن أولى المجتمعات بالتحديات التي تواجهنا والتي وصلت الى حد تهديد هويتنا وانتمائنا ,لذا علينا أن نجد أرضية مشتركة بالذي نتفق عليه لنتحاور سواء كان ذلك على صعيد اجتماعي أو سياسي – . فالذي يجمعنا أكثر بكثير من الذي يفرقنا .
يتبع
بقلم الأستاذ يوسف كيال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة