تفشي جرائم القتل في مجتمعنا مثلها مثل وباء الكوليرا!

تاريخ النشر: 14/01/19 | 11:21

بقلم: د. عز الدين عماش

جرائم القتل في مجتمعنا العربي “استشرت كالوباء”، ما يحملنا على أن نأخذ هذا التعبير بمعناه الحرفي والتعامل مع الإجرام بنفس أسلوب التعامل مع الأمراض الوبائيه المعدية والتي من أهمها تغيير الأنماط السلوكية.

وكثير من النشاطات التي يقدم عليها البشر تعرضهم لمخاطر صحية جمة، حتى بات الأطباء يؤكدون على ضرورة تغيير المرضى لسلوكهم حتى لا يضطروا لعلاجهم من علل كالتلف الرئوي والسكتةالقلبيه، لكن حين يتعلق الأمر بالعنف، فالافتراض هو أنه طبع ليس من سبيل لتغييره وأن من ينخرط في تلك الأفعال شخص غير قابل للإصلاح.

عند البحث عن تجارب في مناطق أخرى من العالم للاستفادة منها وجدنا تجربة في غلاسيكو بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث اسس “غاري سلاتكين” أخصائي أمراض وبائيه “وحدة مكافحة العنف”، ومنذ بدأت في عام 2005 تدنى معدل جرائم القتل هناك بنحو 67 في المئة، حيث تعتمد الوحدة استراتيجية تعتبر العنف عدوى مرضية.. “سلاتكين” اتبع نفس الخطوات لاحتواء تفشي الأمراض الوبائيه المعدية كالسل والكوليرا والايدز التي تنتقل من شخص الى أخر بالعدوى، حيث استعان بأشخاص من مجموعة الإجرام ذاتها لمساعدة باقي أفراد المجموعه، تماما كما هو الحال في التعامل مع الابوئه المعديه.

ولكي نكافح وباء الجرائم في مجتمعنا العربي علينا اتباع طريقة مكافحة الوباء المرضي نفسها؛ عبر رصد بؤر وباء العنف بالبيانات، فكما تؤدي الإنفلونزا إلى مزيد من الإنفلونزا، ونزلات البرد إلى المزيد منها، كذلك العنف يؤدي إلى مزيد من العنف.

وهذا بمثابة كشف مغاير تماما لما عهدته الدوائر والمؤسسات المعنية بمكافحة العنف، حيث الحكمة السائدة هي أن هؤلاء الأشخاص “ميؤوس منهم ولا بد من عقابهم”. لكن وبحسب سلاتكين: ” هذا فهم خاطئ للبشر الذين يكتسبون سلوكهم من آخرين ويسيرون على نهج غيرهم “، والذي شدد بداية مشروعه بأن العنف مرجعه للأنماط السلوكية بالأساس، وأن مرتكبيه أقلية بين مجتمعهم وإن بالإمكان إنقاذ أرواح كثيرين بتغيير سلوك الأفراد والأعراف السائدة بين تلك المجتمعات.

دراسات أكاديمية شتى أثبتت فاعلية الوسائل المتبعة من قبل المنظمة، ومنها دراسة في عام 2009 بجامعة نورث ويسترن رصدت انخفاض معدلات الجريمة في كافة الأحياء التي شملتها وطبق فيها برنامج المنظمة.

وحيث أن نتائج مشروع “سلاتكين” حمل نتائج ايجابيه جدا، علينا الخروج من القوقعة لإنقاذ الأرواح بواسطة تأليف مجموعة مهنيه، تضم أيضا أطباء مختصين بالأمراض الوبائيه لدراسة استراتيجية عمل “وحدة مكافحة العنف” في غلاسيكو وغيرها من المدن التي نفذت المشرع بنجاح والعمل على تطبيقها هنا في مجتمعنا العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة