شابَتْ نَواصي الدَّهْرِ- شعر: محمود مرعي

تاريخ النشر: 23/12/18 | 10:19

تَنَّسَّمْتُ ريحَ الخُلْدِ وَالخُلْدُ مَنْسِمُ.. فَأَنْزَلَني في الصَّدْرِ وَالصَّدْرُ مَنْسِمُ

وَأَسْلَمَني مِنْهُ القِيادَ تَكَرُّمًا.. وَنازَلَني دَهْرٌ بِهِ الشَّيْبُ يَبْسِمُ

فَما نالَ حينَ اسْتَدَّ مِنِّي مَنالَهُ.. وَنِلْتُ الَّذي أَمَّلْتُ وَالدَّهْرُ مُرْغَمُ

وَأَوْعَدَني سُكْنى اليَبابِ فَجُزْتُهُ.. إِلى دَوْحَةٍ لَيْسَتْ سِوايَ تُقَدِّمُ

وَظَلَّ يَبابُ اللَّيْلِ مَرْبَطَ خَيْلِهِ.. وَظَلَّ رَهينًا لِلْأَماني يُتَمْتِمُ

وَأَقْسَمَ لي أَنْ يَسْتَرِدَّ رِيادَةً.. وَنازَلَ حَرْفي وَالـمُنازَلُ مِيْسَمُ

إِذا ما عَدَتْ خَيْلُ الرِّهانِ رَأَيْتَهُ.. شِهابًا وَبَرْقُ الأُفْقِ عَنْهُ يُتَرْجِمُ

وَظَلَّتْ عَلى الأَرْضِ الخَلاءِ خُيولُهُ.. تُحاوِلُ إِدْراكَ الـمُحالِ وَتَحْلُمُ

وَشابَتْ نَواصي الدَّهْرِ لٰكِنَّ أَحْرُفي .. تَزيدُ شَبابًا لا تَشيبُ وَتَهْرَمُ

وَكَيْفَ يَشيبُ الحَرْفُ حينَ غَمامُهُ.. سُلَيْمى تُرَوِّيهِ الخُلودَ وَتُكْرِمُ

تُغَذِّيهِ بِالحُسْنِ اليَتيمِ مَذاقَةً.. فَيَسْمُقُ حَتَّى لا تُجاريهِ أَنْجُمُ

فَيُشْرِفُ مِنْ عَلْيائِهِ وَهْوَ مُفْرَدٌ.. عَلى عَرْشِهِ وَالتَّاجُ بِالهامِ يُكْرَمُ

وَمَنْ كانَ يَرْوي حَرْفَهُ ماءُ حِبِّهِ.. فَلَيْسَ لِشَيْبِ الدَّهْرِ فيهِ تَوَسُّمُ

وَسَلْمى رَوَتْ حَرْفي الخُلودَ وَخافِقي.. فَما لِيَ إِلَّاها طَبيبٌ وَبَلْسَمُ

إِذا ابْتَسَمَتْ فَاللَّيْلُ صُبْحٌ مُنَوِّرٌ.. وَإِنْ غاضَبَتْ فَالصُّبْحُ أَرْقَشُ أَدْهَمُ

يَكادُ يُريني جَنَّةَ اللهِ قُرْبُها.. وَتَشْخَصُ في النَّأْيِ البَغيضِ جَهَنَّمُ

وَما كُنْتُ أَدْري جَنَّةً وَجَهَنَّمًا.. بِغَيْرِ كِتابِ اللهِ، فَالقَلْبُ مُسْلِمُ

وَلٰكِنْ عَلى التَّشْبيهِ بَأْسًا وَنَعْمَةً.. وَبَعْضُ خَيالِ الشِّعْرِ مِ الوَهْمِ أَعْظَمُ

أَكادُ أُحسُّ القَلْبَ بَيْنَ حُروفِها.. إِذا انْتَشَرَتْ مِنْها السُّطورُ تُرَنِّمُ

تَظَلُّ عُيونُ القَلْبِ تَحْرُسُ عَيْنَها.. يَظَلُّ لِسانُ القَلْبِ سَلْمى يُكَلِّمُ

وَيَغْرَقُ في عَيْنِ القَصيدِ كَدَأْبِهِ.. فَيُغْرِقُها عِينَ العُيونِ وَيَغْنَمُ

وَما كَانَ في تِلْكَ العُيونِ مَغانِمٌ.. وَلٰكِنَّ عَيْنَ القُرْبِ لِلْقَلْبِ مَغْنَمُ

إِذا امْتَدَحَ العُشَّاقُ ثَغْرًا وَقُبْلَةً.. فَذاكَ لَعَمْري في الـمَحَبَّةِ مَغْرَمُ

فَما دونَ ضَمِّ القَلْبِ لِلْقَلْبِ حُظْوَةٌ.. وَلا دونَ صَهْرِ الرُّوحِ بِالرُّوحِ مَنْعَمُ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة