ابنُ رشدٍ يورقُ في الاحتراقِ

تاريخ النشر: 11/07/18 | 16:33

1
رغبةٌ جامحةٌ مكثّفةُ الاشتياقِ لابْنِ خلدونَ وعواطفُ سمراءُ تسري سريانَ الدماءِ في أوردةِ المحبّينَ/ نحوَ صحارٍ ملساءَ في بسابسَ توقدُ الشهواتِ المصفرّةَ وتورقُ خضرةَ الاحتراقِ/ على طللٍ منَ الحبِّ كنارِ ابنِ رشدٍ تثورُ على الكتبِ الموسومةِ بالكفرِ/ وزيادةٍ في العقلِ الغريبِ عنْ أتونِ التمرّدِ المهدَّدِ بأعوادِ شنقٍ يهبُّ معْ رياحِ الخلافةِ القادمةِ/ في لهفةٍ لولبيّةٍ منْ آخرِ الليلِ تنتظرُ صباحًا أسودَ/ أشرقَتْ فيهِ شموسٌ لا تملكُ منْ أنوارِها المخمليّةِ الآنَ خيطَ حريرٍ/ كانَتْ على موعدٍ وخريرٍ دافقٍ في ربيعٍ جميلٍ/ لكن قضى نحبَهُ ذاكَ الربيعُ الكسيحُ معْ أُوارٍ رهيبٍ ناضبٍ في سنا لُجّةِ العنفِ والمِحرقة.
2
ولأنَّ الكتابَ عدوُّ المشانقِ والخلافاتِ الملكيّةِ/ ويأبى انقيادًا سقيمًا على أثرٍ قديمٍ يقودُ إلى لعنةِ
الارتشاءِ/ والفتنةُ أشدُّ منَ القتلِ/ قدْ يتركُ جذوةً منْ لظًى لنا في القلوبِ/ ومنْ ثَمَّ يعدو خلفَ سرابِ الرجولةِ مكتئبًا في الصحاري القديمةِ/ لمْ يجدْ طريقًا آخرَ نحوَ العواصمِ أوِ احتمالاتٍ مؤهّلةً للنجاةِ ولا فرصةً يتيمةً مواتيةً للنجاحِ/ فُرشَ اليتمُ في المدنِ الكئيبةِ بالخطى الليلكيّةِ نحوَ كرامةٍ افتراضيّةٍ وندمٍ يائسٍ ونساءٍ تشقُّ الكبودَ المفولذةَ على فلذاتِها/ فامتطى هوَ الآخرُ سرجَ احتمالٍ خياليٍّ عاليًا بسراجٍ غائبٍ في حبالِ التوحّدِ/ وأشطانُ بئرٍ تعلو وتهبطُ وتعلو وتهبط وتعلو وتعلو إلى ذروةِ هاويةِ الهزائمِ والمشنقة.
3
هنالكَ شمعٌ تجمّدَ في المكانِ العتيقِ لا يحترقُ في هذهِ القيعانِ الصفصفيّةِ/ وعينُ سراجٍ تتوقُ إلى ذوبانٍ يُذيبُ الجليدَ الثقيلَ/ ولا شيءَ يذوبُ منْ مخاوفِ العابثينَ وارتشافِ الليالي إلّا الصباحُ الجميلُ/ وأنتَ القاعدُ عندَ عزِّ الظهيرةِ تحتَ رماحِ الحريقِ ألسْتَ تذوبُ/ وعادَتِ العيرُ عصرًا مسرجةً بكبحِ لجاماتِها منْ جولةٍ رماديّةٍ أرهقَ أقدامَها اللولبُ اللولبيُّ بلا نفسٍ للنفيرِ/ وكادَ صهيلُ الخيولِ يذوبُ بُعيدَ الغروبِ/ لا شيءَ عندي إلّا وهجُ الحقولِ يبقى لينعشَ أملًا أوْ سرابًا في الصباحِ الجديدِ/ وبعضٌ ضئيلٌ منْ ترابِ الحديدِ/ ونخبةٌ تتماهى معْ نونِها وخائِها وبائِها وتائِها المربوطةِ بنرجسٍ خشبيٍّ فاقعٍ ولحوحٍ وبصّامةٍ المخاتيرِ القديمةِ ذاتِها/ وأميرُ الحريّاتِ يؤمنُ بحريّاتِ الحورِ العينِ بالتزلّجِ على غدرانِ الكوثرِ والتسفّع تحتَ لهيبِ عيونِهِ كيْ يهنأَ في الآخرةِ/ ويؤمنُ أيضًا بضرورةِ فصلِ الأجناسِ في الدنيا الفانيةِ ووأدِ الأرواحِ بلا ذنبٍ في كلِّ زمانٍ/ فأينَ نصالُ المناجلِ وصولةٌ في البيارقِ الحمراءِ لمْ تعدْ تملكُ حُلمَ عمّالِها بعدَ أنْ “بدحَتْ”/ ولا يحنُّ بريقُ صليلِ سيوفِ المناجلِ إلى رونقٍ في العصا والمطرقة.
4
سقراطُ سقراطُ وأنتَ تعرفُ أينَ الشموعُ التي احترقَتْ في الميادينِ بلسمًا للبكاءْ/ وأينَ السمومُ بانتصافِ النهاراتِ المجيدةِ توحي بقتلٍ كريمٍ واشتعالٍ في الأصابعِ فأينَ الهواءْ/ وأنتَ تعرفُ نفسَكَ ودورةُ الأرضِ توقدُ في شُبُهاتِ الليالي اكتشافَ الغريبِ كيْ تتمَّ المهامَّ الكبيرةَ عندَ الصغارِ/ أينَ الدموعُ الغزيرةُ عندَ الولادةِ تمسحُ سُمَّ آثامِكَ بعدَ موتٍ كنْتَ تعرفُ أنَّهُ قادمٌ لا ريبَ فيهِ ويجتثُّ شجْرةَ المعرفةِ/ حتّى التماسيحُ الكبيرةُ ذاتُ النيوبِ المسنّنةِ لنْ تنجوَ منْ ملوحةِ عزّةِ الإثمِ وصولةِ البحرِ الكاسرِ/ لكنْ تنامُ على شطِّ العروبةِ في سرابِ الأمانِ قيلولةَ الانتشاءِ البطارقُ الغريبةُ خامدةً في ذبولٍ عندَ كرِّ التجاربِ “ربَّنا لا تضعْنا في التجربةِ”/ تكذبُ في عزِّ النهاراتِ/ وأشباحٌ رماديّةٌ ترسمُ على ورقٍ ناصعٍ لياليَها الكالحةَ والمطبقة.
5
أينَ تمّوزُ في بهجةِ الصيفِ يُنهي كآبةَ حزيرانَ الكامخةَ بينَ شطيراتِ أرواحِنا/ والنضوجَ على عجلٍ قبلَ زحفِ الخريفِ المدجّجِ بآلامِهِ الناشفة/ انظرْ وجهًا يرتعُ فيهِ الذبابُ/ انظرْ شوقًا ممنوعًا لرائحةِ الخبزِ/ انظرْ مستنقعَ آفاتٍ يتفاقمُ باعوضًا في وجهِ براءةٍ واعدة/ انظرْ ذقونًا ذاتَ شبقٍ ولحًى استرسلَتْ نحوَ الصدورِ تزني بفتاوى منْ بطنِ شيخٍ بغداديٍّ ينقّرُ في المنبرِ كالسوسِ ويلهطُ المائدة/ انظرْ كبيرَ الرؤساءِ القوّادينَ اللامعَ يلوطُ بتاريخِ عروبتِهِ ويساحقُ ثورتَهُ الغابرةَ/ انظرْ شعبًا يتفتّحُ منغلقًا نحوَ أوسلو بحماسٍ يتشظّى فتاتًا ذاتَ اليمينِ وذاتَ الشمالِ ينتظرُ الكذبةَ السانحةَ/ انظرْ تنسيقًا أمنيًّا بينَ سالبِ الكرمِ وعصيرِ المسلوبِ/ بينَ الراكبِ فوقَ متنِ الترابِ وبينَ المسحوقِ المركوبِ/ انظرْ صكَّ استسلامٍ يرجوهُ القاتلُ ولا يختمُهُ ولكنْ يوقّعُهُ المقتولْ/ انظرْ شيخًا ممتازًا يصغرُ يتعمّمُ بالكذبِ ويعتمرُ أنانيّةً مفرطةً بالزخرفِ والمنقوشاتِ وخضراءِ الدمنِ/ باعَ الواديَ بزعترِهِ بثمنٍ بخسٍ لمْ يعرفْ قيمةَ يوسفَ أبدًا/ يعلو صهواتِ المنبرِ منتفخًا ويخيّلُ مبتهجًا وغنيًّا عنْ أحدٍ/ يخطبُ في الناسِ بلا خجلٍ متّكئًا على سيفٍ منْ خشبٍ/ “اعتصموا بحبلِ الوادي جميعًا يا فقراءُ”/ هنالكَ ورمٌ ذو ألوانٍ يتفرّقُ في كوفيّتِهِ الحمراءِ التلفزيونيّةِ/ والثالوثُ الثابتُ يدفعُ نقدًا دونَ حسابٍ برصيدٍ استفحلَ بالكلمِ المألوفِ إذا استسمنْتَ الورمَ/ هذا الورمُ الإعلاميُّ كانَ نتيجةَ ترطيلِ البيضِ بأكفٍّ ناعمةٍ دومًا وبعضِ التجارةِ الرابحةِ/ “وأحلَّ اللهُ البيعَ” والصفقاتِ في السوقِ المشتركةِ المحمودةِ فوقَ الطاولةِ والملعونةِ منْ تحتِ طاولةِ المرابينَ والوظائفِ الدنيئةِ والسلفقة.
6
وما زالَ أبو بكرٍ ينعتُ مسيلمةً وليسَ محمّدُ بالكذّابِ/ انظرْ عمرَ المختارِ جديدًا يأتي معتذرًا للطليانِ عنْ شغبٍ صارَ رمادًا تذروهُ رياحٌ في طيِّ المجهولْ/ انظرْ تاريخًا عربيًّا يُكتبُ بماءِ الذهبِ الأسودِ وينسى كلَّ العللِ ولا يرِدُ بحساباتِ مصالحِهِ السفلى إلّا تفاصيلٌ عنْ حيثيّاتِ المعلولْ/ انظرْ كيفَ يصيرُ الحجرُ الأسودُ قنطرةً للبيتِ الأبيضِ ويسقي بقناطيرِ الواحاتِ الذهبيّةِ وحليبِ الصحراءِ مملكةَ الأعداءِ/ صارَ شقيقًا سنيًّا أعدى الأعداءِ وعدوًّا صارَ ابْنُ الأمِّ وجناحُ الأمّةِ/ انظرْ رائحةً تأتي منْ المملكةِ العربيّةِ الدنماركيّةِ تنذرُ بخرابٍ دمويٍّ يتأهّبُ للهيمنةِ على أمٍّ هَمَلَتْ قادَتْ سيّارتَها بترخيصٍ شيطانيٍّ المارقةُ/ انظرْ هزيمةً/ انظرْ جريمةً/ انظرْ مقبرةً جماعيّةً/ انظرْ مَنْ يجهّزُ أكلَ الوليمةِ/ انظرْ مقبّلاتٍ على مائدةِ الموتِ تجعلُ موتَ عيونِ الربيعِ أشهى منْ فاكهةٍ تدفئُ البردَ في شتاءِ الشهوةِ الحيويّةِ/ وشربَ النخوبِ الصافياتِ صيفًا منْ دماءِ البلادِ على النصرِ الهزيمةِ/ انظرْ الموتَ المبرمجَ للعراجينِ القديمةِ في موسمٍ حانَ فيهِ القطافُ/ انظرْ الرؤوسَ تُرى أينعَتْ في الخريفِ بكلِّ زوايا الكرومِ العجافِ في هذهِ المنطقة.
7
انظرِ اليأسَ يفترسُ اليأسُ زفيرَ الكرامةِ الباقيةِ/ يحتلُّ الشرايينَ بآسنٍ سوفَ يغدو شرقًا جديدًا/ انظرِ اللغةَ البائسةَ عندَ غيابِ المعاجمِ وأمِّ الكتابِ لقدْ أصبحَتْ كلُّها مفلسةً خاويةً/ انظرِ اللهَ يمهلُ لكثرةٍ في المشاغلِ طويلًا طويلا/ أوْ “لا يغيّرُ اللهُ ما بقومٍ” شيئًا قليلا/ يورقُ اليأسُ على كلِّ غصنٍ براعمَ صفراءَ كشحوبٍ دامسٍ تولِدُ في آخرِ الليلِ شيئًا مبيدا/ كأيِّ كتابٍ ينشرُ اليأسَ الكبيرَ والوعدَ الكاذبَ والفكرَ المواليَ للشذوذِ والأملَ المدوّيَ/ بقنابلَ ذاتِ عنقودٍ عُبرنَتْ قطراتُهُ تتلألأُ جذلى على العينِ واللغةِ المشرقة.
8
يا ابْن رشدٍ هلمَّ! هلمَّ! فالنورُ الذي أخرجَ اللهُ إليْهِ الناسَ يهوي في ظلامِ الديانةِ الفاسدةِ/ فالتأسلمُ صارَ هوايةً صاخبةً ذاتَ بارودٍ في معاجمِ الآفكينَ وعنابرِ الواهبينَ/ لعبةً مذهّبةَ الشعرِ والوجهِ تزني وتقتلُ الدينَ والآمنينَ وتنهبُ فلسفةَ العاشقينَ/ والدرُّ في المخانقْ إنْ تقبلوا نعانقْ ونفرشْ النمارقْ واعْلُ هبلَ وربِّ العُزّى/ تتراكمُ الموبقاتُ دولًا تدّعي نشرَ السنابلِ على طللٍ منَ الشرقِ/ يذوي مُستهلَكًا منَ المسافاتِ البعيدةِ راسمًا خطَّهُ المستقيمَ/ سريعًا في المساحةِ الضيّقةِ كونَ الملاعبِ لا تزدهي الآنَ بانتصاراتٍ كبيرةٍ/ يكرهُ البطءَ والنسيمَ العليلَ والتعلّمَ الذي يستحقُّ البقاءَ إلى أمدٍ/ غيرَ واثقٍ بالنجاحِ وتجاربِ الاختباراتِ وليتَ الأوانيَ مستطرقة.
9
قبلَ الأوانِ الصحيحِ يأتي الحريقُ/ ولا أملَ يُرجى للبساتينِ المحنّطةِ بالاشتعالِ/ ولا أملَ يبقى للعاملينَ عليْها والمؤلّفةِ قلوبُهمْ/ لعبُ الأطفالِ تهوي/ سبّحاتُ الشيوخِ تنزلقُ نحوَ المهالكِ/ صورةُ العذراءِ أمِّ المسيحِ/ قبابُ الجوامعِ مهدودةُ الحيلِ تعوي والتماثيلُ القديمةُ/ وأشلاءُ سورٍ تفتّتَ على ظمأٍ بلا أسوارٍ ولا آبارَ ولا ربَّ يحمي/ والقرائينُ تهوي كالكتبِ العاديّةِ “والنجمِ إذا هوى” تحتَ ردمِ اللحى ودوسِ العمائمِ وسائلٍ كيماويٍّ منْ وضوءِ القباقيبِ/ عاثَتِ “الشواقيفُ” كسرًا فصارَتِ “البقرةُ” سورًا منْ قصارٍ “كالكافرونَ وتبّتْ يدا”/ وصارَتِ كلُّ “المائدةِ” والطاولاتُ وآيةُ الكرسيِّ ضئيلةَ الحجمِ على الآكلينَ الكبارِ أولي الترهّلِ كالملعقة.
10
أرى تدمرَ الآنَ مسبيّةً منْ عهودٍ زنوبيّةٍ حافلةٍ بالكرامةِ تعيثُ بها الذقونُ الكثّةُ/ سوفَ يؤوبُ الضبابُ ليعلنَ حربًا على هودجِ الحقِّ المبينِ منْ فوقِ المنابرِ البربريّةِ في العراقِ الشريفِ/ وسوفَ تعودُ لقاعٍ بمكّةَ بعضُ التماثيلِ الدينيّةِ تحملُ النفطَ لتوثيقِ الفترةِ الفنيّةِ ذاتِ العروبةِ الكاملةِ/ ليحظى الترابُ العربيُّ بجرّةِ نفطٍ نظيفٍ ويراعٍ شريفٍ واحترامٍ عسجديِّ المواسمِ في الدورةِ المقبلةِ/ ومنْ ثمَّ بعدَ كثيرٍ منَ اليبسِ المعتّقِ تأتي الخيولُ تحملُ أقلامًا تكتبُ الذاكرةَ/ والسيوفُ تخطُّ الحدودَ بعزمٍ أكيدٍ تعيدُ المُنى حُفّلًا تعتصمُ بحبلِ اللهِ ونعمةِ أحلامِها المورقة.
11
سنشربُ منْ سلسبيلِ حوضِ الجنانِ أوْ منْ غسلينِ أرضٍ ذاتِ ترابٍ ممزوجٍ بروثِ جهنّمَ إنْ شاءَ اللهُ/ سنأكلُ التفّاحَ الإلهيَّ الكبيرَ عندَ سدرةِ المنتهى وعنبًا وقضبًا/ أوْ منْ زقّومِ حاوياتِ آخرِ السوقِ وقليلٍ منْ زيتِ عُلبِ السردينِ الملقيّةِ فوقَ المزابلِ إن شاءَ اللهُ/ سنلعبُ واللعبُ على أمِّ العربِ المستعربةِ مسترخيةً على قانونٍ يعزفُ اليأسَ والتواكّلَ/ أو نلعبُ بالنردِ على تاريخٍ أبيضَ وعنْ ثرواتِ الحاضرِ وعنْ مستقبلِ مجهولٍ صعبٍ/ يبكي منْ وجعِ الأيّامِ المحدقةِ كعيونِ الزرقاءِ المنذرةِ بغضبٍ عدوانيٍّ إنْ شاءَ اللهُ/ سنتاجرُ بقضايا الدنيا قاطبةً أحيانًا وبقضيّتِنا سنتاجرُ في كلِّ الأحيانِ/ ونعرضُ للبيعِ عيونَ الأطفالِ وأرجلَهُمْ في مِرأبٍ للقِطَعِ المُستعمَلةِ ونسمسرُ بأعراضِ ربيباتِ الشرفِ ومصوناتِ الخدرِ وأثداءِ العذراواتِ وكسوةِ الكعبةِ إذا لمْ نبعْها كبيعةِ نجرانَ إنْ شاءَ اللهُ/ سنصنعُ علبةَ كبريتٍ وعلبًا لعصيرِ البندورةِ القابلةِ للانفجارِ/ وفي آخرِ شوطٍ لنْ نستوردَ/ سنصنّعُ شماغاتٍ للأمراءِ تجميعَ سويسرا ماركةَ الكلبِ/ ودشاديشَ ملوكٍ فاخرةً ماركةَ القردِ/ سنصنّعُ سبّحةً تحملُ تسعةً وتسعينَ رأسًا فوسفوريًّا أبيضَ معدًّا للإطلاقِ على تعزَ بعددِ الأسماءِ الحسنى/ وفي كلِّ خرزةٍ مئذنتا رادارٍ للتوجيهِ إلى مدرسةٍ صوبَ دمًى للأطفالِ يختصُّ بقتلِ الفرحِ العذبِ/ “صُنعَ في مكّةَ” قربَ الكعبةِ كيْ نغرقَ في مأربَ/ ومنْ أجلِ كمالِ التقريرِ الإخباريِّ يموتُ مئاتُ الأطفالِ في صعدةَ طوعًا إن شاءَ اللهُ/ وسيقولون كانوا إرهابيّين تشيّعوا للحسينِ أوْ لأنّهُمْ عربٌ مسلمونَ تسربلوا بالظلامِ وتكربلوا بدماءِ زينبَ وانحرفوا إلى الشعوبيّةِ والزندقة.
12
سنقاتلُ ظلالَنا . . خيالاتِنا . . بعضَنا بعضًا/ مَنْ ينتصرْ يهبِ النصرَ لمَنْ يرشدُهُ/ سنقاتلُ حينَ نمتلكُ الضعفَ ونعدُّ شهواتِ القوّةِ ورباطَ الجأشِ وحيتانَ المالِ/ سنقاتلُ بسلاحٍ أمريكيٍّ يقتلُ إخوتَنا الأعداءَ العربَ/ بسلاحٍ مدفوعٍ بأطفالِ اليمنِ ودماءِ السوريّينَ ونفطِ الليبيّينَ وكفرِ شوبا وتمرِ النهريْنِ وطورِ سينينَ وصمتِ السلطةِ وخيانةِ عهدِ تميمٍ وكرامةِ معركةٍ غارَتْ في الأردنِّ/ سنصرخُ منْ فرطِ رذالتنا وبؤسِ تشتّتِنا وذهابِ الريحِ/ أينَ صواريخُ الروسِ/ وأينَ بواريدُ الفرسِ/ وأينَ سيوفُ الهندِ وباعُ السندِ/ سنضحكُ من فرطِ سخافةِ مطلبِنا أينَ الجامعةُ القوميّةُ/ والجامعُ الإسلاميُّ المتعاونُ/ أينَ قوانينُ الطللِ البالي المجتمعِ الدوليِّ / سنضحكُ حتّى ينقلبَ الضحكُ كما كانَ عليْنا إنْ شاءَ اللهُ/ سنقاتلُ طواحينَ هواءٍ وخوازيقَ الخشبِ بأمرٍ منْ عثمانَ الملكِ في عفرينَ سيعفّرنا ترابُ الغبراءِ الأولى إنْ شاءَ اللهُ/ سنكتبُ تاريخًا في الكتبِ السريّةِ ألّفَها ابْنُ ضياءِ المُلكِ فصارَ ضياءُ العربِ في ليلٍ أسحمَ قفّةَ زبلٍ/ سنكتبُ تاريخًا حينَ نموتُ بكلِّ معاني الموتِ ومعنى الشرفِ الأرفعِ/ سنكتبُ ما أُمليَ ونموتُ بلا شرفٍ كالأشجارِ النائمةِ بجبنٍ أو كالأشجارِ القاعدةِ على خازوقِ بعيرٍ أجربَ/ سنكتبُ دفترَ إنشاءٍ للصفِّ السابعِ فيهِ جميلُ الآياتِ العطريّةِ/ سنعلّمُ طلّابَ العلمِ من الجيلِ الرابعِ بعدَ النكبةِ “ولا تحسبَنَّ” وآياتٍ تتعلّقُ بالعلقِ “اقرأْ”/ ومتى يأتي الفرجُ حينَ لا يغيّرُ اللهُ ما بقومٍ” إنْ شاءَ اللهُ/ سنحيا بشرفٍ إنْ متْنا بشرفٍ حينَ يموتُ اللهُ يهيمنُ فينا إنْ شاءَ اللهُ يموتُ/ وسنسعى في مناكبِ المخلصينَ لدينِ الحياةِ العريضةِ وابْنِ سينا لنيلِ النجاةِ عندَ شطِّ الشفاءِ/ وأمّا الأمانُ الكبيرُ فليسَ لهُ منْ أمانٍ في أيِّ شطٍّ ونهجٍ/ إذا ظلَّتِ المعنويّاتُ أسيرةَ شرطٍ يعاني من لعنةِ الحالةِ الراهنةِ والمحدقة.
13
يا ابْنَ رشدٍ تعالَ لنورقَ في الاحتراقِ تعالَ نغنِّ معًا نشيدَ الحياةِ/ نشيدَ التهافتِ نحوَ الحقيقةِ لننجوَ منْ لعنةِ النقلِ المشوّهِ وتراثِ الشعوذاتِ/ فيهِ الغزاليُّ يحبو على ركبتيْهِ ليُحييَ عظمًا رميمًا سنَّ أنماطَهُ منْ علٍ/ تعالَ يا ابْنَ رشدٍ تعالَ نمتْ لنحيا في كتبٍ لا تحبُّ النظامَ العتيقَ تستشرفُ غدًا مقبلًا سينمو كما ثورةُ النخلِ في المدنِ القاحلةِ/ تعالَ نبذرْ في حقولِ السنواتِ العجافِ حبّاتِ قمحٍ لتورقَ سبعًا سمانًا سنابلَ تطعمُ الجائعينَ/ ليسَ فقطْ للطعامِ بلْ لنأمنَ من غدٍ خائفٍ يرهقُهُ الارتجافُ منْ لعنةِ الكفرِ أوْ لعنةِ الدينِ الكافرِ والجوعِ/ يا ابْنَ رشدٍ لا خوفَ عليْنا ما دامَ سقراطُ يهوى جريانَ الطبيعةِ والأرضُ تدورُ/ والنهاراتُ تأبى الوقوفَ كما ليلةٌ لا تدورُ في يذبلٍ تعدو لموتٍ جميلٍ يولدُ منْ رحمِهِ جنينًا جديدا/ أينَ سيفٌ يزينُ الأمورَ ويضربُ الصواريخَ نحوَ الكلابِ وفيلِ الكلابِ/ أينَ عروةُ الصعاليكِ يدعو لسلبٍ يُقيتُ الفقيرَ/ أينّ عنترةُ بنُ عبسٍ يخلّصُ عبلةَ منْ أسرِ عاداتِها وينجو منْ أبوّةٍ حاقدة/ أينَ عليٌّ يفتحُ البابَ للعلمِ الجديدِ/ وأينَ الفاروقُ لا يستعبدُ الناسَ مذْ ولدوا/ أينَ أرقامُ العربِ منْ جديدٍ تشرقُ على الورقِ الصينيِّ الأبيضِ في ظلمةِ الغربِ الذي يوجبُ الاتّقاءَ/ في هذا الأفقِ الرماديِّ الغريبِ وفي هذهِ الفترةِ المريضةِ والمقلقة.
14
عادَ ابْنُ رشدٍ يرشّدُ دربَهُ المخمليَّ على أملٍ في الرشادِ الحديثِ مسترشدًا بالكتابِ الذي كانَ طعمًا لنارٍ لمْ تكنْ بردًا عليْهِ/ فصاحَ يا نارُ كُلي واشربي وقرّي احتراقًا يتنمردُ فوقَ وفودِ الصحائفِ/ وهزّي إليْكِ الجمارَ بسفّودِ نارٍ كيْ لا تظلَّ صفحةٌ واقفةً ولا شجرةٌ واقفة/ يا ابْنَ رشدٍ لا تخفْ فمصيرُ الكتابِ عندَ هولاكو الجديدِ في جيدِهِ مسدٌ كحمّالةِ الحطبِ في لهيبِ بئسَ المصيرُ/ كما كانَ في نهرِ دجلةَ عندَما عكّرَ وجهَ النميرِ التتارُ القديمُ/ تسودُّ المياهُ تسودُّ الوجوهُ تسودُّ النهاراتُ وبيضاءُ أحلامِها/ لا شيءَ يشرقُ حولَ المكانِ المبرمجِ إلّا جهنّمٌ في الترابِ/ توقدُ الليلَ أنسًا بنارٍ تأكلُ صفرةَ اليابسِ وخضرةً في حقولِ العقولِ/ يا ابْنَ رشدٍ تعالَ بكلِّ ابتهاجٍ إلى الساحةِ الكبرى/ تنتظرُ الميادينُ/ ينتظرُ الحلّاجُ بكلِّ صفاءِ الغدِ/ تنتظرُ مقدّمةُ ابنِ خلدونَ ومؤخّراتُ الدروسِ وميمناتُ صلاحِ الدينِ والميسراتُ/ تنتظرُ قلوبُ الجماهيرِ أسودًا للوثوبِ/ رغمَ القنوطِ الجميلِ ورغمَ السقوطِ المؤقّتِ/ ننتظرُ رغمَ ابتعادِ غاياتِنا واقترابِ العدوِّ وأتباعِهِ ورغمَ الحريقِ الكبيرِ يشعلُ فينا رياحَ النجاةِ والياسمينِ/ سنسعى معًا الآنَ الآنَ وليسَ غدًا/ في فُلكِنا آبهينَ لكلِّ الظروفِ وكلِّ أجيالِنا القادمةِ/ نحملُ همَّ الحياةِ والأملَ الوارفَ وعشقَ المكانِ البعيدِ ووهجَ الزمانِ الصديقِ ومجدافَ نوحَ الجديدِ بينَ طيّاتِ أمواجِ محيطاتِنا الهادرةِ والمُغرقة.

شعر: علي هيبي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة