سرُّ الكراسي المُمغنطة

تاريخ النشر: 31/03/18 | 15:53

يا الله كم نعشق الكرسيّ وكم نذوب به حُبًّا…
نحبّة ونتمنّى أن نبقى متربّعين عليه حتى ولو أصابنا ألف انزلاق غضروفيّ (ديسك)، فالقضيّة فيما يظهر هي حمّى تصيب الشّرق كلّه ، فانظر معي يا رعاك الله الى الحكّام العرب من حولنا ، فقد ظلوّا يعشقونها السنوات الطوال الى أن انكسر الكرسي بهم وانكسروا أو انهم سائرون على الطريق!
والسؤال المطروح هو : ما هو سرُّ جاذبيّة الكرسيّ ؟ أتراه ممغنط وأنا لا أعرف ؟!!.
المتابع لحركات مرشّحي الرئاسة في مدننا وبلداتنا العربيّة ، سيجد أنهم نفس الوجوه ، وفي سوادهم الأعظم من يتبوّأ الكرسيّ الآن أو تبوّأه فيما مضى وشدّه الحنين اليه فراح يزحف ويستغيث ويطلب المدَد.
سألت أحدهم مرّة عن السِّحر في الكرسيّ – هذا الكرسيّ الذي اضحى مُخمليًّا يدور في كلّ الاتجاهات ليراقب الكاميرات المزروعة في كلّ مكان –
سألته فقال ضاحكًا : صدّقني – وأقسم بأمّه – أنّ الرئاسة مسؤولية كبيرة وحمل ثقيل ، ولولا محبته لوطنه وخدمته ، لَما أقدم على مثل هذه الورطة، فالحكم والسلطة خدمة وعطاء وبذل ليس إلّأ .
وكم تضايق عاشق الكرسي إيّاه حينما رسمت بسمة خفيفة على محيّاي ، فقال والعصبيّة تختلط بالمِزاح :
“أنت حرّ ؛ حرّ تصدّق وحرّ الّا تصدّق”.
ويبقى السؤال مطروحًا : فإن كان الأمر كذلك فلماذا اذن ” ينتحر” هؤلاء البشر كيما يبقوا أو يصلوا من جديد الى الكرسي؟!!
اذكرهم في بدايه تربّعهم على الكرسي فقد كانوا وكأنّهم يعيشون الخريف بكلّ حالاته وجفافه ، فإذا بهم وبعد سنين قليلة يعيشون الرّبيع بأزهاره وأريجه وخيرات وبنبعة الثرّ الفيّاض.
والغريب أنك قد تجد من هؤلاء من لم يسمع بفيكتور هيجو ولا بجبران وطه حسين ويتعثّر بالكسرة والفتحة، فتأتي لغته العربيّة أشبه باللغة الكرديّة.
نعم ألمْ يحن الوقت ان نشبع من الكرسيّ فنتركه لغيرنا من ” الجائعين” فعلًا للعمل والعطاء والبناء حتّى ولو كانوا من غير عائلتنا المصون؟!
ألم يحن الوقت أن نتنازل ونحن في منتصف العطاء او في ذيله على الأقلّ ، حتّى نترك لنا في أذهان المواطنين صورة جميلة ، كما يفعلها الكثيرون من عمالقة كرة القدم فينسحبون وهم في الأوج أو في وسطه ، وكما يفعلها المطربون والفنّانون والمبدعون الذين يغارون على شهرتهم ؟!!
قد يقول قائل أنت يا زُهيْرُ تنفخ في قربة مثقوبة ، فالآذان لا تسمع ، وإن سمعت فالعزّة والشموخ الأجوف والمصلحة الخاصّة والجيوب ترفض رفضًا باتًّا.
دعكَ فنحن هكذا وسنبقى هكذا حتى تنفك المكوّنات و ” تطبق السما على الارض ” .
فيأتي جوابي سريعًا : لا..سأبقى أقولها حتى ولو طبقت السما على الارض” !!!
بقلم : زهير دعيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة