كيف يقضي بن على والطرابلسي وقتهما؟

تاريخ النشر: 05/09/11 | 2:27

يعاني زين العابدين بن علي ترديًا في حالته الصحية يومًا بعد آخر، ويحرص كثيرًا على الهروب من سماع أخبار بلاده عبر القنوات الإخبارية، بينما لاتزال ليلى الطرابلسي حريصة على أداء أركان التسوّق بغية الهرب من الضغوط، رغم أنها تحاول الانتحار مرارًا في منفاهما في مدينة أبها السعودية.

أبها هي مدينة يعشقها السعوديون وأهل الخليج، خصوصًا في صيف تفوح فيه حرارة مدنهم الصحراوية والساحلية، يركضون إليها وهي المدينة المتربعة على الجزء الجنوبي من جبال السروات، تتراقص درجة حرارتها بين 15 حتى 30 مابين أعلاها وأدناها.

تلك العلامات المئوية هي واصفة لطقس مدينة “أبها” الصيفي، التي تعتبر كذلك مقرًا لإقامة الرئيس التونسي المخلوع بأمر الشعب زين العابدين بن علي وعائلته.

كيف هي أبها وهي تحوي ديكتاتورًا كما يراه شعبه، وضيفًا كما تراه السعودية؟ ولماذا أبها تحديدًا هي المقر والمستودع الخازن لابن علي الذي يئن كلما شاهد صورته ونشرات الأخبار اليوم التي تنقل عن تونس.

الجميع يحط الرحال إلى أبها، حيث تتقاطر إليها القوافل في رحلة الصيف، بيد أن صيفًا يعيشه بن علي لم تفلح أجواء جبال “السودة” الباردة، حيث يقيم؛ في تهيئة ظلال بعد شمس “البو عزيزي” الحارقة والمنتشرة شرارتها حتى اليوم في جمهوريات العرب.

مصادر مطلعة من داخل مقر إقامة “بن علي” المخلوع، تتحدث عن حالة الحاكم المخلوع، إذ أوضحت أنه تحت الملاحظة الطبية من قبل فريق مرافق له بصحبة طبيبه التونسي الخاص وبصحبة فريق من مستشفيات قوى الأمن السعودية.

وأوضحت المصادر أن بن علي يحزن كثيرًا حال رؤية أخبار بلاده عبر الفضائيات الإخبارية، خصوصًا تلك التي تظهره كالخاسر من أرض معركة ينتصر فيها الشعب دومًا، ينتهي به الحال إما إلى التغيير أو إلى مغادرة المكان.

وأضاف أن بن علي تفرض عليه حماية أمنية، من الداخل ومن الخارج، إلا في حالات الطوارئ القصوى، على الخروج من مقر إقامته سوى إلى أشجار يرعاها بنفسه خلف “فيلا” تجاورها فلتين أخريين تقعان تحت تصرف بن علي وعائلته.

ويحيط بابن علي عدد محدود من الحراسة التابعة لقوات الأمن السعودية، حيث يقيم في منتجع سياحي على جبال تعد هي الأعلى ارتفاعًا في المملكة. وهو دائم السؤال عن طاقم حراسته وطاقم معالجيه، بل يتعدى ذلك حتى إنه يحرص على السؤال عن أحوال عائلاتهم وأبنائهم.

بن علي، الذي لعنته حقول السياسة من شعب، ومجتمع دولي زاد عليه أمر تدهور صحته بعد قدومه للسعودية بإصداره مذكرة اعتقال بحقه؛ كان أُدخل إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي في جدة بعد وصوله هناك بأيام في أواخر كانون الثاني/يناير، مكث بالمستشفى قرابة اليومين.

وانتقل بن علي لإجراءات وصفت بـ”الاحترازية” إلى مدينة أبها، التي تبعد قرابة (600 كم) عن مدينة جدة التي هبط لها زين العابدين بعد هروبه من بلاده، وأبها التي كسبت الأنظار السياسية ودخلت إلى نارها كما نار أسعارها الصيفية، تعد أكثر المدن السعودية هدوءًا وطلبًا للاستجمام، حيث لا يتجاوز عدد سكانها النصف مليون نسمة.

زين العابدين الموجود في أغوار الجبال الآمنة بعيدًا عن شعبه ومحاكماته التي يهرب من الإطلاع عليها إلا عبر محاميه، يريد الخروج نحو كندا المالك فيها منزلاً ريفًيا في إحدى المناطق الشمالية، إلا أن بن علي يعلم أنه غير مرحّب فيه هناك، في ظل اعتداءات تطال كل من يصل بقرابة ولو بالوهم له أو لزوجته.

بن علي الذي كان عاشقًا للسهر وهو على كرسي حكمه لتونس، لم يعد سوى محب للنوم بأمر الأدوية والطبيب النفسي المرافق له، تصاحبها قلة في حجم وزنه يومًا بعد آخر، مع رتوش ضحكات للمجاملة لا أكثر بينه وبين أسرته المكونة من خمسة أفراد.

أما عن الفاتنة الكبيرة ليلى الطرابلسي، فكيف تسير حياتها؟

هي تتعامل مع الوضع رغمًا عنها، هي تحاول التأقلم عبر التسوّق في مدينة لا تتكاثر فيها مراكز التسوق، كما تعهده في رحلات صيفها نحو أوروبا، بل حتى تونس العاصمة، الطرابلسي الحاكمة الحقيقية لتونس من خلف الستار تسير بأبها بحجاب وعباءة لا تحبذها في هذا الفصل تحديدًا.

وقد أكدت نفس المصادر أن ليلى الطرابلسي غالبًا ما تدخل مع بن علي في نقاشات وجدال حول ماضيهما في تونس الخضراء، يتجادلان أحيانًا، يفضي ذلك الجدال إلى فتور في التواصل نحو يومين، ما تلبث المياه أن تعود إلى مجاريها بعد رحلة تسوق أو نزهة للطرابلسي.

ليلى لم تعد هي ليلى، ولم تعد تمارس عذوبة رومانسيتها مع عشيقها بن علي، كما كانا في حضن بلد شرارة الثورات العربية، صحة زوجها أصبحت آخر اهتماماتها، ولم تعد تجري سوى اتصالات مكوكية إلى تونس وكندا، حيث أقاربها وإخوتها.

ليلى في عزة نفسها لا تشاهد القنوات الإخبارية، هجرت كل شيء إلا من اهتمامها بجمالها وأناقتها، فذلك “سياميها” الذي لا تستطيع الانفصال عنه، وهي متخرجة بيت الجمال و”الكوافير”.

ليلى الطرابلسي بعد ليلة قضتها مهاتفة أخيها الحسن المقيم في كندا، تفاجأت عقب تلك المكالمة المطولة بيومين تعرضه لمحاولة اغتيال من تونسي مقيم هناك، هذه الحادثة هزت كيان ليلى، بدأت بعدها بالبحث حولها عن خلاص على يدها من نفسها مستشعرة ذنب أن تكون سيدة تونس الأولى.

محاولتها تمثلت في تنسيقها مع أحد طاقم الخدمة الموجود بإحضار مادة سامة حاولت ليلى تناولها، إلا أنها فقدت الوعي نقلت بعدها على عجل إلى أحد المستشفيات في مدينة أبها، حيث تقبع حتى الآن تحت الملاحظة الطبية في وضع مستقر، بينما زوجها المغيب قسرًا لم يعد حريصًا على سماع أنباء زوجته على الدوام.

زين العابدين التونسي “المنفي” يعيش في صيفه رحلة يبدو أنها لن تتجاوز عامه، وهو دائم الاستشارة للأطباء عن حالته الصحية، التي تزداد سوءا مع كل نبأ ونشرة إخبارية يسترق إليها النظر، كان آخرها الحكم عليه غيابيا بالسجن (16) عامًا لإدانته في “جرائم تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ وتجاوز السلطة والإضرار المادي بالدولة”.

وقضت المحكمة كذلك بتغريم زين العابدين قرابة العشرين مليون يورو، وابنته سيرين خمسة عشر مليون يورو تعويضًا للدولة بعد جرائم ارتكبوها بحق الأموال والممتلكات العامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة