أيّها السائرون في دروب الرّوحة

تاريخ النشر: 05/03/18 | 9:38

هنا ..
حكايات من زرعوا
في رحم التُّراب
وانتظروا رحمات السَّحاب
ومن كدحوا في الصخر
وتحدّوا قساوات الصَلاب
ومن خرجوا إليها في الفجر
ورجعوا مع تثاؤبات الليال
*****************
هنا ..
حكايات
من استشهدوا على تربتها
ومن عشقوا خضرتها
ومن حلموا بصبرتها
ومن ملّوا من نبعتها
ماءها الزلال

*******************
خفِّفوا الوطأ عن ترابها
وسيروا ان اسطعتم على
على أمواج حلمها
المنسوج من ورديَّة
همسات الحالمين
فهناك زرعوا
قمحهم ..
وحلمهم ..
وعرقهم ..
وحبَّهم ..
وانتظروا الحصاد
وعرمة الغلال
*****************
الرّوحة
آثار وذكريات زمان ..
قد يجرح أقدامكم منجل جدّي
فهو تحت ترابها مدفون
إحذروا وأنتم تمدّون إصابعكم
الى أكواز صبرها المجنون
فعليها قطرات دماء أمي مكنون
وشوكها كوى فضا العيون
واصيخوا السمع لتسمعوا
لهاث أمي بعد ان أتعبها الغربال
*******************
قالت أمي :
هناك جاروشتنا السمرا
على باب الدّار
تركناها بجانب كانون النار
وحجارة القدره
في رمادها بقايا جمرة
وقالت أمي :
أجبرونا على الرحيل
والطبخة على النّار
والميَّة في الجرة
والزّيت في القنديل
والمونة في السلال
**********************
الرّوحة طريق الراحلات
لا تبحثوا عنها
فقد غطّتها
أوراق اللّوف
وبصيلات الخوصلان
وحجارة أم الشّوف
وخضرة الريحان
تركت خلفها
وهج صدى الأوف
وأدمع الهجران
ونغمات الموّال
********************
الرّوحة حورية عطشى
توارت في عيون الكفرين
تحنُّ الى
رقصة الجرّات
على رؤوس الملّايات
وتمايل حزم القمحات
على رؤوس الغمّارات
على وشوشات
غَنَج السنبلات
في عُرس الحصّادات
لعب الأطفال
****************
الرّوحة عاشقة من اللجّون
فقدت قيثارتها
في طريقها الى البطيمات
لتغنّي لحبيبها
ميجنا وأغنيات
فضاعت بها الطرقات
من سيعطي سراجها فتيل
ليضيئ لها حَلَك السبيل
من سيمسح عن عينيها
غبار سفرها سنينها الطوال
*****************
الرّوحة عروس
اختطفت يوم زفتها
لبست طرحتها
وخضَّبت يديها
حصان عريسها
كان في الطريق إليها
فسار من الكرمل الى الشاغور
فغابت في كهف غربتها المقهور
فانسطوا الى بكاء بيتها المهجور
يطلُّ من تحت الأطلال
*********************
الرّوحة ملكة ..
بنت قصرها من هودج
من التلال
ولبست حول معصمها
سوار من أنَفِ الجبال
وتظلّله أشجار أخذت
من الشمس حزماً من ظلال
فسرقت من نرجسها
حلاوة الغنج والدلال
في النهار تزورها الشمس
وفي عتمة الليل تسهر
مع أنس الهلال
*************
الرّوحة غريبة
تكتب حلمها على كوفيتها
وتعلِّقه على باب خيمتها
تطرِّز حروف عودتها
على صدر عباءتها
وعلى طرف الشَّال
**********************
أيها ألسائرون في دروب الرّوحة
أنظروا غرباً ألا ترون طيفا
إنّها واقفة على جبل الكرمل
خرجت من بحر حيفا
عادت من هناك
من ظلمة المنفى
عادت لتصنع المحال

يوسف جمّال- عرعرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة