ناشدتك بالله في اللغة

تاريخ النشر: 07/02/18 | 10:28

سؤال في الإعراب:
ناشدتك اللهَ إلا عفوت عني

من الجميل عند طرح الأسئلة أننا نراجع ونبحث في المصادر،
ويسرني أنه لا يمر بي يوم إلا وأتخذ فيه يدًا، أو أكتسب فيه علمًا.
الجملة:
ناشدتُكَ اللهَ إلاّ عفوْتَ عنّي
معنى ناشدتك الله: سألتك بالله، وفي هذا التركيب نقدّر نفيًا قبل الفعل، والتقدير:
لا أسألك بالله إلا العفو عني.
لا ننجح في الإعراب إلا إذا أعربنا أي- وضحنا المعنى.
وسأستعين بـ معجم (لسان العرب) في بيان معنى (نشد)، وعلى الأستاذ عبد العليم إبراهيم في كتابه (النحو الوظيفي).
ناشدتك: فعل ماض، والتاء- فاعل في محل رفع، والكاف- مفعول به في محل نصب.
اللهَ- لفظ الجلالة منصوب بنزع الخافض، فالأصل هو (ناشدتك باللهِ).
إلا- أداة استثناء ملغاة لأن الاستثناء ناقص، فليس في هذه الجملة مستنى منه.
وهناك من يسمي أداة الاستثناء الملغاة أداةَ حصْر.
عفوتَ عني:
عفوت: فعل ماض، وفاعل.
عن- حرف جر، والنون الثانية للوقاية، والياء في محل جر بـ عن.
الفعل (عفوْ) مؤول بمصدر مفعول ثان لكلمة (ناشد) بمعنى (سأل)، والتقدير لا أسألك بالله إلا العفو عني.
لاحظنا في هذا التركيب ظواهر كانت لازمة في هذا الإعراب:
1- حذف حرف النفي (بسبب وجود إلا- في جملة الحصر).
2- النصب بنزع الخافض.
3- تأويل الفعل بمصدر وبدون حرف مصدري (إلا ما عفوت عني).
قرأت لبعضهم أن الجملة لا تصح بقولنا “…. إلا عفوتَ عني”، والأصوب في رأيهم:
ألا عفوتَ (حرف عرْض- واللام غير مشددة)،
ومنهم من يرى: “لمّا فعلت” بمعنى إلا، محتجًا بما ورد في اللغة بهذا المعنى في قوله تعالى – {إنْ كلُّ نفس لمّا عليها حافظ}- الطارق، 4.

والرد على ذلك:
التعبير قائم في اللغة، وقد ورد في (لسان العرب) وفي بعض الأحاديث الشريفة، ومنها ما
ورد في حديث شريف أن أعرابيًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
“أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله” (البخاري- رقم 6859- 6860 كتاب الحدود).
ويدخله النحاة تحت الاستثناء المفرغ بتقدير: لا أطلب منك إلا كذا.
وثمة شرح للمعنى: رفعت نشيدتي لله- أي صوتي، وسنتجول في (لسان العرب) لنرى معاني التعبير:
“يا أيها الناشد غيرك الواجد، معناه لا وجدت، وقال ذلك تأديبًا له حيث طلب ضالته في المسجد، وهو من النشيد رفع الصوت.
وكذلك المعرّف يرفع صوته بالتعريف فسمي منشدًا، ومن هذا إنشاد الشعر إنما هو رفع الصوت.
وقولهم: “نشدتك بالله وبالرحم” معناه: طلبت إليك بالله وبحق الرحم برفع نشيدي أي صوتي.
وقولهم نشدت الضالة أي رفعت نشيدي أي صوتي بطلبها. قال: ومنه نشد الشعر وأنشده فنشده: أشاد بذكره وأنشده إذا رفعه.
وقول الأعشى:
ربي كريم لا يكدر نعمة *** وإذا تنوشد في المهارق أنشدا
وفي المحكَم : نشدتك الله نشدة ونشدة ونشدانًا استحلفتك بالله،
وأنشدك بالله إلا فعلت: أستحلفك بالله. وفي الحديث : “نشدتك الله والرحم” ، أي سألتك بالله والرحم.
يقال: نشدتك الله وأنشدك الله وبالله وناشدتك الله وبالله، أي سألتك وأقسمت عليك.
ونشدته نشدة ونشدانًا ومناشدة وتعديته إلى مفعولين إما لأنه بمنزلة “دعوت”، حيث قالوا نشدتك الله وبالله، كما قالوا دعوته زيدًا وبزيد إلا أنهم ضمنوه معنى ذكرت.
قال: فأما أنشدتك بالله فخطأ”.

ب. فاروق مواسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة