الصدق طمأنينة والكذب ريبة

تاريخ النشر: 19/05/18 | 0:46

أيها الأخوة الكرام: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ:
(( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ الْكَلَامُ وَالْهَدْيُ، فَأَحْسَنُ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ، وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدِثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، أَلَا لَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الْأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ، أَلَا إِنَّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ وَإِنَّمَا الْبَعِيدُ مَا لَيْسَ بِآت،ٍ أَلَا أَنَّمَا الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، أَلَا إِنَّ قِتَالَ الْمُؤْمِنِ كُفْرٌ، وَسِبَابُهُ فُسُوقٌ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ لَا يَصْلُحُ بِالْجِدِّ وَلَا بِالْهَزْلِ، وَلَا يَعِدُ الرَّجُلُ صَبِيَّهُ ثُمَّ لَا يَفِي – هذا كذب- لَهُ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارَ، وَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّهُ يُقَالُ لِلصَّادِقِ صَدَقَ وَبَرَّ، وَيُقَالُ لِلْكَاذِبِ كَذَبَ وَفَجَرَ، أَلَا وَإِنَّ الْعَبْدَ يَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ))

[ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ]

حديثنا اليوم عن صدق الأفعال، أن تأتي الأفعال مطابقة للأقوال، أن يبقى الباعث إلى الله مستمراً، أن يخرج الإنسان من رمضان وقد أفطر فمه فقط، وبقيت جوارحه، وبقيت أعضاؤه، وبقيت تجارته، ودخله، وإنفاقه، وبيته، وأهله، وبناته على منهج الله، وعلى الصراط المستقيم ليكون صادقاً في أفعاله.
أيها الأخوة الكرام: يقول سيدنا الصديق رضي الله عنه راوياً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال هذا الصحابي الجليل:
(( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا عَامَ أَوَّلَ فَقَالَ: أَلَا إِنَّهُ لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ النَّاسِ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنَ الْمُعَافَاةِ بَعْدَ الْيَقِينِ أَلَا إِنَّ الصِّدْقَ وَالْبِرَّ فِي الْجَنَّةِ أَلَا إِنَّ الْكَذِبَ وَالْفُجُورَ فِي النَّارِ ))

[ الترمذي عن حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ]

اللهم ارزقنا العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.
يقول عليه الصلاة والسلام:
(( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ ))

[الترمذي عن الحسن بن علي]

فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة، المؤمن مع اليقينيات، مع المحكمات، مع الأمور التي لا تحتمل الأخذ والرد.
(( الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ))

[متفق عليه عن النعمان بن بشير]

الصدق لايتجزأ والكذب لا يتجزأ
أيها الأخوة الكرام: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:
(( أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَمَلُ الْجَنَّةِ قَالَ: الصِّدْقُ – واسعة جداً هذه الكلمة، فلان صدق مع الله، صدق مع نفسه، لم يكذبها- وَإِذَا صَدَقَ الْعَبْدُ بَرَّ، وَإِذَا بَرَّ آمَنَ، وَإِذَا آمَنَ دَخَلَ الْجَنَّةَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَمَلُ النَّارِ؟ قَالَ: الْكَذِبُ، إِذَا كَذَبَ الْعَبْدُ فَجَرَ، وَإِذَا فَجَرَ كَفَرَ، وَإِذَا كَفَرَ دَخَلَ يَعْنِي النَّارَ ))

[ أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو]

والنبي عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عنه أبو هريرة رضي الله عنه قال:
((لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ – لأن أحدهما يناقض وجود الآخر- وَلَا يَجْتَمِعُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ جَمِيعًا ))

[ أحمد عن أبي هريرة]

إن كان صادقاً فليس كاذباً، وإن كان كاذباً فليس صادقاً، أيها الأخوة هذا المعنى دقيق، الصدق لا يتجزأ، والكذب لا يتجزأ، من كان صادقاً مع الله كان صادقاً مع نفسه، وكان صادقاً مع الناس، وكان صادقاً مع أهله، وكان صادقاً مع زبائنه، وكان صادقاً مع جيرانه، وكان صادقاً مع بقية الخلق. كلكم يعلم أن أحد علماء الحديث انتقل من المدينة إلى البصرة ليأخذ حديثاً عن أحد رواته، رأى هذا الراوي يوهم فرسه أن في ثوبه شعيراً، رفع ثوبه هكذا وكأن فيه طعاماً لهذا الفرس ودعاها إليه، اقترب منه فلم يجد في ثوبه شيئاً، فعاد إلى المدينة ولم يكلمه.. هذا كذب على من؟ كذب على حيوان، الكذب لا يتجزأ، والصدق لا يتجزأ، إن كنت صادقاً مع الله، كنت مع الناس صادقاً، كنت مع نفسك صادقاً، كنت مع خلق الله صادقاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة