من سيعيد لأمي زفتها..!؟

تاريخ النشر: 02/10/17 | 10:00

من سيعيد لأمي زفتها..!؟
ما زلت أبحث عن أمي ..
شاهدوها آخر صيف
وهي تكتب على باب المخيَّم
حروف الرجوع
واختفتْ ..
**********
وطفتُ أبحث عنها
في شعاب النجوع
على كتفي طرحة عرسها
وفي يمناي حطتها تلوح
وأمامي وجهها المربوع
********************
ويسألني نجم الشمال
لماذا تركتها ترحل قبل زفتها
ولم تلبسها خلخالها
ولم تمشِّط شعرها
ولم تحنّي يديها
ولم تغني لها أغنيات
الطلوع
******************
أحمل جراحي في مسامات لهاثي
وأمشي حاملاَ على كتفي الدامي
طريق الآلام
فتحمل الريح غبار سهل حطّين
وتذريها في وجهي
ألملم غبار الريح من بين جفوني
وأزرع فيه بذوراً من دمي
فتنبتُ قرنفلة حمراء
أضعها على جرحي المفتوح
وأسوح في البراري باحثاً
عن حليب صدرها في مجاهل
النجوع
***********************
أنادي شمس الهجير
فتردُّ عليَّ سراب.. سراب
تكتبُ شمس الهجير بأوراقها الصفراء
رسائل الخداع
على ظلالات الشجر
أبحثُ عن بقع ضوء بين الظلالات
فتتبعثر بين تشتات رؤياي
فأضيع ..
**********************
قالتْ الصحراء
من هنا مرَّت
فأسوح في سراب مداها
سراب بلا بدايات
وورائه تختفي النهايات
بين متاهات الضلوع
قالت جارتها
من هنا خرجت
بعد ان ودَّعتْ أرغفة الطابون
وخيوط البامية
والبصلات
والنعنعات والزيتون المرصوع
**********************
من هنا سافرت ..
الى محطات لا يوصل بينها لا طريق
ولا قطار
ولا بها عريشة تحجب عنها لظى
شمس الجمار
ولا حليب في صدرها يكفي عطش
المشوار
ولا خيط في زنارها يجمع مفاتيح
الديار
***************************
مشت عكس مسارات
هجرة الطيور
فصاحت بها الطيور
المسار .. المسار
فأجابتها
لم أتعلّم طرائق الأسفار
فردت عليها الطيور
قبل أن ترحلي الى متاهات القفار
تعلَّمي مسارات الرجوع
***********************
تتسلل القفار الى عيني أمي
تبحث عن طريق
فلا تجد إلا ظلام ليل النازحات
صاح جرحها من بين رمل الكثبان
أنا غريق .. أنا غريق
من سيؤاوي إبرتها
من سيطرز شالها
من سيقرمل شعرها
من سيقطف صبرتها
من سيمسح جرحها
من سيكفكف دمعها
من سيحميها من لطمات الوقوع
*************************

قالت مريم المجدلية رهي تهزُّ نخلتها
تناولت حبات تمر
و مرت من هنا
وبين يديها طفل عريان
تلفُّعه بظلمة الليل
كانها تحمل في حضنها عذابات
اليسوع
وقالت الطيور
أيتها الراحلة مهلاً
تعمّدي من مية الأردن
ففيه حليب للراضعين
واملئي رئتيك من هوا الجلبوع
ففيه بوصلة للراحلين
**************************
لم تتعلم في مخيَّمها سوى
لغة الرجوع
كانت تكتبها على باب المخيَّم
بحروف الجوع
ما زالت طرحتها على كتفي
وما زال فراش صلاتها
مفروشاً
ينتظر سجودها المقلوع

يوسف جمال-عرعرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة