كيف نكتشف مواهب أبنائنا؟

تاريخ النشر: 23/10/17 | 16:14

من الطبيعي أن نفكر -كآباء وأمهات- في سعادة الأبناء ونجاحهم في الحياة، غير أن الأحلام وحدها لا تكفي ولا تفيد، بل المهم أن نسهل سبل النجاح أمام أطفالنا الصغار، فهذا أمر نتركه جميعنا للصدفة، وبخاصة في ظل تعقد الحياة وانشغال الأبوين، ونعتمد على المدرسة وحدها في هذا الأمر.
ولكننا ننسى أن المدرسة بتلاميذها الكثيرين وأوقاتها المحددة، وانعدام حصص النشاط تقريبا، ليست المكان الجيد لاكتشاف مواهب الطفل وتنميتها إلا في حالات نادرة، فكل ما تقدمه للطفل طائفة من المعلومات الجامدة.. فماذا نفعل؟
دور الأبوين في المنزل:
على الوالدين أن يتركا لأطفالهما حرية اختيار الألعاب التي يمارسونها، وألا يضيقا عليهم الخناق، أو يفرضا عليهم أسلوبا معينا من الألعاب، كأن يفرضا على البنت أن تلازم اللعب بالدمية التي تمثل “العروسة” مثلا أو شيء من هذا القبيل، وألا ينزعجا إذا ما بدأ الطفل في تفكيك اللعبة إلى عناصرها الأساسية، فغالبا ما يكون هذا التصرف طبيعيا، لأن الطفل الذكي يميل إلى استكشاف العالم من حوله، واستطلاع كل شيء، ومن ضمنه تلك اللعبة التي بين يديه، فهو يحب أن يرى كيف تتحرك، وما الذي يسبب فيها الكلام أو الألحان
(إذا كانت تتحرك أو تصدر موسيقا معينة).
والمهم ألا يكف الوالدان -كلاهما أو بالتبادل- عن ملاحظة أطفالهما، ولهذا هدفان:
-اكتشاف نوع موهبة طفلهما (ليس من الضروري ان يكون كل الأطفال موهوبين).
– حماية أطفالهما من الأخطار (الكهرباء أو الغاز أو النار مثلا – لا قدر الله).
الموهبة والتعريف العلمي للموهوب
يختلف علماء النفس والتربية في تعريف الموهوبين، إلا أنهم يتفقون على أنَّ التفوقَ العقلي وارتفاعَ نسبةِ الذكاء، هما أساسُ التعرف عليهم. وقد أثبت علماءُ النفس أنَّ نسبةَ الذين تقلُّ نسبةُ ذكائهم عن( 6. ) من حاصل الذكاء – وهم المتخلفون عقلياً – تصل إلى ( 2.5 % ) من مجموع أفراد أي مجتمع، وأما الذين تزيد نسبة ذكائهم عن ( 13. ) – وهم المتفوقون عقلياً – فلا يتجاوزون (2.5%) من مجموع أفراد المجتمع.
وبذلك يُمكنُ تعريف الموهوب أنه:
الفردُ الذي تزيد نسبة ذكائه عن ( 13. ) من حاصل الذكاء، وصفة (الموهوب) تعني قدرةً عقليةً عاليةً جداً. وتدل الموهبة على أولئك الذين يملكون بعضَ القدرات الخاصة بشكل متميز، مثل الرسمِ، والشعرِ، والكتاباتِ الإبداعية، والرياضةِ، والحرفِ اليدوية، والمهاراتِ الميكانيكية، والقيادةِ الجماعية.
وتؤكدُ البحوث الحديثة أن الموهبةَ ذاتُ صلة بالذكاء، وأن أصحابَ المواهب أناسٌ توافرت لهم ظروفٌ بيئيةٌ ساعدت على إنماء ما لديهم من طاقة عقلية، وتمايزُها في
اتجاه الموهبة، وأن نجاحَ الفرد يثير لديه قدراً مناسباً من الدافعية للإصرارِ والمواصلة، وهذا بحد ذاته يحققُ للفرد أداءً متميزاً في المجال الذي برزت موهبته فيه.
علامة الخطر عندك.. قد تكون شرارة الموهبة
ومن الغريب والطريف أن ما قد يظنه الوالدان علامة للخطر لدى أطفالهما، قد يكون إشارة مبشرة بموهبة فريدة عند طفلهما، فقد جاءت إحدى الأمهات تشكو أن ابنة لها
كثيرة الكلام، تحكى لأخواتها وأحيانا لها شخصيا عن أشياء لم تحدث أو حدثت ولكنها تبالغ في حكايتها، في البداية ظنت الأم أنها تكذب، ولكنها لم تلاحظ في حكايتها ضررا، فهي تتخيل أنها تحدث العصافير مثلا، أو أنها ذهبت إلى مكان بعيد وقابلت أطفالا ولعبت معهم ألعابا غريبة، أو تتخيل حيوانات تطير.. وعندما ذهبت وحكت للمشرفة في المدرسة اهتمت بالأمر، وبعدها اتصلت بالأم وقالت: لا تقلقي.. ابنتك طبيعية، ولديها موهبة في الحكي، وقد يكون ذلك مبشرا بموهبة كبيرة في التأليف.

دور المنزل.. أكثر أهمية
تقول إحدى الباحثات العاملات في حقل الطفولة بجامعة جون هوبكنز- ميريلاند: لا أحد يعرف الطفل حق المعرفة كما يعرفه الأب والأم، ذلك أن شخصيته متشابكة، تمتلىء بالاهتمامات الخاصة التي لا تظهر بوضوح إلا في تعاملاته داخل المنزل.. والأم والأب خير من يقدر على اكتشاف هذه الشخصية، فهما يعيشان معه ويراقبانه، وبالتالي ففي إمكانهما أن يكتشفا قدراته واهتماماته وبالتالي يعملان على تنميتها.

وبالنسبة لدور كل من الأم والأب، تبين معظم الدراسات في هذا المجال أن الأم تلعب دورا مؤثرا في تنمية موهبة طفلها، وخصوصا في السنوات الأولي من عمره، والتراث العلمي يزخر بالعديد من الدراسات التي تبين هذا الدور، ومعظم الدراسات يؤكد أن هناك ارتباطا وثيقا بين ذكاء الأم وطفلها، ويؤكد أن مستوى تعليم الأم بصورة خاصة ومشاركتها ومتابعتها لأمور الطفل وهو صغير كلها أمور ذات آثار إيجابية بعيدة المدى على تربية الموهبة لدى الطفل مستقبلا.

كما أورد ( لوي ولويز) عددا من الدراسات التي بينت أن هناك ارتباطا قويا بين توقعات الأم وذكاء طفلها، ومن الصعب التحقق في هذا الصدد من اتجاه العلاقة بين توقعات الأم وقدرات طفلها، وتحديد العلاقة السببية بينهما، وأي متغير يسبب الآخر، وما إذا كانت توقعات الأم هي التي تؤثر على ذكاء الطفل، أم أن العكس صحيح. ولكن من الثابت علميا أن نوعية التفاعل بين الأم وطفلها بغض النظر عن السبب الحقيقي في إحداث هذا التفاعل يلعب دورا كبيرا في تربية الموهبة لدى الطفل، وأن الأم تمتلك توقعات عالية لطفلها تكون أقدر على توفير بيئة غنية ميسرة لتنمية موهبته.
وليس أدل على ذلك في الحياة العامة، مما ذكره التاريخ لوالدة العالم الأميركي الشهير “توماس أديسون”، إذ اعتذرت المدرسة في صغره عن تكملة تعليمه بسبب “تخلفه عن زملائه”، فتولت الأم بنفسها تربيته وتعليمه، حتى صار “أديسون” أشهر مخترع في التاريخ، وسجل له التاريخ أكثر من ألف اختراع، كلها من عينة المصباح الكهربي، وجهاز التسجيل.. إلخ.
بين دور الأم.. ودور الأب:
ويلعب التفاعل اللفظي بين الأم وطفلها دورا كبيرا في تنمية القدرات العقلية لدى الطفل منذ أشهره الأولى، وتشير الدراسات إلى أن التفاعل اللفظي لأمهات الأطفال الموهوبين يتسم بالتعزيز اللفظي، وإعطاء إرشادات لفظية، وإلقاء أسئلة مفتوحة، وعدم إعطائه إجابات جاهزة بل تشجيع الطفل على أن يبحث عنها بنفسه، وكذلك حب الاستطلاع لديه.
أما بالنسبة لدور الأب فإنه لا يقل عن دور الأم في تربية الموهبة والإبداع لدى الطفل رغم أن معظم الدراسات السابقة قد ركز على دور الأم فقط .
دور الأم في اكتشاف الطفل الموهوب أو المتميز
من خلال الملاحظة والمتابعة لكل سلوكيات الطفل ومهاراته الحركية، فمثلا هل الطفل:
• يتمتع بفضول كبير.
• يمشي أو يتحدث مبكراً.
• يستخدم يديه وأحياناً قدميه بسهولة لإنجاز بعض المهام الحركية الكبيرة والصغيرة كقدرته على التقاط شيء صغير باستخدام أصابع قدميه.
• يظهر اهتماما مبكرا بالحروف الأبجدية.
• يهتم بمسألة الأرقام والوقت، ويفهمهما إلى حد ما.
• يستطيع ترتيب البازل الذي يناسب سنا أكبر..
• يعبر عن ضيقه مما يحده (مما يظهر أن عقله يريد أن ينجز أشياء لا يستطيع جسمه بعد التعامل معها).
• يقوم باستمرار بتقسيم، وترتيب، وتنظيم الأشياء وتسميتها.
• يستطيع استيعاب مفهوم “السبب والنتيجة”، ويستطيع عمل “تخمينات” جيدة عند محاولة الإجابة على الأسئلة، ويستجيب للاتجاهات والأمور المتعددة التى تطلب منه فى سن مبكرة عن غيره.
• يستطيع النجاح فى الاختبارات التى تعطى لمن هم أكبر منه سناً.
• لديه عدد كبير من المفردات، ويستطيع التحدث بطريقة مرتبة ومفهومة فى سن مبكرة ويستطيع التعبير عن نفسه باستخدام كلمات صعبة وجمل مركبة.
• يظهر استيعابا سريعا للمعلومات.
• لديه قدرة على الانتباه لفترات طويلة.
• يحكى القصص والأحداث بوضوح، ويستطيع ابتكار نهايات منطقية للقصص.
• يتذكر الأحداث المعقدة ويستطيع شرحها بوضوح بعد مرور فترة طويلة على حدوثها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة