فهم لغة الحمير

تاريخ النشر: 20/08/17 | 16:23

إن خبرتي في فهم لغة الحمير , ملأت الآفاق , ووصلت أخبارها , إلى القريب والبعيد .,
أمس انطلق نهيق حماري يناديني , في هذه المرة , عجزت عن فهمه , فهرعت الى بيته , لأتبين مراميه ..
ولما دخلت بيته, وجدته جالساً يتمرغ على الأرض ..
ولما لاحظ عدم مبالاتي .. واعتباري الأمر عادياً .
صرخ بيَّ :
– أيرضيك حالي – يا صاحبي العزيز !؟
– ( أنا الوحيد الذي يعرف ,متى يستعمل كلمة ” صاحبي “.. بمعنى الرفيق , أو بمعنى المالك .. وهنا استعملها بمعنى المالك ,المجبر على توفير, حاجات ما يملكه.!).
– أنك تعيش معي, عيشة يحسدك عليها , جميع جنسك من الحمير..!
رددت عليه باستغراب ,منتظراً ما يريد الوصول إليه.
– أيرضيك ان أجلس هكذا على الأرض !؟ ..
– على ماذا تريد ان تجلس – أيها الكافر للنعمة .. !؟ انكم – صنف الحمير- تجلسون وتتمرَّغون على الأرض .. منذ بداية وجودكم عليها ..!
صرخت به ,بعد ان ثار بي غضب ,كاد يفجِّرني..
– وأنتم – بني البشر- كنتم تجلسون ,وتنامون على الأرض , مثلنا ..! ردَّ متحدِّياً .
– ولكننا- أيها الحمار اللعين ..! صنعنا بفكرنا أشياء نستطيع أن نجلس وننام عليها .. هاجمته ..
– يا سيدي – يا صاحب الفكر الكبير- .!, لم أقصد الكرسي المصنوع من الخشب, أو غيرها من المواد ..!! رد لي الصاع صاعين ..
– ماذا تقصد ..!؟ قلت هارباً , الى زوايا الغباء ..
– أقصد من ” يُعمِّر” هذه الكراسي ,من أصحاب المناصب , من مسؤولين وزعماء .!
– وأنت ما شأنك .. !؟
– يحق لنا – معشر الحمير- أن نحصل ولو على كرسي واحد .!!
– من يمنعكم .. !؟ زعقت به..
– لا نجد كرسياً فارغاً .. فإذا جلس واحد منكم – يا بني البشر- على كرسيَّ ” لزَّق” به ,فلا يتركه الى يوم مماته , أو يُخلع منه بالقوة ..وإذا خُلِع منه تكالب عليه ,”عشاقه”.! الذين ينتظرون خلوه على أحرَّ من الجمر . وهم كُثُر كما تعلم يا سيِّدي ..
– حمار كلُّ من يطلب الكرسي ..!! فهو مصدر للمتاعب والمصائب..! قلت مفتعلاً الغضب ..
– هل نسيت – يا صاحبي- أني حمار .!؟ كلُّكم تقولون مثل هذا , ولكنكم ” تلزِّقون” به .. حتى تشعرون انكم جزء منه ..! رد مستمراً في خطة هجومه .
– قل لي ما تريد .. ” وخلصني” ..! قلت مبديا ً ضيق ذرعي .
– أطلب إعادة حصتنا من ” الكرسي ” التي اغتصبت منا ..!
– عن أي حصة تتحدث .!؟ صرخت به ..
– حصة جدي كرار بن جحش بن حمارويه ..!
ألم تقرأ في كتب التاريخ .!؟ .. أنه عندما اشتد الخلاف على الخلافة بين العرب , وعجزوا على الأتفاق من يكون خليفة , اتفقوا ان يعطوها لمعشر الحمير مؤقتاً ,حتى يجدوا حلاً ..استمر في تذكيري بتاريخ حقهم .
– إذن لقد كانت لكم – يا جنس الجحاش – نصيب في الخلافة ..! قلت ساخراً .
– نعم ولا ..! لقد اتفق جدي كرار الشمالي ,مع جحشان الجنوبي على تقاسم الفترة مناصفة , ولكن عندما أزف يوم التناوب .. اغتنم واحد منكم – بني البشر- فرصة خلو الكرسي لثوان معدودات, وجلس عليه ” ولزَّق ” .! , وكل محاولاتنا لسلخه عنه ذهبت أدراج الرياح .
فهربت من أمامه ,أبحث عن نصف دماغي الذي طار ..!

يوسف جمّال – عرعرة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة