كيف تربي طفلك بدون عنف؟

تاريخ النشر: 14/08/11 | 4:28

من أصعب الحالات التي تمر على الطبيب النفسي تلك التي يكون فيها السبب الرئيس للمرض مواقف العنف التي يتعرض لها الطفل منذ نعومة أظفاره وبأسلوب منتظم ومتصاعد خاصة أن الطفل يخرج الى هذه الحياة مبتسماً بريئاً في تعبيره في رفض أية ظواهر سلبية ضده.

وإذا كان مرتكبو العنف هم أولئك الذين يتوقع منهم الطفل الحماية والأمان فلا أمل ولا أمان حيث يتحول هذا المخلوق الضعيف إلى الإنطواء ويتشتت تفكيره ولا يقوى على مواجهة الآلام وهذه بداية لأن يدافع عن نفسه بأن يصب الغضب على المجتمع ويبدأ في مرحلة العنف المضاد.

وفي الغالب تترسب هذه الآلام في عقل وذاكرة الطفل وتجعله غير قادر على تحقيق ما يتوقعه وما يحلم به ويصبو إليه فتكون محصلة هذه الأزمات نتاجاً يصعب في بعض الأحيان على المعالج أن يجد له مخرجاَ.

فالأطفال الذين يتعرضون إلى سوء المعاملة في المنزل تمتد ساحة القتال من منازلهم وتشمل المدرسة وهذا يؤدي بهم إلى الفشل الدراسي ورسوب في المدارس وإلى مصاعب مع سلطات المجتمع المختلفة وفي محاولة من هؤلاء الأطفال الذين يعانون الضرب والذين يعيشون في عالم عدواني غير مريح فإنهم يجنحون الى مصاحبة الأطفال من أمثالهم وتسمع منهم دائماً “أن والدي ومدرسي لا يفهماني ولكن صديقي يفهمني” وهي نواة لظهور العصابات وجماعات البلطجة في الشوارع والمدارس وتجنب الذين يعانون من عدم الثقة بالنفس نتيجة للضرب والإهانة والتهديد والانتقام ولذلك فيجب ألا نتعجب اذا رفض الكثير من الصغار حياة الكبار وأسلوبهم ومفاهيمهم الدينية..إننا يجب ألا نتعجب أن يلجأ من تعرضوا للضرب لإستخدام العنف ضد أسرهم ومجتمعهم في أول فرصة يستطيعون فيها ذلك.

أن بعض الآباء يكرهون ضرب أبنائهم وقد يفعلون ذلك مجبرين وفي الغالب فإن الأب أو الأم يضربان الطفل لحل مشاكلهم وليس لتربية الطفل أو لتحقيق مطالبهم التي تشكل مشكلة لهم.. وقد أظهرت الأبحاث ان الأطفال الذين يتم ضربهم ينشأون قليلي الإحترام للنفس مكتئبين ويقبلون بالوظائف قليلة الأجر لذلك يجب أن نسأل أنفسنا ما هي البدائل لضرب الطفل.

فما العمل لو زاد غضبك من أفعال طفلك؟

إهدأ ولا تنفعل إذا شعرت أنك غاضب وتفقد السيطرة على نفسك وأنك لابد سوف تضرب طفلك، أترك المكان مؤقتاً.. اهدأ بعيداً عن الطفل واسترخ في هذه اللحظات التي سوف تبعد فيها عن طفلك تجد البديل أو الحل للمشكلة.

اعط نفسك بعض الوقت من الراحة فالكثير من الآباء يجنحون الى ضرب الأطفال عندما لا يجدون وقتاً للراحة في حياتهم لذلك من المهم أن يحصل الآباء على بعض الوقت من الراحة في القراءة أو تمرينات رياضية أو المشي أو التعبد والصلاة..كن محباً ولكن كن حازماً وعادة ما يحدث الإحباط والإندفاع إلى ضرب الطفل إذا لم يسمع منك الكلام عدة مرات وفي النهاية فإنك تضربه لكي تعدل من سلوكه وكحل آخر لمثل هذه المواقف فإنك يمكن أن تقترب من الطفل وتنظر في عينيه وأن تمسك به بحنان وبكلمات رقيقة وحازمة ما تأمره به مثل “أريدك أن تلعب من دون ضوضاء”.

إن اعطاء طفلك البدائل هو أفضل من ضربه فعندما يلعب الطفل بالأكل فمن الأفضل أن تقول له “إما ان توقف لعبك بالطعام أو سأضربك”.

اذا أقدم طفلك على كسر شيء في المنزل فلا تضربه لأنك اذا ضربته فإنه يحس بالغضب والرغبة في الانتقام من الأهل الذين ضربوه وسوف يتعلم أنه اذا كسر شيئاً مرة يجب أن يختبئ أو أن يلفق التهمة بآخرين أو يكذب أو ببساطة ان لا يراه أحد لخوفه من الضرب فهل تريد أن يحترمك طفلك لأنه يخاف منك أم لأنه يحبك.. الأفضل أن تحذره أنه اذا كسرها مرة فسوف يشتريها من مصروفه واذا كسر نافذة الجيران يمكن أن تقول له “أنت كسرت الزجاج ونحن سنصلحه وأنت تشارك بجزء من مصروفك ” وأطلب منه إزالة الزجاج المكسور اذا كان قد تعمد ذلك فإن القرار لا يكون على الخطأ بقدر ما يكون على تحمل مسئولية اصلاح الخطأ.

هناك عقوبات أخرى غير الضرب عندما يفعل الأطفال أشياء تم نهيهم عنها واتفق الوالدان معه على عدم تكرارها.. فإنهم يتجهون الى عقابهم وكبديل فهناك عقوبات يمكن استخدامها ويقصد بهذه العقوبات اعادة السلوك الى طبيعة وكمثال لهذه العقوبات أن يطلب من الطفل أداء أعمال منزلية معينة أو أداء بعض الأعمال الشاقة خارج المنزل كتعويض عن عدم سماعه الكلام.. مثل هذه العقوبات ذات الطابع الايجابي تجعل الطفل يلتزم بما نهى عنه وتجعله يقبل العقاب حيث أن ما عوقب به فائدة للأسرة.

الانسحاب من النقاش.. أولئك الأطفال الذين يجيبون بصوت عال أو بانفعال شديد ويعانون ويكررون كلمات العناد يؤدي ذلك بالأب أو الأم الى صفعهم بقوة على الوجه أنهم من الأفضل في مثل هذه الأوقات الانسحاب سريعا من المواقف، قل لطفلك سوف انتظرك في الغرفة الأخرى اذا أردت أن تعترض أو تتحدث مرة أخرى عن الموضوع.

استخدام عبارات لينة ولكن حاسمة.. لا تضرب يدي طفلك الصغير عندما يمسك أي شيء ولا تعتصر يديه الرقيقة لكي تأخذ منه شيئاً في يده ولكن خذ الطفل الى مكان آخر واعطه لعبة أخرى لكي تشغل انتباه الطفل عما بيده.

أبلغ طفلك بالممنوعات مقدما عندما يكون صراخ طفلك عنيفاً وبكاؤه عالياً فإن هذا قد يفقدك أعصابك. الأطفال دائما يستخدمون هذه الانفعالات الحادة عندما يعاقبون على شيء لم يبلغوا مسبقا بعدم عمله أو نتيجة لإحساسهم بالعجز في موقف ما فبدلا من أن تقول لابنك في التليفون مثلا اترك بيت صديقك فورا وتعال الآن قل له أمامك خمس دقائق لتعود الى البيت.. أن ذلك سوف يُسمح للطفل بأن ينهى ما بيده من لعب أو مذاكرة أو حديث.

‫3 تعليقات

  1. ألصراحه الموضوع كثير شيق ونصائح فعاله ومفيده. بس أحنا الاهل بطل عنا طوله روح وأعصاب بسبب مشاغل وصعوبه الحياه, حتى أولادنا بطل ألنا اعصاب الهم. علشان هيك تطبيك هاي النصائح بفكرش في أهل بستعملوها, لأنهم بنجلطو بدري بعد هيك تصرفات,وبسبب سوء الحياه صار عنا رده الفعل كثير قويه, مش بس مع أولادنا.

  2. أظن أن هذا الموضوع في غاية الأهمية لأنه بالفعل الطفل كالورقة البيضاء ونحن من نسجل على هذه الورقة لا شعوريا الكثير من الأشياء … ومن يقول لك صعوبة و مشاغل الحياة أقول له نحن من نجلب مشاغل الحياة إلينا … لأنه مثلا من يعلم أنه ليس قادر على إطعام X أطفال لم يكن عليه أن ينجب X أطفال … ومن يعلم أنه ليس بقادر على إعالة زوجة وعائلة ما كان عليه الزواج … نحن من نجلب أكثر الهم إلينا وليس الهم من يأتي إلينا … لا أقول أن الحياة لا تضع على كاهلنا قسرا الكثير من الأمور لكننا نحن أيضا كثيرا ما نتواكل على الله … كقولنا ” بدي أتجوز و الله كريم ” … صحيح يا أخي الله كريم لكن قال عليه الصلاة والسلام “إعقل وتوكل” … كما نحن في مجتمعنا العربي متمسكون بنظرية كثرة الأولاد لا هذه نظرية كانت مقبولة ولا تشكل مشكلة سابقا لكنها الآن نظرية جالبة للهم والتعب وغير منطقية … إذن لماذا لا نكتفي بولد أو ولدين ونربيهما أحلى تربية و نجعلهما يتمتعان بالتربية والحياة السهلة والسليمة … طبعا هذا رأي ولكلن رأيه لـكن أرجو أن الفكرة قد وصلت … و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته .

  3. عزيزي MASTER E
    كلامكجميل ومنطقي…فاطفالنا شمعة حياتنا…احيانا نظن ان ما نفعله معهم هو التربية السليمة حين نهم بضربهم..ولكننا لا نعرف مدى تأثير ذلك عليهم..فان السنوات الثلاث الولى من حياة الطفل تصقل شخصيته وحتى السنوات التابعة لها ايضا لها ذات الاهمية في صقل شخصيته..وعلينا دعمه وحمايته والاهتمام به دائما لكي نكسبه الى صفنا…اما بالنسبة لموضوع كثرة الاولاد فانا ايضا اؤيدك فيها فالافضل انجاب طفلين او ثلاثة نهتم بهما على ان ننجب العديد منهم ولا نعطيهم الاهتمام اللازم…وانا شخصيا افكر في تكوين اسرة صغيرة ان شاء الله (لما ييجي النصيب) 🙂

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة