الإختصار أو الرمز

تاريخ النشر: 22/05/17 | 15:12

أعني بالاختصار أن نستعيض عن الكلمة أو الجملة بأول حرف أو ببعض الحروف، وهي ظاهرة كثيرًا ما نراها اليوم في اللغات الأجنبية، وفيها تيسير في كلمات اللغة واقتصاد فيها.
كان الظن أن العرب لم يكونوا على علم بأهمية الاختصار، ولكن بعض النماذج دلت على اعتمادهم ذلك- أي على هذا النقص بالرمز- بمعنى نقص من حروف الكلمة أو الجملة والاكتفاء بما يرمز إليها.
ومن يدري فلعلهم كانوا السبّاقين الأوائل في ذلك، والأمر يحتاج إلى دراسة علمية واستقصاء.
في القرآن الكريم بُدئ برموز: م (وقف لازم)، لا (وقف ممنوع)، ج (وقف جائز)، وثمة رموز أخرى.
أما أول معجم عربي قديم استعمل الاختصار فهو (القاموس المحيط) للفيروز آبادي، ومن رموزه:
م (معروف)، ع (موضع)، ج (جمع)، د (بلد)… وغيرها.
كذلك استعمل الفيروز آبادي في (القاموس المحيط) وتبعه الآخرون:
و (ما لامُه واو)،
ي (ما لامُه ياء).
في الكتب العلمية والأدبية القديمة وجدنا نحو:
الشـ (الشارح)، ش (الشرح)، أيضـ (أيضًا)، الظـ (الظاهر)، ض (ضعيف)، إلخ (إلى آخره) اهـ (انتهى)، ثنا (حدّثنا)، ثنى (حدثني)، أنا (أنبأنا)، نا (أخبرنا).
صلعم، ص م، (صلى الله عليه وسلم)، وهذان الرمزان مكروهان عند بعض الفقهاء ومجازان عند البعض)، رض (رضي الله عنه)…
نستخدم اليوم في التاريخ: ق.م (قبل الميلاد)، ب. م (بعد الميلاد)، م (ميلادي)، هـ (هجري)، ت (توفي).
وفي المكاييل والمقاييس والأوزان: م (متر) سم (سنتيمتر) ملم (مليمتر)، كغم (كيلو غرام) …
في الألقاب: د. دكتور، أ.د (أستاذ دكتور) وهذا اللقب أستخدمُ له الرمز ب. =(بروفيسور).
وفي الاتصال: نستخدم ت. (تلفون)، ص.ب (صندوق بريد).
ثم إننا نجد في المعاجم المختلفة الحديثة اختصارات يجعلها المؤلف دليلاً في تصدير معجمه أو في نهايته، كما أننا نقرأ في كتب الأبحاث رموزًا على نحو:
م. س (مصدر سابق)، م. ن (مصدر نفسه، ومنهم من يجعلها- ن. م)، را (راجع)…إلخ
من المنظمات السياسية من اختار الاختصارات، ونجح فيها، نحو:
حماس، فهي اختصار أوائل الكلمات: حركة المقاومة الإسلامية، و فتح- التي كانت في الأصل ح. ت. ف حتف= حركة تحرير فلسطين، لكن وبسبب المعنى (الحتف= هو الموت) فقد قلبوا الترتيب ليتيمنوا خيرًا، فكانت (فتح)، وعملية قلب الحروف جرت كذلك في اختصار حزب “فدا”= (الاتحاد الديموقراطي الفلسطيني).
ثم كانت هناك وكالات للأنباء قد عمدت إلى هذه الاختصارات، نحو وفا- وكالة فلسطين للأنباء، واع= وكالة أنباء العراق.
في محاولاتي لترجمة كلمات طاغية في العبرية على لغتنا حاولت إدخال الاختصار، فمثلاً:

جربت في ترجمة עֶסֶק מורְשֶׁה أن جعلتها: م. م (ميم ميم،من مشتغل مرخص أو من مصلحة مرخصة- سيان)، وكل كلمة من أي اختيار تبدأ بالميم. أكتب ذلك وعهدنا بالشركات التجارية موصول، حيث يثبتون بعد اسم الشركة م. ض – (ميم ضاد)- أي محدود الضمان؟
وفي ترجمة מע”מ= ضَـقـا.
ففي العبرية تم اختصار מַס עֵרֶךְ מוּסָף إلى (מָעָ”מ) ويلفظونها- ماعَـم، فلماذا نحجم عن اختصار ضريبة القيمة الإضافية إلى (ض. ق. ا)- ونلفظها ضَقـا، من هنا فلا أرى تثريبًا أن نقول سندفع (ضقا) في الخامس عشر من الشهر، ولا أظن اللفظة بعيدة عن جو الدافعين الذين يحسون بالضيق من دفعها.
ولو تسنى لي (والأمر عسير، ولكن الاقتراح متاح) لجعلت اختصار בָּגָ”ץ (בית המשפט הגבוה לצדק)، ويلفظونها بيننا (باﭽَتس) لفظة مختصرة هي مَـعَـل (محكمة العدل العليا).
ولترجمت מַנְכָּ”ל (مَـنْـكال) = ميم عين = مدير عام= م.ع.
סַכּוּ”ם (سكوم) = شَـوْسَـم، وهي اختصار مجموعة الشوكة، السكين، الملعقة.
..
هذه الاقتراحات للحؤول دون استخدام اللغة العبرية في حديثنا اليومي، وما أشيعها فيه!

ب.فاروق مواسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة