الإنتخابات والتعيينات بين الدّين والدُّنيا

تاريخ النشر: 28/04/17 | 12:57

كلما جرت إنتخابات محليَّة أو قُطريَّة ، أو تعيينات حزبيَّة أم حكوميَّة ، وعلى جميع الأصعدة ، دوليَّاً ، عالميَّاً أو محليَّاً ، فلا بُدَّ أن ينقسم النَّاس بين مؤيِّدٍ ومعارضٍ ، رابحٍ أو خاسرٍ ، راضٍ أم ساخطٍ . وعندها سيبرِّر الرَّابحون ، والمؤيِّدون سبب تأييدِهم ، ويجتهد الآخرون لإثبات سبب خيارهم الخاسر أو المعارض .

أصحاب الميول الدّينيَّة ، من الواضح أنَّهم سيستخدمون النُّصوص والتعابير الدّينيَّة في تحليلاتهم . ويردّون القضايا إلى أصولها الفقهيَّة والدّينيَّة ، جائزٌ أم حرام ؟ مقبولٌ شرعاً أم مرفوض ؟. هل الدّيمقراطية والإنتخابات هي المقصودة في مبدأ الشُّورى الذي يعتمده الإسلام ، أم أنَّها بدعة وضلالة ؟. وهل فعلاً صوتك أمانة ، تُسأل عنه يوم القيامية ؟. وهل خياراتي بين ملتزمٍ دينيَّاً أقل كفاءة أو غير ملتزم دينيَّاً ولكنَّه أكثر كفاءة ، هي خيارات قطعيَّة أم إجتهادية ؟. وغيرها الكثير الكثير من التساؤلات ، التي تقبل ولا شكّ تنوّعاً في الإجتهادات ، واختلافاً في الإجابات .

أمَّا غير المتديّنين ، فلهم أيضاً تساؤلاتهم ، ونقاشاتهم : ما بين يمين ويسار . أو ما بين محافظٍ وليبرالي ، أو جمهوري وديمقراطي . وغيرها . المعيار في الغالب هو معيار المصلحة ، وتقييمها . ولكن المؤطَّرين حزبيَّاً وسياسيَّاً ، تجدهم دائماً منحازين إلى خيارات حزبهم ، ومرشّحهم ، حتَّى لو اتضحت الصّورة المغايرة ، بأنَّ المنافس أكثر جدارةً ، وحنكةً وتجربةً .

الموضوعيّةُ عِملةٌ نادرةٌ

من الذي سيبقى موضوعيَّاً ، إذا كان له طرف أو مصلحة في المنافسة ؟. إذا كان أخوك أو صديقك ، أو إبن حزبك وحركتك منافساً ، فإنَّك لن تقبل له الخسارة أو تستسيغها بشكلٍ موضوعيٍّ وسلس . غالباً ما يدَّعي هؤلاء ، أنَّ الآخر قد زوَّر ، أو إستخدم الرِشا ، ” والواسطة ” ، وجيَّر علاقاته لصالح الطرف المنافس ، وأن الإعلام ، والمال السّياسي وذوي المصالح والنُفوذ ، قد دعموا ذلك المرشَّح ضدَّ مرشّحنا …… وما إلى ذلك من إدّعاءَات .

إذاً ….. إلى أيّ شيءٍ نحتكم ؟

الإنتخابات الدّيمقراطيَّة هي صورةٌ من صور الشُّورى ، وليست شرطاً بأن تكون الأفضل. ولكن لأنَّ العالم يحتكم إليها ، فإمَّا أن نقبل بها ونتائِجِها ، أو أن نرفض الخوض في منافساتها أصلاً . وكذا ، التعيينات التي ترعاها الجهة الحاكمة ، التي أفرزتها الإنتخابات . قد لا نقبل بنزاهتها ، فإن دخلنا المنافسة رغم تشكيكنا في نزاهة القائمين على حسمها ، وجب علينا القبول بنتائجها وإن لم نرضَ عنها .

في المجتمعات المتحضِّرة ، تفرز الإنتخابات بنسبة 50% + صوت واحد . ويقبل النّاس بنتائجها ، أمّا في المجتمعات التي تحكمها العصبيّات ، والقبليَّات فإنَّ النِّسب المتقاربة تكون قاسيةً على النُّفوس ، وتأبى قبولها ، مِمَّا يؤدِّي إلى تشكيكات واضطرابات وربَّما صِراعات وانقسامات .

تقييماتٌ موضوعيَّةٌ

• إذا خُضت المنافسة فهذا معناه قبولك بقوانين اللعبة ، وعليه فقد وجب عليك قبول النتائج ، ما عدا التزييف الواضح ، او التحيُّز غير المُنصِف ، وهي قابلةٌ للتقييم ، قبولاً او ردَّاً .
• المنافسة والإنتخاب لا تكون بين حلالٍ وحرام . ولكن بين خيار تراه الأفضل وخيارات يراها غيرك هي الأفضل . والخيريَّة هنا نسبيَّة وليست قطعيَّة .
• الأخذ بالأسباب المشروعة واجب . ولا يجوز القاء تهمة قصورنا على القدر . وقد يخسر من هو أفضل ديناً وكفاءَةً بسبب ضعف الأخذ بالأسباب .
ويكسب الآخر بسبب خبرته في إدارة الإنتخابات والعلاقات العامَّة .

• تجنَّب الطعن في دين النَّاس وذمَمِهم بسبب عدم دعمهم لمن تراه أنت الأنسب . فإنَّما هي إجتهادات نُقارب بينها ونُسدِّد . وليست قطعيَّات يُجمِع كلّ النَّاس عليها.
واللهُ غالِبٌ على أمرِهِ….

بقلم الشّيخ حمّاد أبو دعابس- رئيس الحركة الإسلاميَّة الجنوبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة