العدسات الكونية تكشف عن تمدد أسرع للكون

تاريخ النشر: 04/04/17 | 2:45

باستخدام المجرات البعيدة كعدسات كونية ضخمة gravitational lenses جعلت فريق دولي من علماء الفلك وباستخدام تلسكوب الفضاء هابل التابع لوكالتي الفضاء الأمريكية والأوروبية NASA/ESA Hubble Space Telescope، من قياس تمدد الكون بوتيرة أدق من السابق، وتوصلوا إلى أنها تتوافق مع القياسات السابقة، باستثناء مشكلة تتعلق ببداية توسع الكون التي ظهرت مخالفة للقياسات السابقة وهي نتائج تعني أنه يفترض أن نعيد تفكيرنا حول بداية الكون.
في منتصف القرن العشرين الماضي وضع ادوين هابل قانونا يصف معدل تمدد وتوسع الكون سمي باسمه “ثابت هابل” Hubble constant الذي يصف فيه أن الكون يتوسع بوتيرة وبنظام دقيق وليس بشكل عشوائي، واستخدم ثابت هابل بشكل واسع في الفيزياء الفلكية الحديثة في وصف تمدد الكون، لكن في الفترة القليلة الماضية استخدمت مجموعة من علماء الفلك ضمن مشروع اطلق عليه H0LiCOW بقيادة الباحثة “شيري سويو” Sherry Suyu وبالتعاون مع معهد ماكس بلانك للفيزياء في ألمانيا Max Planck Institute for Astrophysics ومعهد آسياASIAA في تايوان، وجامعة التكنولوجيا في تايوان Technical University تلسكوب الفضاء هابل ومراصد أخرى في الفضاء وعلى الأرض، لرصد خمسة مجرات من اجل قياس تمدد الكون وثابت هابل بشكل أدق والتأكد من صحته.
اعتمدت الدراسة القديمة على تحديد ثابت هابل في الكون الحالي من خلال رصد النجوم القيفاوية المتغيرة اللمعان Cepheid variable stars والنجوم المنفجرة “السوبرنوفا” supernovae كنقاط مرجعية للكون، ومع ذلك فقد كانت نتائج الدراسة التي أجريت بواسطة فريق سويو وكذلك الطريقة القديمة في رصد النجوم القيفاوية تختلف عن نتائج الأرصاد التي أجريت بواسطة القمر الأوروبي بلانك ESA Planck satellite، لكن وجد العلماء فارق مهم في نتائج القمر الصناعي بلانك حول ثابت بلانك في بدايات الكون، وذلك بعد رصد خلفية المايكروويف الكونية cosmic microwave background.
أوضحت رئيسة الفريق العلمي سويو أنه على الرغم من أن قيمة ثابت بلانك تتوافق مع القيمة المرصودة للكون من خلال القمر بلانك، إلا أنها تختلف وتتعارض مع النماذج الرياضية المقبولة التي وضعها فريقها العلمي، ومعدل توسع الكون حاليا يقاس وفق طرق مختلفة مع الدقة العالية التي أشارت إليها نماذجها الرياضية والتي قد تشير فعلا إلى وجود تناقضات مع الفيزياء الكونية الحديثة وتتطلب وجود فيزياء كونية جديدة تتجاوز معرفتنا الحالية للكون.
تهدف هذه الدراسة إلى وضع هذه المجرات الضخمة بين الأرض ونجوم الكوازار “أشباه النجوم” quasars البعيدة جدا وهي نوى مجرية لامعة جدا، والضوء القادم من الكوازار ينحني حول الفضاء المحيط بالمجرات الضخمة بسبب الجاذبية التي تسمى العدسة الكونية، ونتيجة لذلك تظهر صور متعددة في خلفية الكوازارات، بحيث يتم تمديدها وتكبيرها إلى عدة ثواني قوسية.
ولان المجرات لا تخلق تشوهات كروية في نسيج الفضاء، ولان المجرات العدسية والكوازارات لا تستقيم على خط واحد تماما، فأن الضوء القادم من الصور المختلفة من خلفية الكوازارات تتبع مسارات لها أطوال مختلفة قليلا، وهذا يؤدي إلى تغير لمعان الكوازارات مع مرور الوقت، لذلك يمكن للفلكيين رؤية صور مختلفة تومض في أوقات مختلفة، والتأخير بين كل ومضة يعتمد على المسافات بينهما أي على مسارات الضوء، وهذه التأخيرات في الوميض تعتمد على ثابت هابل، ووفقا للفريق العلمي فهذه طرق ابسط لقياس ثابت هابل كما تستخدم أيضا في قياسات نظرية النسبية العامة التي تختص بدراسة الكون.
وباستخدام مدة التأخير بين كل ومضة بدقة عالية في الصور المتعددة، وبالاعتماد على أسلوب النماذج الحاسوبية، فقد تمكن الفريق العلمي من تحديد نسبة أدق لثابت هابل بلغت 3.8% وهي نتيجة تعتبر من اهم الدراسات في الفيزياء الكونية الحديثة، حيث أن ثابت هابل موضوع بالغ الأهمية في علم الفلك الحديث، لأنه يمكن من خلاله تأكيد أو نفي الصورة الحديثة للكون والتي تتألف من المادة المظلمة dark matter والطاقة المظلمة dark energy والمادة العادية Normal matter.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة