وطن العصافير

تاريخ النشر: 13/03/17 | 10:55

وَطَنُ الْعَصافيرِ
“وَطَنُ الْعَصافيرِ” قصّةٌ تُناسبُ الأجيالَ النّاشئةَ واليافعينَ. تم تسجيلها في مَكْتَبَةِ الْمَنارَةِ الْعالَمِيَّةِ.
تروي الْقصّةُ الْحكايةَ الْأزليّةَ لِلْإنسانِ “صراعَ البقاءِ” وبلغةٍ شاعريّةٍ، تحملُ شفافيّةَ التّعبيرِ في نقلِ الصّراعِ إلى مصافِّ الْعقلِ والْحكمةِ. يلجأُ الشّاعرُ الْأديبُ وهيب وهبة إلى قضيّةِ السّلامِ لفضِّ النّزاعِ وعودةِ الْحياةِ إلى الْإنسانِ، كما وهبهُ اللهُ على الأرضِ الْجمالَ والطّيبةَ والمْحبّةَ المْطلقةَ.

كتبَ النّاقد الأديب الدّكتور محمد خليل:
من جديد، يطلُّ علينا الأديب وهيب نديم وهبة ليتحفنا برائعتهِ الجديدة الموسومةِ بـ “وطن العصافير” والتي تنضاف إلى قائمةٍ طويلةٍ من نتاجهِ الإبداعي المتميّز، فلا جفَّ دم يراعه ولا نضبَ معين إبداعه.

قد يكون من اللّافت التّأكيد على أنَّ الكاتب لا يهدف أو يتطلّع إلى تغيير الواقع الرّاهن وحسب، بقدر ما يهدفُ كذلك إلى تغيير الإنسانِ تغييرًا جذريًا، وذلك بالدّعوة إلى نبذِ الحربِ والعدوان والعنفِ نهائيًا، […] وصولًا إلى إمكانية إحلال السّلام والوئام بين الأطراف المُتخاصمة. الأمر الذي يؤكدُ على رغبةِ الكاتبِ في بناءِ عالمٍ جديدٍ، وإن كان افتراضيًا أو متخيَّلًا.
النّص الأدبي تشكُل لغوي يفصحُ عن غيِر ما يقول ويضمر أكثر مما يظهر! وذلك، اعتمادًا على السّياق والشّفرة أهم خاصيتين في النّصِ وهما روح تميزهِ. فالنّصُّ الأدبي، يُفترض أن يكون نصِ إشارةٍ لا نص عبارة، […] وهذا أمرٌ متوقفُ على لغةِ النّصِّ أو ما يسمى بـ شفرة النّص، التي تتشكل من المضمونِ والشّكلِ والثقافةِ المعرفيةِ لصاحب النّص من جهةٍ، وعلى مهارةِ القارئ وقدرته على التّلقي من جهةٍ أخرى، […] وهو يحاوره أو يعيد صياغتهُ من جديدٍ.

“وَطَنُ الْعَصافيرِ” تجربة فنية متقدمة تشي بأديبٍ مبدعٍ، مُرهف الإحساس والوجدان ذي خيال خصبٍ ومدى مترامي الأطراف، لا يستطيع الانعتاقَ، كما يبدو، من هاجسِ الكتابةِ الذي ما يزال يلاحقهُ، الأمر الذي يفرض حضورهُ على المُتلقي أو يجعلهُ أسيرًا يسير مع النّص حيث يريد أن يصل، فلا يدعهُ حتى يصحبهُ مُحلِّقًا في فضَائهِ أو سابحًا في مائهِ، بحثًا عن القيمةِ المضافةِ والمُتعة المشتهاة.

كتبَ النّاقد والشّاعر الدّكتور منير توما:
“وَطَنُ الْعَصافيرِ” تتمحور في مضمون هذا الكتاب فكرة السّلام من خلال قصّة تتّسم بالطابع الأليجوري أو ما يُعرف بالأمثولة أو القصة الكنائية (allegory) وفيها يصوّر الكاتب الغابة وقد سيطرت عليها الحيوانات المفترسة الأخرى والكبيرة كالفيلةِ والتّماسيح وغيرها وطغت وتجبّرت فيها ممّا أدّى إلى هجرةِ العصافير التي كانت تعيشُ آمنةً هناك، وممّا تقدّم يمكن القول بأنّ الأستاذ وهيب قد تناول فكرة أو تيمة السّلام بمهارةٍ وحنكةٍ أدبيةٍ متميزةٍ مُستخدمًا الأليجوريا في فنِ القصّة من خلالِ الإيحاءِ رمزيًا بما يقصدهُ ويريد أن يوصِلهُ إلى القارئِ الحصيف الذي يمكنهُ بسهولة أن يفهم المعاني الرّمزية التي يتوخّى الكاتب أن تصل إلى أذهانِ القرّاء حيث إنه بهذا الأسلوب يكون قد أرضى فكريًا القارئ البالغ الواعي للرمزية الكامنة في القصّة من جهةٍ، في حين أنّه من الجهةِ الأخرى يكون قد زوّدَ القارئ الصّغير من الأولاد والنّاشئة ووفّر لهم قصّة تتناسب وتتلاءم مع أعمارهم بمفهومها المباشر دون أن يلجأوا إلى التّحليل الرّمزي أو المعنى الكنائيِّ للقصّة بكونها قصّة أليجورية للكبار.
صبحية حسن؛ تلك الرّسومات التي أضفت جمالية ورمزية خاصّة على أحداث القصّة أخص بالذكرِ منها لوحتين استرعتا انتباهي هما: الأولى لوحة ايدي شخصين مقيدتين بالأغلالِ (صفحة 18 من الكتاب) والثّانية لوحة اليدين المُتصافحتين التي تحلق فوقهما حمامةٍ بيضاء (صفحة 68) ممّا يوحي برمزية معينة ومقصودةِ لمعاني أحداث الكتاب، فاللوحة الأولى المُشار إليها هنا تمثّل في رأينا ومنظورِنا القيود التي يفرِضها العدّاء المُستحكم بين طرفين متنازعين بفعلِ الحواجزِ والأغلال النّفسيةِ والعرقيةِ والتي تستلزم التّخلّص والتّحرّر من هذه المعوّقات […] ومن هنا فإنّ اللوحة الثّانية ذات اليدين المُتصافحتين ترمز إلى حالةِ التّحوّل والتّغيّر والتّبديل من حالة الفوضى والصّراع في رمزيةِ اللوحة الأولى إلى حالةِ التّصالح والنّظام والقانون الإنساني […] كما أنّ الحمامة في العهدِ القديمِ من الكتابِ المقدّس ترمز وتمثّل البساطة، الوداعة، وعدم الضّرر والأذى.

كتبَ الشّاعر الأديب سهيل إبراهيم عيساوي:
المُبدع وهيب نديم وهبة، يُتحفنا بالألوانِ الجميلةِ من الأدبِ المزركشةِ بالإبداعِ الحقيقيّ، من شعر ومسرحيات ونثر وأدب الأطفال والفتية، وفلسفة، وهو من الأدباء الجادين الذين افلحوا في طرق الأبواب العالمية مبكرًا، فتُرجمت أعمالهُ إلى عدةِ لغاتٍ أجنبيةٍ.

نجحَ الكاتب، في تقديم قصّة ناجحة قادرة على التّفاعل مع الأحداث والقارئ والواقع، بأسلوبٍ جميلٍ يطرحُ قضيةٍ عالميةٍ تُهددُ الأمن والسّلم العالمي.

استخدمَ الكاتب الرّمزية على لسانِ سُكانِ وطن العصافير، من طيورٍ وحيواناتٍ، فيلةٍ وتماسيح وأفاعي وحصان، وعواصف ورياح، […] بهذا الأسلوب ينجحُ الكاتب في أصالِ رسالته بسلاسة يَشوبها بعض الغموض، كذلك النّص لا يستسلم للقارئ من أول نظرةٍ.
استخدمَ الكاتب لغةٍ راقيةٍ أكثر بها من الاستعارةِ والتّشبيهِ، بلغةٍ شاعريةٍ جميلةٍ زادت من روعةِ النّص.

رسالة الكاتب: الدّعوة المفتوحة للسّلام، تُجسد القصّة دَعوة صريحة للسّلام بين الشّعوب، وفي كل منطقةٍ في العالمِ تُمزقها الصّراعات العرقية أو الدّينية والمذهبية أو القوميّة أو الحزبية أو حتى العائلية والقبلية، من خلالِ إيجاد حل شبه عادل دون التّنكر للواقع الجديد.

عدمِ الاستسلام وابتكار الحلول: الحطّاب الذي كانَ يقبعُ في غياهبِ السّجون وفي أقبيةِ التّحقيق، لم يستسلمْ وحاورَ وأقنعَ السّجان بعدالةِ قضيته، ونجحَ في إقناعِ أهل المدينةِ بوجوب تعمير الغابة وتقديم يدِ العون للعصافير.

قبول الواقع: الكاتب يُشير إلى وجوبِ الإقرار بالتّغييرات على أرضِ الواقع وعدم نَسفها للوصول إلى حلٍّ، فالحل لديه لم يكنْ طردِ الفيلةِ وسَائر الحيوانات بلْ وضعَ حُدودٍ اصطناعيةٍ واقتسام الغابة، وبعد استتباب الأمن تزال الحدود يعيش الجميع بانسجامٍ واحترامٍ ومحبة.
التّعاون سر النّجاح: عَادت العصافيرُ تزقزق والشّمس تحتضن السّلام بفضلِ التّعاون والتّسامح.
أهمية حب الوطن: حب المكانِ والانتماء له وتقديم التّضحية وهذا ما جسدهُ الحطّاب المُخلص.

كتبَ النّاقد والإعلامي نايف خوري:
وهيب وهبة في “وطن العصافير”، من مميزاته أن يُدخل القارئ في صميمِ النّزعةِ الإنسانية، إن كانت خيالًا أو ابتكارًا. ويجعل المضطهدين والمظلومين كائناتٍ رائعةٍ وذاتَ أبعادٍ إنسانيةٍ ساميةٍ. ولذا جعلَ من أبطالهِ في هذه القصّةِ يتحلون بالنّزعةِ الإنسانيةِ، […] ونَصرِ المظلوم وسَاعدَ على إظهارِ الحقِّ، وغيَّر مواقف ومبادئ الظُّلم والقسوة في المحققِ، وعالج الفساد في البلادِ، وبادَ الموبقات من الأفاعي وسمومِها، ونشرَ الفرح والأمل في الرّبوعِ، وأقامَ الحدائقَ، ونوافيرَ المياه، وأعاد الحق لأصحابه العصافير التي استعادت وطنها.

إن “وطنَ العصافير” يأتي بتسعةِ مشاهدٍ متنوعةٍ من خلالِ الأحداثِ واللوحات التّصويريةِ العاطفيّةِ، والجمالية الوجدانية، ويسيّرها ويرسُمها بإتقانٍ ودقةٍ. وهكذا نجد الحطّاب الذي يعيشَ في غابةِ العصافيرِ يعملُ على تهيئةِ الفحمِ الذي سيشعله النّاس ويبعثَ فيهم الدّفء، وإلا فإن الصّقيع سيفترس أحشاءهم. ولكنَّ السّنين تفعلُ فِعلها في جسدِ الحطّابِ، وكأنّ الجمرات تنظرُ إليهِ بعينين مُحمرتين.. فيُغلقْ عينيه وينام.. أين رحلتْ العصافير؟ عشرات الحيوانات دخلت الغابة، والفيلة تهزّ جذوع الأشجار وتدوسُ أعشاشِ العصافير، وتفترسها حيوانات أخرى.

جلسَ يُشاهد المنظر المُرعب بعينين دامعتين، حتى الحَشرات تتسلق الأشجار العالية، والنّهر تلوث، ورأى عصفورة وحيدة كسيرة الجناح، ومياه النّهر مليئة بجثثِ العصافير، ورأى المدينة يحاصرها الشّتاء.

ثمّ يدخلُ المدينةَ وهو يسمعُ الباعةَ يتهامسونَ عما جرى في الغابةِ، وظنوا أن الحطّاب قد مات في العاصفةِ. أراد أن يقول إن وطن العصافير لا ينتهي حتى لو رحل منه كثيرون.. وهكذا وطننا. والأفعى تلدغُ الحاكم. فاعتقلوا الحطّاب الذي أحضرَ الأفعى بعربتهِ دون أن يدري.. وتجري جنازة مهيبة للحاكم. ويبدأُ التّحقيق.

وفي المشهدِ التّالي نرى الفيلة تسيطر تماما على الغابةِ كما هو الاحتلال، التّماسيح تلهو والبحيرة قذرة، والعصافير تحاول إنقاذ صِغارها وهي تنشد: يا وطني اغتالوا الصّباح، صارت الليالي عتمًا، وأولادي مثل النّجم البعيد. وفي المشهد الرّابع نرى المُحقق يشفق على الحطّاب من التّحقيق الشّاق الذي تعرضَ له اليوم. وبعد ذلك التّحقيق بمقتلِ الحاكمِ، ومحاولة الكشفِ عن شركاءٍ للحطاب. وتقفز الأفاعي من أكياس الفحم، والمُتهم صامت، فيُسجن. والمُحقق يتأكد مما يجري في الغابةِ، ويرى الدّمار والجثث والخوف، ولكن أين اختبأتْ الأفاعي، وأصبحَ الحطّاب هو الرّجل الغامض الذي لا بد من إنصافهِ. والمُحقق لا يستطيع النّوم، وفي الصّباح يعاود التّحقيق، والحطّاب لا يدلي بمعلوماتٍ بل يصفَ ما جرى ببراءةِ السّردِ وحقيقة الحدث والواقع، وأن الغابة هي ملكٌ للعصافير، ولكن لم يعد لها وطن. ويتركّز التّحقيق في إعادةِ المدينةِ إلى بهائها بمعاونةِ السّكان. والطّريقة لطردِ الأفيال والقضاءِ على العداوةِ بالسّلام.، فالسّلام هو أنشودةِ الحياة وراية الحرية. ويورد الكاتب الطّريقة المُثلى لتغيير الواقع والبيئةِ، والحطّاب يسرد في مؤتمرٍ صحفيٍ ما حدثَ، ويُطالب السّكان بتزيين المدينةِ، وغرسِ الورود، وفتحِ النوافير والحدائق، وستعلم العصافير بذلك وتعود لتبني وطنها من جديد.

إشارات:
• وَطَنُ الْعَصافيرِ – أُصدرت بطبعتيْن باللغة العربيّة والعبرية عام 2014.
• قصّةٌ تُناسبُ الأجيالَ النّاشئةَ واليافعينَ، إصدار دار النشر الهدى كفرقرع.
• الرسومات: بريشة صبحية حسن

الشّاعرِ الْأَديبِ وهيب نديم وهبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة