الحظ، وما أدراك ما الحظ؟

تاريخ النشر: 08/02/17 | 13:50

ما أكثر ما قيل في الحظ، أو الجَـدّ، وأنه هو السبب في النجاح أو الخيبة.
هناك من يخلط بين القضاء والحظ، وحقيقة فثمة إشكالية في الموضوع، فالمؤمن يؤمن أن كل شيء مقدّر، فليس هناك “حظ”، وإنما هو قضاء وقدر من الخالق {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}- التوبة 9.
لكن الحياة اليومية والواقعية جعلت الناس يؤمنون بالحظ، فله تأثيره وفعاليته في المجتمع، وحتى الإمام الشافعي يعي ذلك، ويذكر ما يئول إليه “المجدود”- أي المحظوظ، وكيف يكون حظ المحروم:
فَإذا سَمِعْتَ بِأَنّ مَجْدُودًَا حَوَى *** عودًا فأثمرَ في يديهِ فصدِّقِ
وَإذا سَمِعْتَ بأنَّ مَحْرُومًا أَتَى *** مَاءً لِيَشْرَبَهُ فَغَاضَ فَحَقِّقِ
لَوْ كانَ بِالْحِيَلِ الغنى لوَجَدْتَنِي *** بنجومِ أقطارِ السماءِ تعلُّقي
والمتنبي يؤكد لنا صعوبة الحصول على الحظ والفهم معًا:
وما الجمع بين الماء والنار في يدي ***بأصعب من أن أجمع الجّدَّ والفهما
الحظ إذن يحابي الحمقى والمغفلين – كما يرى-.
ولابن الرومي في الحظ، وقد رأى في هجائه لأبي الصقر أن الحظ له كيمياء وسحرًا ما:
عجب الناس من أبي الصقر إذ *** ولي بعد الإجازة الديوانا
إن للحظ كيمياء إذا ما *** مس كلبًا أصاره إنسانا
أماالمعري فله قول حاسم:
لا تطلبن بغير حظٍ رتبةً *** قلم البليغ بغير حظٍّ مِغْزَلُ
سكن السِّماكان السماء كلاهما *** هذا له رمحٌ وهذا أعزل
السِّماكان هما نجمان نيّران، أحدهما في الشمال- السِّماك الرامح، والآخر في الجنوب- السماك
الأعزل.
ومن الشعر الحديث قرأت للشاعر الأردني سعيد يعقوب:
أوفى أمانيكَ أقصى عنك من زُحل *** فالنُّجحُ بالجَـدِّ لا بالجِـدِّ والعمل.
من الطرائف في هذا الباب:
التقى أحد الكتاب رئيسًا له، وكتب له:
خطّي أحسن من خطك، فأنا أحق بالرياسة منك.

رد عليه الرئيس:
انقل النقطة من الخاء إلى الحرف الذي يليه:
حظي أحسن من حظك فأنا أحق بالرياسة منك.
من شعر اليأس إزاء الحظ ما قاله الشاعر السوداني إدريس جمّاع (توفي في الستينيات من القرن العشرين):
إن حظـي كدقيق *** فـوق شـوك نثروه
ثـم قالوا لحفاة *** يـوم ريح اجمعوه
صعب الأمرعليهم *** قلت: يا قوم اتركوه
إن من أشقاه ربي *** كيف أنتم تسعدوه

لكثرة شيوع الحديث عن الحظ والحظوظ كثرت الأمثال الشعبية:
حظه يفلق الصخر. (كناية عن نجاحه القوي)
الدنيا حظوظ.
اللي ما له حظ لا يتعب ولا يشقى.
اللي له حظ لا يروح ولا ييجي.
حظك نصيبك غيره ما يصيبك.
• حظ العفنة بالحفنة.
..
وفي أمثال عالمية:
ديك المحظوظ يبيض.
عجلة الحظ لا يدفعها إلا العمل.
يجب أن نعامل الحظ كما نعامل الصحة نتمتع به إذا توفر، ونصبر عليه إذا ساء.

• الكسالى والفاشلون سيجعلون الحظ “الشماعة” التي يعلقون عليها أخطاءهم وفشلهم في الحياة.
وهناك من يلفظ كلمة (بَخْت) بدل (حظ)، وكلمة (بخت) هي فارسية عُرِّبت، ولا شك تعرفون المثل: “على بخت الحزينة سكرت المدينة”، و “سبع صنايع والبخت ضايع”.
وهناك من يستخدم كلمة “نصيب”، ومن الإنجليزية ” شنص”.

ب.فاروق مواسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة