قبل أن يتحول يعقوب أبو القيعان إلى شهيد

تاريخ النشر: 27/01/17 | 13:05

كان مثلي ومثلك ..
كان يطلب من أطفاله,
أن يغلقوا أفواههم على لقماتهم ,كي لا تخطفها الكلاب .
كان لا يأكل حتى يأكلون.
كان مثلي ومثلك ..
“يتسلل” ليلاً كي يخطف قبلة, من جبين طفلته الصغرى ,بعد أن تنام ..
كان لا ينام ..حتى تنام ..
كان يخاف عليها من لصوص الأحلام .
كان “يشق” باب غرفة أمه ,ويغرف من وجهها خلسة ..
كان لا ينام حتى تنام .
كان يخاف عليها من سفاحي المنام.
كان مثلي ومثلك ..
يسرع إلى نعنعتهم المزروعة على باب الدار , ليبل ريقها بشربة ماء.
كان لا يشرب قهوته ,إلا بعد تصل إلى الإرتواء.
كان يقول :”إن كان مصيرها الأغتيال , فلتمتْ خضرا
بعنفوان ..!”

كان مثلي ومثلك ..
يخطف رجله, ليقرأ الفاتحة على قبر أبيه,
كانت دمعات عينيه تبل حجارته ,
كانت تتعالى مع إشعاعات الشمس الأولى
لتحكي حكايته ,
حكاية العيش مع الصلبان.

كان مثلي ومثلك ..
يلف حول بيته كل صباح , ويتحسس حجارته ..
كان يراها براحة يديه ..!
كان يخاف أن تأتي الذئاب ليلاً, وتغتال الجدران ,
فهي لا تطيق شموخ الجدران .!

كان مثلي ومثلك..
يفرح إذا ما نجت عيدان القمح الخضراء,
من جرافات الموت وأنبتت سنابل ,
ويبكي إذا السماء, لم ترسل قطرات مائها ,
لتحيِّي حبات العفير.
كان يذوب فرحاً , إذا ما رأى دموع فرح,
تتراقص على وجنات طالبة,
نجحت في الإمتحان .

كان مثلي ومثلك..
كان يحب أن يسمع الأذان,
وهو يعرج الى السماء.
كان يقول : ” ماذا سنفعل إن سجنوا الأذان ..!؟
سنسري لنرفعه ليخترق أسماع السجّان ..! ” .
كان يحب أن يتخذ من التراب مفرشاً للصلاة .
كان يقول : “ماذا سنفعل ,إذا ما صادروا مفرش الصلاة ..!؟
هل نبقى بلا صلاة ..!؟” .

كان مثلي ومثلك ..
ليس له قلب ,لا يقاوم الرصاص,
وله دم يسيل ,إذا ما قُطع الشريان,
و يداه لا تقدر , على مقاومة الصلبان,
كان يحارب سفاحي الموت بالحياة ,
كان يقاوم جرارات الهدم بالبنيان .

كان مثلي ومثلك ..
عندما سُجّي بيته على التراب,
كان بيته مثل بيوتنا ,
فيه دمى للأطفال ..وكراريس بلا غلاف,
وفناجين لم يفارقها أثر الحليب ,
حليب فطور الصباح,
ومصحف مفتوح على سورة الرحمن.
كان مثلي ومثلك..
يحب الحياة التي تتضوع ,من دموع الأطفال,
قراءة خطوط الزمان ,على وجوه الأجداد,
عبير خبز أمه ,وهو ينشر السحر في الوجدان,
كان مثلي ومثلك ..كان إنسان !
كان يحب الحياة , ويكره الطغيان .

بقلم: أ.يوسف جمال -عرعرة
yoserjmal

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة