ملاحظات على تحقيق الدكتور نادر مصاروة للخزرجيَّة 2

تاريخ النشر: 24/01/17 | 13:55

لا يستقيم وزن ٱلْبَيت كما هو، ويجب إضافة (و) قبل (فوقه) ليصحَّ ٱلْوَزن، وَلِأَنَّ ٱلْخَزرجيَّ يذكر ثلاث حالات تغيُّر تعتري ٱلْبَيت، وتفصيلها في ٱلْعَجُز، وعند الشَّرح في ٱلْهامش تحدَّث الدُّكتور عن ٱلْـمَنهوك فقط.
تجدر ٱلْإِشارة إلى أَنَّ كلمة (لِلْأَوَّلِ) في ٱلْبَيت:

للأَوَّلِ حَتْمًا نُبْلُ مُوفٍ فَإِنْ تُرِدْ .. جَوَازًا فَجَهِّزْ حَدْسَ كُفْوٍ أَخا الهُدى

لا تُقرأ كما كتبت، بل تُقرأ بلفظ (لِلَوَّلِ)، وَهٰذِهِ غير وصل همزة ٱلْقَطع (اُكْتُبْ/وَٱكْتُبْ) حركة ٱلْهَمزة كانت الضَّمَّة ومع ٱلْوَصل سقطت ٱلْهَمزة وحركتها، بينما التَّسهيل حذف ٱلْهَمزة ونقل حركتها إلى السَّاكن قبلها (إِنْ أَنْتُمْ/ إِنَنْتُمْ)، وهو من جوازات الشِّعْر، وهو عند ورش في قراءة ٱلْقُرآن.
قال ٱلْأَخفش في حذف ٱلْهَمزة بعد ساكن: ” وإذا كان حرف ساكن قبل همزة متحرِّكة، فإن شئت حذفت ٱلْهَمزة، وألقيت حركتها على السَّاكن، فقلت في (مَنْ أَبوكَ/ مَنَبوكَ)”(58).
ويزيد التَّفصيل فيقول” وإن كانت (همزة) متحرِّكة بعد حرف ساكن حرَّكوا السَّاكِن بحركة ما بعده، وأذهبوا (ٱلْهَمزة)؛ يقولون: (في ٱلْأَرْضِ) [سورة ٱلْبَقرة: 11]: (فِلَرْضِ)، و: (ما لَكُمْ مِنْ إِلٰهٍ) [اَلْأَعراف: 59]: (مِنِلٰهٍ)؛ يحرِّكون السَّاكن بِٱلْحَركة الَّتي كانت في (ٱلْهَمزة)، أيُّ حركة كانت ويحذفون ٱلْهَمزة”(59). وكلمة (في ٱلْأَرض) فيها ساكنان الياء واللَّام ذهبا.
ويفصِّل ٱبن ٱلْجَزريِّ أكثر في باب “نقل حركة ٱلْهَمزة إلى السَّاكِن قبلها/ وهو نوع من أنواع تخفيف ٱلْهَمز ٱلْـمُفرد، لغة لبعض ٱلْعَرب ٱختصَّ بروايته ورش، بشرط أن يكون آخر كلمة وأن يكون غير حرف مدٍّ، وأن تكون ٱلْهَمزة أَوَّل ٱلْكَلمة ٱلْأَخرى، سواء كان ذٰلِكَ السَّاكِن تنوينًا أو لام تعريف أو غير ذٰلِكَ، فيتحرَّك ذٰلِكَ السَّاكِن بحركة ٱلْهَمزة وتسقط هي من اللَّفظ لسكونها وتقدير سكونها”(60).
كَذٰلِكَ تُحذفُ ٱلْهَمزة إذا سبقها ساكن وتنقل حركتها إليه، في قراءة ورش، كمثال: إِنْ أَنْتُمْ، تُقرأ (إِنَنْتُمْ) حذفت ٱلْهَمزة ونقلت حركتها إلى النُّون السَّاكنة قبلها، ويقول الشَّاعِر فيها:

وَحَرِّكْ: لِوَرْشٍ كُلَّ ساكِنِ آخِرٍ .. صَحيحٍ بِشَكْلِ الْهَمْزِ وَاحْذِفْهُ مُسْهِلَا(61)

ولعلَّ التَّسهيل من هنا دخل ٱلْعاميَّة الدَّراجة كقولنا (مينِنْتِ في من أنت) أو لدى أشقائنا ٱلْبَدو (مَنِنْتْ في من أنت)، وقد وردت آراء أَنَّ كلَّ كلمة عاميَّة أصلها فصيح.
ضبط الدُّكتور نادر ٱلْبَيت التَّالي كٱلْأَتي:

وَتَغْييرُ ثَاني حَرْفَي السَّبَبِ ٱدْعُهُ .. زَحافًا وأَوْج الْجُزْءِ مِنْ ذَلِكَ احْتَما

وقال في ٱلْهامش: ” الزّحاف تغيير يطرأ على ثواني ٱلْأَسباب دون ٱلْأَوتاد، وهو غير لازم، بمعنى أَنَّ دخوله في بيت من ٱلْقَصيدة لا يستلزم دخوله في بقيَّة أبياتها”، ونقول إِنَّ الزِّحاف متعلِّق بالتَّفعيلة وليس بِٱلْبَيت، وَٱلْكلام ينطبق على ٱلْحَشو فقط، لِأَنَّ الزِّحاف إذا دخل على ٱلْعَروض في بعض ٱلْأَوزان لزم، وَكَذٰلِكَ الضَّرب، فبعض الضُّروب يدخلها زحاف، ويسمَّى الزِّحاف ٱلْجاري مجرى العِلَّة، كَٱلْبَسيط فعَروضه مخبونة أبدًا، والضَّربِ إذا جاء مخبونًا فَعِلُنْ، لزم حَتَّى نهاية ٱلْقَصيدة، وكَٱلْقَبض في عَروض الطَّويل، فليس للطَّويل سوى عَروض واحدة مقبوضة، أو قبض فَعولُنْ الَّتي قبل الضَّرب، ويسمَّى الطَّويل ٱلْـمَحذوف ٱلْـمُعتمد، والطَّيُّ في عَروض ٱلْـمُنْسَرِح، وَٱلْخَبن وَٱلْقَبض والطَّيُّ زِحافات مفردة، كَذٰلِكَ فهناك علَّة تجري مجرى الزِّحاف كالتَّشْعيث في الرَّمل وَٱلْخَفيف وَالْـمُجْتَثّ، وهي رغم كونها علَّة إِلَّا أَنَّها غير لازمة.

وَتَغْييرُ ثاني حَرْفَيِ السَّبَبِ ٱدْعُهُ .. زِحافًا وَأَوْجُ ٱلْجُزْءِ مِنْ ذَلِكَ ٱحْتَمى(62)

ضبط الدُّكتور نادر ٱلْبَيت ٱلْآتي كالتَّالي:

فَتِلْكَ بِثاني الْجُزْءِ ٱلْأَضمَار مُتبَعًا .. بَخَبنٍ وَوَقْصٍ فَادْعُ كُلًّا بِما اقْتضى

كلمة (ٱلْإِضمار)، همزتها وصل، وقد ذكر ٱلْأَلوسيّ بيتين للزَّمخشريِّ في الضَّرائر:

ضَرورَةُ الشِّعْرِ عَشْرٌ عَدُّ جُمْلَتِها .. قَطْعٌ وَوَصْلٌ وَتَخْفيفٌ وَتَشْديدُ

مَدٌّ وَقَصْرٌ وَإِسْكانٌ وَتَحْرِكَةٌ .. وَمَنْعُ صَرْفٍ وَصَرْفٌ ثُمَّ تَعْديدُ(63)

والضَّرائر أكثر ممَّا في ٱلْبَيتين، وما يهمُّنا هو الضَّبط الصَّحيح للبيت، لِأَنَّ إثبات همزة (ٱلْإِضمار) أخلَّ بِٱلْوَزن:

فَتِلْكَ بِثاني ٱلْجُزْءِ الِٱضْمَارُ مُتْبَعًا .. بَخَبنٍ وَوَقْصٍ فَٱدْعُ كُلًّا بِما ٱقْتضى(64)

في شرحه للزِّحافات قال عن ٱلْخَبْن ” هو زِحاف مزدوج يتمثَّل في حذف الثَّاني وَالرَّابِعِ السَّاكنين من ٱلْجُزء (التَّفعيلَة). وذكر مصدره (اُنظر: يعقوب، اَلْـمُعجم ٱلْـمُفصَّل في علم ٱلْعَروض، 222). وبِٱلْعَودة للمصدر نجده مختلفًا ويُعّرِّف ٱلْخَبْن تعريفًا صحيحًا، فيقول تحت عنوان ٱلْخَبْن: “زِحاف يتمثَّل في حذف الثَّاني السَّاكن من ٱلْجُزء (التَّفعيلَة) ويسمَّى ٱلْجُزء الَّذي يدخله ٱلْخَبْن، مخبونًا، أخذوه من ٱلْخَبْن الَّذي هو التَّقليص”(65).
ثُمَّ ٱلْوَقْص، يعتبره ٱلْخَزرجيُّ زحافًا منفردًا، وعلى هٰذا سار الدُّكتور في شرحه، فَٱلْوَقْص عند ٱلْخَزرجيِّ حذف الثَّاني ٱلْـمُتَحرِّك من مُتَفاعِلُنْ، أي التَّاء، ولا يدخل على غيرها. لٰكِنْ هٰذا ليس ٱلْقَول ٱلْفَصل في زِحاف ٱلْوَقْص، فعند ٱلْكَثير من ٱلْقُدماء أَنَّ زحاف ٱلْوَقْص زِحاف مزدوج/مركَّب، فهو حذف بعد إضمار(66).
اَلْبيت الَّذي يلي ضبطه الدُّكتور نادر كالتَّالي:

وَرابِعُهُ لَمْ يُبْلَ ٱلْأَ بِطَيِّهِ .. أي الحَذْفِ إِنْ يَسْكُنْ وَٱلْأَ فَقَدْ نَجَا

وقع خطأ في شرح الدُّكتور لمفردة (ٱلْحَذْف) في ٱلْبَيت، وشرحها على أَنَّها علَّة ٱلْحَذْف، بينما ٱلْبَيت يتحدَّث عن زِحاف الطَّيِّ وهو حذف الرَّابع السَّاكن، مثال (مُسْتَفْعِلُنْ) فالطَّيُّ فيها حذف ٱلْفاء فهو الرَّابع، وقال الدُّكتور في ٱلْهامش شارحًا ٱلْحَذف ” علَّة تتمثَّل في إسقاط السَّبب ٱلْخَفيف (هو ما تألَّفَ من متحرِّكَيْنِ فَساكن) من آخر ٱلْجُزء (التَّفعيلَة)، ويدخل ٱلْحَذف في بحر الْـمُتَقارَب، والطَّويل، وٱلْهَزَج، وٱلْـمَديد، والرَّمَل، وٱلْخَفيف”.
قول الدُّكتور (هو ما تألَّفَ من متحرِّكَيْنِ فَساكن)، لا يوجد سبب في ٱلْعَروض من ثلاثة أحرف (متحرِّكين فساكن) فَهٰذا الوتِد ٱلْـمَجموع، والسَّبب حرفان مُتَحَرِّك فساكن أو متحرِّكان، وهناك سبب من ثلاثة أحرف عند حازم ٱلْقِرطاجنّي وحده، يسمَّيه السَّبب ٱلْـمُتَوالي(67).
ضبط الدُّكتور نادر ٱلْبَيت التَّالي كما يلي:

وَطَيُّكَ بَعْدَ الْخَبْنِ وَبَعْدَ أَنْ .. تَقَدَّمَ إِضْمارٌ هُوَ الْخَزْلُ يا فَتى

نقصت من الصَّدر كلمة، هي ٱسم الزِّحاف ٱلْـمُزدوج الَّذي يجمع ٱلْخَبْن والطَّيَّ، ولم أجد له شرحًا في ٱلْهامش، بل يوجد شرح لزِحاف ٱلْخَبْن والتَّفاعيل، أَمَّا الضَّبط الصَّحيح للبيت فهو كالتَّالي:

وَطَيُّكَ بَعْدَ الْخَبْنِ خَبْلٌ وَبَعْدَ أَنْ .. تَقَدَّمَ إِضْمارٌ هُوَ الْخَزْلُ يا فَتى(68)

اَلْخَبلُ: زِحاف مزدوج أو مركَّب يتألَّف من زِحاف ٱلْخَبْن والطَّيَّ، ويدخل على مُسْتَفْعِلُنْ و مَفْعولاتُ فيُسقط ثانيهما ورابعهما السَّاكنين (السِّينُ وٱلْفاءُ) فتبقى (مُتَعِلُنْ) و (مَعُلاتُ)، وتقرأ ٱلْأُولى (فَعِلَتُنْ)، والثَّانية (فَعِلاتُ) جوازًا، وفي حالة (فَعِلَتُنْ) تُسَمَّى فاصلة كبرى، حيث ٱجتمع فيها أربعة متحرِّكات وساكن.
قوله: (وبعد أن تقدَّم إضمارٌ) الضَّمير عائد على (وطيُّك) أي (وطيُّك بعد أن تقدَّم إضمارٌ، هو ٱلْخَزْلُ)، وهو ٱجتماع ٱلْإِضمار والطَّيِّ، ولا يدخل إِلَّا على مُتَفاعِلُنْ، فٱلْإِضمار تسكين ثانيها ٱلْـمُتحرِّك (التَّاء) والطَّيُّ حذف رابعها السَّاكن (ٱلْأَلف)، فتبقى التَّفعيلَة مُتْفَعِلُنْ وتقرأ جوازًا مُفْتَعِلُنْ، ولا يذكر ٱلْعَروضيُّون للكامل ضربًا مخزولًا(69).
اَلْبَيت الَّذي يلي:

وَكَفُّكَ بَعْدَ ٱلْخَبْنِ شَكْلٌ وَبَعْدَ أَنْ .. جَرى ٱلْعَصْبُ نَقْصٌ كُلُّ ذا ٱلْبابِ مُجْتَوى

اكتفى الدُّكتور بِٱلْقول في ٱلْهامش ” أيْ قبيح مستكره”، ولم يشرح الزِّحافين، الشَّكل والنَّقص، وأيّ التَّفاعيل يدخلان عليها، وأيّ ٱلْبُحور.

إذا السَّبَبانِ ٱسْتَجْمَعا لَهُما النَّجا.. أَوِ ٱلْفَرْدُ حَتْمَا فَٱلْـمُعاقَبَةُ ٱسْمُ ذا

لِلَٱوَّلِ أَوْ ثانيهِ أَوْ لِكِلَيْهِما ٱسْـ -(م)-ـمُ صَدْرٍ وَعَجْزٍ قيلَ وَالطَّرَفانِ جا

تَحُلُّ بِيَحْـدوا كاهِنٌ بي وَجُزْؤُها .. بَريءٌ مَتى تُفْقَدْ وَقَدْ جازَ أَنْ يُرى(70)

ضبط الدُّكتور نادر كلمة (لِلأَوَّل)، ولا تصحُّ، لِأَنَّ ٱلْهَمزة ٱنقلبت إلى همزة وصل وقراءتها لفظًا كالتَّالي (لِلَوَّلِ)، كَذٰلِكَ لم يورد شرحًا للمعاقبة وَٱلْـمُراقبة وَٱلْـمُكانفة، وفيهما خطأ للخزرجيُّ وقد بيَّنه ٱلْعَروضيُّون ٱلْقُدماء خلال تحليلهم للخزرجيَّة، خاصَّة في تعريفه لِلطَّرَفَيْنِ. أَمَّا ٱلْبَيت الثَّالِث فقد ضبطه كالتَّالي:

تَحُلُّ بِيَجـد وَكاهِنٌ بي وَجُزْؤُهُ .. بَريءٌ مَتي يُفْتَقَدْ وَقَدْ جازَ أَنْ يُرا(71)

وَهٰذا ضبط أخل بِٱلْوَزن أَوَّلًا، ثُمَّ فيه خطأ في نقل نَصِّ ٱلْبَيت وفي نقل شرحه وفي الرَّسم خاصَّة (بيجد وكاهن)، والضَّبط الصَّحيح هو ما أثبتناه. وفي شرحه للبيت الثَّالِث كما ضبطه قال ” رمز بيجد وكاهن بي: فَٱلْباء رمز ٱلْـمُنْسَرِح، وَٱلْحاء رمز الرَّمَل، والدَّال رمز ٱلْوافِر، وَٱلْواو للهزج، وَٱلْكاف للخفيف، وٱلْأَلف للطَّويل، وَٱلْهاء للكامل، والنُّون للمجتثِّ، وَٱلْباء للمديد، وَٱلْياء ملغاة، وقد وقع سهو لدى الدُّكتور، فالرَّمز ٱلْأَوَّل هو ٱلْياء، لِأَنَّ ٱلْياء هي ٱلْحَرف ٱلْعاشر وٱلْـمُنسرح هو عاشر ٱلْبُحور، ثُمَّ قال الدُّكتور (وَٱلْحاء رمز الرَّمَل) وهو نقل صحيح لٰكِنَّهُ ضبط (بيجد وكاهن) فلديه حرف جيم في متن ٱلْبَيت وفي شرحه، ولا وجود للحاء إِلَّا عند تفسير الرَّمز. وحتَّى يستقيم وزن ٱلْبَيت يجب أن تكون ٱلْواو ٱلْـمُلصقة بكلمة كاهن منفصلة عنها وملصقة بكلمة بيحدو. فإلصاقها بكلمة كاهن جعل وزن ٱلْبَيت (فَعولُ مَفاعيلُ فاعِلاتُنْ مُتَفْعِلُنْ)، وليس هٰذا من الطَّويل الَّذي نُظمت ٱلْـمَقصورة عليه، وبلصق ٱلْواو بـ بيحدو (فَعولْ مَفاعيلُنْ فَعولُنْ مَفاعِلُنْ) وَهٰذا الطَّويل. وجملة (بيحدو كاهن بي) كلُّ حرفٍ رمز لبحر تقع فيه ٱلْـمُعاقبة، وَٱلْباء ٱلْأَولى من (بيحدو) ظرفيَّة وليست رمزًا وَكَذٰلِكَ ٱلْياء ٱلْأَخيرة من (بي) ليست رمزًا، فقد سبقت ٱلْياء الرَّمز في كلمة (يحدو).

لِلَٱوَّلِ أَوْ ثانيهِ أَوْ لِكِلَيْهِما ٱسْـ -(م)-ـمُ صَدْرٍ وَعَجْزٍ قيلَ وَالطَّرَفانِ جا

قول ٱلْخَزرجيِّ: صدر وعجز وطَرَفان، تعريفات للمعاقبة في حال ٱلْـمُجاورة، أي على تفعيلتين متجاورتين، وليس في نفس التَّفعيلَة؛ نمثِّل لِهٰذِهِ التَّعريفات ببحر الرَّمَل:

13

في ٱلْـمِثال (1) جاءت المُتوسِّطة مخبونة وما قبلها سالمة فَٱسمها صَدْر، في ٱلْـمِثال (2) جاءت ٱلْـمُتوسطة مكفوفة وما بعدها سالمة، فَٱسمها عَجُز، في ٱلْـمِثال (3) جاءت ٱلْـمُتوسطة مشكولة، أي مخبونة مكفوفة، وما قبلها وما بعدها جاءتا سالمتين، فَٱسمها طَرَفان، أي أَنَّها نقصت من طَرفيها وسلم ما قبلها وما بعدها، وقد جعل ٱلْخَزرجيُّ رمزًا للطَّرَفَيْنِ ٱلْحَرف (ج) من (جا) وٱلْأَلف بعده ملغاة. وَٱلْجيم هو ٱلْحَرف الثَّالِث بحساب ٱلْخَزرجيِّ، فالطَّرَفانِ هو التعريف الثَّالِث، وهو يشملهما إذا اجتمعا، ولا يقع إِلَّا إذا اجتمعا معًا في تفعيلة.
اَلْبَيت الَّذي يلي:

وَمَنْعُكَ لِلضِّدَّيْنِ مَبْدَأُ شَطْرِ لَمْ .. بِأَرْبَعِها كُلٌّ مُراقَبَةً دَعا

قال الدُّكتور نادر في شرح ٱلْـمُراقبة ” هي أن يتجاور في تفعيلة واحدة سببان خفيفان، أحدهما يلحقه الزِّحاف وٱلْأَخر لا يجوز أن يلحقه الزِّحاف”، وَهٰذا غير دقيق، لِأَنَّ ٱلْـمُراقبة لا تكون في أيِّ تفعيلة، ولأَنَّهُما لا يحذفان معًا ولا يثبتان معًا، وتختصُّ ببحرين فقط، ٱلْـمُشار لهما بالرَّمز (لم) ولا تكون في سوى هٰذَيْنِ ٱلْبَحرين، وتحديدًا في أَوَّل كلِّ شطر منهما، أي أَوَّل تفعيلة في الصَّدر وأَوَّل تفعيلة من العَجَز، أَمَّا ٱلْبَحران فهما ٱلْـمُضارَع وَٱلْـمُقْتَضَب، والتَّفعيلَتان هما مَفاعيلُنْ مَفْعولاتُ.
اَلْبَيت التَّالي:

وَأَبْحُرُ طَيٍّ جُزْ مُكانَفَةً لَها .. بِكُمَّلِها فَافْعَلْ بِها أَيُّها تَشَا

لم يذكر الدُّكتور نادر في شرح ٱلْبَيت سوى شرح الرموز (طَيٍّ جُزْ)، وَٱلْـمُكانفة معناها ٱلْـمُعاونة(72)، وعليه فَٱلْـمكانفة في هٰذِهِ ٱلْبُحور تكون: سلامة السَّببين أو حذفهما معًا أو حذف أحدهما وترك ٱلْآخر، وَهٰذا معنى قوله (فَٱفْعل بها أيَّها تشا)، فلا يتعيَّن ٱلْاِلتزام بأيٍّ من ٱلْأَمور الثَّلاثة، وفي ٱلْـمُنسرح مُسْتَفْعِلُنْ مكرَّرة: مُسْتَفْعِلُنْ مَفْعولاتُ مُسْتَفْعِلُنْ، فٱلْأَولى يجوز فيها ٱلْـمُكانفة، حذف ساكني السَّببين أو إثباتهما معًا، أو حذف ساكن أحدهما وترك ٱلْآخر؛ أَمَّا مُسْتَفْعِلُنْ الَّتي بعد مَفْعولاتُ فلا مكانفة فيها ولا يحذف ساكنا السَّببين ولا يثبتان معًا، ولو دخل ٱلْخَبْلُ على مُسْتَفْعِلُنْ الثَّانية، لٱجتمعت خمس متحرِّكات، لِأَنَّها بعد مَفْعولاتُ، ولا تجتمع في الشِّعْر خمس متحرِّكات متتالية، فَٱلْـمَنع في مُسْتَفْعِلُنْ الثَّانية لأمر عارض فيها. وتدخل ٱلْـمُكانفة على هٰذِهِ ٱلْبُحور في أشكالها السَّالمة من نقص ٱلْعِلَل ومن ٱلْجَزْء والشَّطر والنَّهك.
أَمَّا ٱلْأَخفش فقد توسَّع في ٱلْـمُكانفة إلى تفعيلتين متجاورتين (فاعِلاتُنْ مُسْتَفْعِلُنْ) في ٱلْخَفيف فأجاز كفَّ فاعِلاتُنْ وخبن مُسْتَفْعِلُنْ معًا، فقال “.. وما أرى أصل مُسْتَفْعِلُنْ فيه إِلَّا مَفاعِلُنْ، والسِّين زيادة (…..) وما أرى سقوط نون فاعِلاتُنْ وبعدها مَفاعِلُنْ إِلَّا جائزًا. وكان ٱلْخَليل- زعموا- وَكَذٰلِكَ وضعه. وقد جاء شعر جاهليٌّ ذهبت فيه النُّون وبعدها مَفاعِلُنْ. وقال:

ثُمَّ بِالدَّبِرانِ دارَتْ رَحاهُمْ .. وَرَحى ٱلْحَرْبِ بِٱلْكُماةِ تَدورُ(73)

وَهٰذا معنى قوله (بِكُمَّلِها).

فَزِدْ سَبَبًا خَفًّا لِتَرْفيلِ كامِلٍ .. بِغايَتِهِ مِنْ بَعْدِ جَزْءٍ لَهُ ٱهْتَدى(74)

ذكر الدُّكتور نادر في شرح التَّرفيل في ٱلْبَيت ” هو علَّة تتمثَّل بزيادة سبب خفيف (تُنْ) على ٱلْوَتِد ٱلْـمَجموع في آخر التَّفعيلَة…”. وقد جانب الدِّقَّة، فَٱلْخَزرجيُّ يقول: فزد سببًا خفًّا، أي سببًا خفيفًا، لكامل بغايته، أي في نهاية ٱلْكامل، (من بعد جزٍّ له)، أي من بعد كونه مجزوءًا (جَزٍّ/مجزوء)، وَهٰذا يعني ضمنًا أَنَّ التَّرفيل لا يدخل على ٱلْكامل التَّامِّ، إِنَّما يدخل على مجزوء ٱلْكامل فقط.
اَلْبيت الَّذي يلي:

وَإِنْ زِدْتَ صَدْرَ الشَّطْرِ ما دونَ خَمْسَةٍ .. فَذٰلِكَ خَزْمٌ وَهْوَ أَقْبَحُ ما يُرى

شرح الدُّكتور نادر معنى ٱلْخَزم(75) فقط، وَأَنَّهُ زيادة من حرف إلى أربعة حروف في أَوَّل الصَّدر وقد تكون في أَوَّل الشَّطر الثَّاني، لٰكِنْ بحرف أو بحرفين، وَإِلَّا ٱعتبر شاذًا. لم يذكر الدُّكتور أَنَّ ٱلْخَزم زيادة على أصل ٱلْوزن وَأَنَّهُ لا يحتسب عند تقطيع ٱلْوَزن، وَإِنَّما هو زيادة طارئة. اَلْبَيت التَّالي:

وَحَذْفٌ وَقَطْفٌ قَصْرٌ ٱلْقَطْعُ حَذُّهُ .. وَصَلْمٌ وَوَقْفٌ كَشْفٌ ٱلْخَرْمُ ما ٱنْفَرى

ففي حاسَبوكَ ٱلْحَذْفُ لِلْخَفِّ وَٱقْطِفَنْ .. بِهِ إِثْرَ سَكْنٍ بُدَّ وَٱلْأَثْقَلُ ٱنْتَفا(76)

شرح الدُّكتور نادر قسمًا من هٰذِهِ التَّعريفات وأهمل ٱلْبَقيَّة، فقال عند شرح ٱلْقَطْف ” هو علَّة تتمثَّل في إسقاط السَّبب ٱلْخَفيف من آخر التَّفعيلة وإسكان ٱلْحَرف ٱلْخامِس ٱلْـمُتحرِّك”، ثُمَّ أغفل ذكر زِحاف ٱلْقَبْض وعلَّة ٱلْحَذف، ولم يُسمِّ أيَّ تفعيلة يدخل ٱلْقَطف عليها. ومصدره (ٱلْـمُعجم ٱلْـمُفصَّل) وبالرجوع للمصدر نجد أَنَّ الدُّكتور أخذ من ٱلْـمَصدر جزءًا لا يفي بِٱلْـمطلوب، فَٱلْـمَصدر يقول ” اَلْقَطف: هو علَّة تتمثّل في إسقاط السَّبب ٱلْخَفيف من آخر ٱلْجُزء (التَّفعيلَة) وإسكان ٱلْحَرف ٱلْخامس ٱلْـمُتَحَرِّك (اَلْقَطف= اَلْحَذف + اَلْعَصب)، ويدخل على مُفاعَلَتُنْ، فتصبح مُفاعَلْ (في ٱلْـمُعجم: مُفاعَلُ، وهو خطأ)، وتنقل إلى فَعولُنْ، وَذٰلِكَ في ٱلْوافِر. وَٱلْجُزء الَّذي يدخله ٱلْقَطف يُسَمَّى مقطوفًا”(77).
اَلْحَذْف: علَّة نقص تدخل على ما آخره سبب خفيف (فَعولُنْ، مَفاعيلُنْ، فاعِلاتُنْ) فتبقى ( فَعو، مَفاعي وتقلب إلى فَعولُنْ، فاعِلا وتقلب إلى فاعِلُنْ) ولا تدخل منفردة على مُفاعَلَتُنْ، وتكون في تفعيلة الضَّرب وَٱلْعَروض ٱلْـمُصرَّعة،
اَلْقَطْف: علَّة نقص مكوَّنة من ٱلْعَصْب وَٱلْحَذف، تدخل على (مُفاعَلَتُنْ) فقط، فيُسَكَّن ٱلْخامس ٱلْـمُتحرِّك ويحذف السَّبب ٱلْخَفيف من آخرها، فتبقى (مَفاعَلْ) وتقلب إلى (فَعولُنْ) ولا يدخل ٱلْقَطْف إِلَّا على ٱلْوافر، وكلُّ الشِّعْر على ٱلْوافر مقطوف (مُفاعَلَتُنْ مُفاعَلَتُنْ فَعولُنْ) لِأَنَّ فَعولُنْ هنا هي (مُفاعَلَتُنْ) بعد دخول ٱلْقَطْف عليها.
اَلْقَصْر: لم يشرحه الدُّكتور نادر، وَٱلْقَصْر علَّة نقص تدخل على ما آخره سبب خفيف (فَعولُنْ، مَفاعيلُنْ، فاعِلاتُنْ)، فيسقط ساكن السَّبب ٱلْخَفيف ويُسَكَّن ما قبله (فعولْ، مفاعيلْ، فاعلانْ).
اَلْقَطْع: لم يشرحه الدُّكتور نادر، وَٱلْقَطع علَّة نقص تدخل على ما آخره وتِد مجموع ، يسقط ساكن ٱلْوَتِد ويُسَكَّن ما قبله وتدخل على (فاعِلُنْ، مُتَفاعِلُنْ، مُسْتَفْعِلُنْ “فَعولُنْ بعد علَّة ٱلْحَذف”)، فتبقى (فاعِلْ، مُتَفاعِلْ، مُسْتَفْعِلْ، فَعْ).
اَلْحَذَذ: قال الدُّكتور نادر شارحًا ٱلْحَذَذ: ” اَلْحذّ أو ٱلْحَذَذ، هو علَّة تتمثَّل في حذف ٱلْوتِد ٱلْـمَجموع (ٱلْـمُؤلَّف من متحرِّكين فساكن) من آخر التَّفعيلة”. هٰذا التَّعريف غير دقيق وغير تامٍّ، لِأَنَّ ٱلْحَذَذ لا يدخل أيَّ تفعيلة آخرها وتد مجموع، بل هو مختصٌّ بـ (مُتَفاعِلُنْ) حصرًا، لِأَنَّها مركَّبة من فاصلة صغرى ووتد مجموع، وَٱلْفاصلة الصُّغرى فيها تنتهي بحرف مدٍّ ساكن، فَكَأَنَّ ٱلْفاصلة منفصلة عن ٱلْوَتِد، بينما (مُسْتَفْعِلُنْ) آخرها وَتِد مجموع لٰكِنَّها مفتقرة إلى حرف ٱلْـمَدِّ السَّاكن، وعرّفه ٱلْخَليل ” اَلحذُّ: اَلْقَطع ٱلْـمُستأصل. وَٱلْحَذَذ: مصدر ٱلْأَحذّ من غير فِعل. وٱلْأَحذُّ يُسمَّى به الشَّيء الَّذي لا يتعلَّق به شيء (…..) وٱلْأَحذُّ من عَروض ٱلْكامل: ما حُذف من آخره وَتِدٌ تامٌّ وهو مُتَفاعِلُنْ حُذِفَ منه عِلُنْ فصار مُتَفا فجُعل فَعِلُنْ مثل قوله:

وَحُرِمْتَ مِنَّا صاحِبًا وَمُؤازِرًا .. وَأَخًا عَلى السَّرَّاءِ وَالضُّرِّ

مُتَفاعِلُنْ مُتْفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ .. مُتَفاعِلُنْ مُتْفاعِلُنْ مُتْفا(78)

وفي شرح الدُّكتور نادر للخَرم، قال: إِنَّهُ يدخل على الطَّويل وٱلْـمُتَقارَب، والصَّحيح أَنَّ ٱلْخَرم يدخل على الطَّويل، وٱلْـمُتَقارَب، وٱلْوافِر، وٱلْهَزَج، وٱلْـمُضارَع .
اَلْبَيت التَّالي:

مَواقِعُها أَعْجازُ الَٱجْزاءِ إِنْ أَتَتْ .. عَروضًا وَضَرْبًا ما عَدا ٱلْخَرْمُ فَٱبْتِدا

لم يذكر الدُّكتور نادر ٱلْوافِرَ ورمزه في شرحه، حيث قال ” رمز لستَّة أبحر: فـ “ٱلْحاء” رمز للرَّمَل، و “ٱلْأَلف” للطَّويل”، و”السِّين” للمتقارب، و “ٱلْباء” للمديد، و “ٱلْواو” للهزج، و “ٱلْكاف” للخفيف، وذكر أَنَّ مصدره (مخطوط الدُّرر النَّقيَّة بشرح ٱلْـمَنظومة ٱلْخَزرجيَّة، ورقة 12 ب)، وبِٱلْعودة للمخطوط نجد التَّالي، قال بعد أن ٱنتهى من بيان وفكِّ رموز ٱلْبُحور السِّتَّة مباشرة “(وَٱقْطِفَنْ بِهِ) أي بإسقاط السَّبب ٱلْخَفيف (إِثْرَ) أي عقب (سَكْنٍ) أي بعد تسكين، وَهٰذا هو أحد ٱلْـمَذهبيْن في ٱلْقَطف، ولا يكون ذٰلِكَ إِلَّا في ٱلْوافر ٱلْـمَرموز له بحرف الدَّال من (بُدَّ) وهو ٱلْوافر رابع ٱلْبُحور (وٱلْأَثقل) ٱلْـمُراد إِنَّ ٱلْقَول حذف السَّبب الثَّقيل، هو ٱلْـمَذهب ٱلْآخر، وهو أقلُّ تكلُّف (ٱنتفى) بِٱلْـمَذهب ٱلْأَوَّل”(79).
اَلْبَيت التَّالي:

كَذا ٱلْقَطْعُ لٰكِنْ ذاكَ في سَبَبٍ جَرى .. وَفي وَتِدٍ هٰذا وَجَهْزٌ لَهُ حَوى(80)

قال الدُّكتور نادر في شرحه للبيت “جهز: رمز لثلاثة بحور، فـ “ٱلْهاء” رمز للبسيط، و “ٱلْهاء” رمز للكامل، و “الزَّاي” رمز للرَّجز”، وقد وقع سهو لدى الدُّكتور، فكرَّر “ٱلْهاء” في ٱلْأَوَّل والثَّاني، بينما في ٱلْأَوَّل يجب أن يكون (ج) رمز ٱلْبَسيط.
اَلْبَيت التَّالي:

وَوَقْفٌ وَكَشْفٌ بِٱلْـمُحَرَّكِ سابِعًا .. فَاَسْكِنْ وَاَسْقِطْ بَحْرَ طَيٍّ وَلِه ٱلْهُدى(81)

ضبط الدُّكتور نادر آخر ٱلْبَيت كالتَّالي “وَلَهُ ٱلْهُدى” وهي خطأ وزنًا وقراءة، وقراءتها بإسقاط ٱلْهاء لفظًا (وَلِ ٱلْهُدى).
اَلْبَيت الَّذي يلي:

وَقَطْعُكَ لِلْمَحْذوفِ بَتْرٌ بِسَبْسَبٍ .. وَقيلَ ٱلْـمَديدُ ٱخْتُصَّ بِٱسْمَيْهِ في الدُّعَا(82)

ضبط الدُّكتور نادر ٱلْبَيت (بَتْرٌ بِسَبَب) و (ٱخْتَصَّ)، وَهٰذا الضَّبط أخلَّ بِٱلْوَزن، والصَّواب ما أثبتناه.
في شرح الدُّكتور نادر للمديد وتفاعيله، وقع خطأ (سهوًا) حيث قال “وزنه في دائرته: فاعِلَتُنْ فاعِلُنْ فاعِلاتُنْ فاعِلُنْ- فاعِلاتُنْ فاعِلُنْ فاعِلاتُنْ فاعِلُنْ”، وَٱلْخَطأ في أَوَّل تفعيلة فهي فاعِلاتُنْ وليست فاعِلَتُنْ.
في شرح الدُّكتور نادر للتَّعريفات ٱلْواردة في ٱلْأَبيات الثَّلاثة، فقد شرح الثَّلم “اَلْـمثلوم هو ٱلْجُزء (التَّفعيلَة) الَّذي أصابه الثَّلم وهو أحد أنواع ٱلْخَرم (إسقاط ٱلْحَرف ٱلْأَوَّل من ٱلْوَتِد ٱلْـمَجموع في أَوَّل ٱلْجُزء). الثَّلم لا يطلق على التَّفعيلَة بل هو ٱسم يطلق على ٱلْبَيت في حال دخل ٱلْخَرم على فَعولُنْ حصرًا وليس كلُّ تفعيلة أَوَّلها وتد مجموع.
وفي شرح الثَّرم قال ” اَلْـمَثروم هو ٱلْجُزء (التَّفعيلَة) الَّذي أصابه الثَّرم، وهو أحد أنواع ٱلْخَرم”. اَلثَّرم خاصُّ بـ فَعولُنْ حصرًا، وهو دخول ٱلْخَرم وَٱلْقَبض على فَعولُنْ في أول الصَّدر فتبقى عولُ وتقلب فَعْلُ، وَٱلْبَيت في هٰذِهِ ٱلْحالة يُسَمَّى ٱلْأَثرم، وليس كما قال: دخول ٱلْخَرم، بل ٱلْخَرْم وَٱلْقَبْض.
وشرح ٱلْقَصْم فقال “هو إسقاط ٱلْحَرف ٱلْأَوَّل من ٱلْوَتِد ٱلْـمَجموع من «مفاعلتن» في أَوَّل ٱلْجُزء من ٱلْبَيت، فتصبح «فاعلتن» وتنقل إلى «مفعولن» وَذٰلِكَ في بحر ٱلْوافِر”. كان بإمكانه القول دخول الخرم، لِأَنَّ ما ذكره هو تعريف الخرم، وسبق أن ذكر الخرم بٱلْأَسم. لقد ضبطتُ التَّفاعيل كما ضبطها الدُّكتور، وضبطه لا يوضِّح المعنى، وقد تجاوز عن ذكر العصب، لِأَنَّ القصم هو اجتماع الخرم مع العصب في مُفاعَلَتُنْ، بالعصب مُفاعَلْتُنْ وتقلب مَفاعيلُنْ ويسقط رأس الوتد فتبقى فاعيلُنْ وتقلب مَفْعولُنْ. (يكتب الدُّكتور: البحر ٱلْوافِر، ولا تُعرَّف ٱلْبُحور فهي مُعرَّفة بِٱلإضافة).
بحر ٱلْوافِر: إِنَّ حذف ٱلْحَرف ٱلْأَوَّل من مُفاعَلَتُنْ سيبقيها فاعَلَتُنْ، بتحريك اللَّام، وبتسكينها مُفاعَلْتُنْ، فاعَلْتُنْ، وَهٰذِهِ ليست فاعَلْتُ بأيِّ حال. أَمَّا ٱلْعَقص فهو ٱجتماع ٱلْخَرم والنَّقص، الَّذي هو عبارة عن تسكين ٱلْخامس ٱلْـمُتحرك وحذف السَّابِع السَّاكن، أي إِنَّ النَّقص زِحاف مزدوج مركَّب من ٱلْعَصْب وَٱلْكفِّ، بِٱلْخَرم فاعَلَتُنْ، وبالنَّقص تصير فاعَلْتُ وتقلب مَفْعولُ.
اَلْبَيت التَّالي:

وَشَعِّثْ كُنِ ٱخْرُمْ وَتْدَهُ ٱقْطَعْهُ اَضْمِرَنْ .. بِخَبْنٍ وَأُولى سِرْ بحَذْفٍ وَلا سِوى(83)

وقد خالف الدُّكتور الضَّبط الصَّحيح، فضبط ٱلْبَيت كٱلْأَتي:

وَشَعِّثْ كُنْ لِخَرْمٍ وُدّه اقْطَعْهُ اضْمِرَنْ .. بِخَبْنٍ وَأُولى سِرْ بَحْذْفٍ وَلا سِوى

ضبط غير دقيق، وقد أدَّى إلى خلل في وزن ٱلْبَيت بٱلْإِضافة إلى ٱلْأَخطاء في النَّقل، خاصَّة في صدر ٱلْبَيت.
اَلْبَيت التَّالي:

فَقيلَ ٱبْتِداءٌ وَٱعْتِمادٌ وَفَصْلُها .. وَغايَتُها ٱلْـمُخْتَصُّ مِنْها بِما جَرى(84)

أغفل الدكتور نادر ٱلْبَيت ولم يشرح منه أيَّ كلمة ولم يفسِّر أيَّ تعريف ممَّا ورد فيه.
اَلْبَيت التَّالي:

وَإِنْ تَنْجُ فَٱلْـمَوْفورُ يَتْلوهُ سالِمٌ .. صَحيحٌ مُعَرَّى لا تَدَعْ ذٰلِكَ ٱلْهُدَى

ضبط الدُّكتور (لا تَدْعُ)، وهو ضبط أخلَّ بوزن ٱلْبَيت.
قال النَّاظم:

بِجودِ كُلَيْبٍ لا يُغَرُّ ٱعْلَموا أَنَّما .. يَعيشُ بِهِنْدِيٍّ مَتى ما يَعِ ٱهْتَدَى(85)

لم يشرح الدُّكتور نادر من هٰذا ٱلْبَيت ولا الَّذي يليه (على أهميَّة ما فيهما) سوى سبب تسميته وذكر تفاعيله.
قال النَّاظِمُ:

جَرَتْ جَوْلَةٌ يا حارِ شَعْواءُ خَيَّلَتْ .. وُقوفي فَسيروا عَنْهُ قَدْ هَيَّجَ ٱلْجَوَا

فَحِقْبُ ٱرْتِجالٍ ذا لَقيتُمْ فَذُقْتُمُوا .. أَصاحِ مُقامي ذاكَ وَالشَّيْبُ قَدْ عَلا(86)

شرح الدُّكتور نادر سبب تسمية بحر ٱلْبَسيط والرُّموز فيه فقط، وضبط عَروض ٱلْبَيت الثَّاني (فَذُقْتُموا)، والنَّاظم سَكَّنَ ٱلْياء لضرورة ٱلْوَزن (لَقِيتُمْ)، (فَذُقْتُموا) مع أَنَّه في حالة إشباع حركة ميم ٱلْجَمع ضمًّا وكسرًا لا تضاف واو ولا ألف ٱلْفَصل، أو ٱلْفارقة.
قال النَّاظِمُ:

هَجَرْتُ طِلًا يَصْحو خَبٱلْأَ بِرامَتي .. أَجَشَّ لَأَنْتَ اللَّذْ سَبَقْتَهُمُ إِلى

بِمُخْتَلَفِ ٱلْأَمْرِ ٱفْتَقَرْتَ وَأَكْثَروا.. وَعَبْسٌ يَذُبُّ الصُّمَّ عَنْ تامِرٍ وَلَا

نَقَلْتَهُمُ عَنْ حِدَّةٍ فَٱبْتَأَسْتَ وَالـشَّـ -(م)-ـقاءُ مُخافٌ لَمْ تَجِدْ فارِغًا كَفى(87)

ضبط الدُّكتور(هَجَرْتَ طَلًا)، (الَّذْي) وإثباته ٱلْياء أخلَّ بِٱلْوَزن، (اللَّذْ) فَٱلْياء محذوفة في جميع ٱلْـمَصادر.
قال النَّاظِمُ:

حَبَوْنَكَ سَحْقًا مَأْلُكَ ٱلْخَنْسَ فَٱرْبَعَا .. فَفي مُقْفِراتٍ ما لِـما فَعَلَتْ دَوَا

فَصَلْتٌ قَضاها صابِرًا وَهْيَ أَقْصَدَتْ .. لَهُ واضِحاتٍ دونَها عَذُبَ ٱلْقَنَا(88)

ضبط الدُّكتور نادر (مالك ٱلْخَنسا فأربعا) وَهٰذا أخلَّ بِٱلْوَزن وفيه خطأ، فَٱلْكلمة ٱلْأَولى ليست (مالك) بل (مَأْلُك) بمعنى رسالة، ويجب إثبات ٱلْهَمزة، وهي رمز لشاهد على الرَّمَل، كَذٰلِكَ كلمة (ٱلْخنسا) إثبات ٱلْأَلف يخلُّ بِٱلْوزن، ويجب إسقاطها كما هي في متن ٱلْخَزرجيَّة، كَذٰلِكَ (فأربعا) إثبات ٱلْهَمزة يخلُّ بِٱلْوَزن، فهي همزة وصل، ليستقيم ٱلْوَزن. كَذٰلِكَ بداية ٱلْبَيت الثَّاني ضبط (فصلتُنْ) كما في (مخطوطة كتاب ٱلْقَصيدة ٱلْـمُسمَّاة بِٱلْخَزرجيَّة، ورقة 6)، وهو خطأ، فإثبات النُّون يكون في حال التَّقطيع ولا يكون في متن،، (فَصَلْتٌ).
قال النَّاظِمُ:

طَغى دونَ شامٍ مُحْوِلٍ لا لِقيلَ ما .. بِهِ النَّشْرُ في حافاتِ رَحْلِيَ قَدْ نَمَا

أَرِدْ مِنْ طَريفٍ في الطَّريقِ وَفاءَهُ .. وَلا بدَّ إِنْ أَخْطَأْتُ مِنْ طَلَبِ الرِّضَا(89)

ضبط الدُّكتور نادر (رَحْلى) وَهٰذِهِ أخلَّت بوزن ٱلْبَيت، (أردّ)، تشديد الدَّال أخلَّ بوزن ٱلْبَيت. (أَنْ أَخْطَأْتُ) والصَّواب (إِنْ).
قال النَّاظِمُ:

يُلَجِّجُ يُفْشي صَبْرَ سَعْدٍ بِذي سُمَيْ .. عَلى سَمْتِ سولافٍ بِهِ ٱلْأُنْسُ قَدْ يُرى(90)

ضبط الدُّكتور نادر (يُفْشى)، (بِذي)، (سَمَى)، (سُولَان)، (بِها)، كَأَنَّه يأخذ عن مصدر يضبط ٱلْياء ٱلْـمُتطرِّفة ألفًا مقصورة، وكان عليه، كما نظنُّ، ضبطها ياء، كما نقرأها ٱلْيَوم. ضبط الدُّكتور (سُمَيْ) (سَمَى) خطأ ثُمَّ ٱلْواجب إثبات ٱلْياء لِأَنَّها ترخيم (سُمَيْر) وَهٰذِهِ شاهد أحد ٱلْأَشكال.
قال النَّاظِمُ:

كُفيتَ جِهارًا بِالسِّخالِ الرَّدى فَإِنْ .. قَدِرْنا تَجِدْ في أَمْرِنا خَطْبَ ذي حَما

فَلَمْ يَتَغَيَّرْ يا عُمَيْرُ وِصالُها.. جَحاجِحَةٌ في حَبْلِها عَلِقوا مَعَا(91)

ضبط الدُّكتور (وِصَالَهَا/صوابها وِصالُها)، (عَلَقوا/ صوابها عَلِقوا).
قال النَّاظِمُ:

لِـماذا دَعاني مِثْلَ زَيْدٍ إِلى ثَنا .. فَإِنْ تَدْنُ مِنْهُ شِبْرًا ٱذْكُرْ إِلَيْهِ ذا(92)

ضبط الدُّكتور (اُذْكُرْ)، وَهٰذا فِعْلُ أمر،، وإثبات الضَّمة فوق ٱلْأَلف يعني قطع همزة ٱلْوصل، وَهٰذا أخلَّ بِٱلْوَزن، بينما ٱلْهَمزة هنا همزة وصل ليستقيم ٱلْوَزن.
قال النَّاظِم:

نَقًا أَمْ هِلالٌ مَنْ عَلِقْتَ ضِمارَهُمْ .. أُولٰئِكَ كُلٌّ مِنْهُمُ السَّيِّدُ الرِّضا(93)

شرح الدُّكتور نادر رموز ٱلْبحر وعَروضه وضربه، لٰكِنْ في تسميته جانب الصَّواب، حيث قال ” سُمِّيَ بِهٰذا ٱلْاِسم لِأَنَّهُ ٱجتثَّ، أي ٱقتُطِع من بحر ٱلْخَفيف، بإسقاط تفعيلته ٱلْأُولى، وزنه في دائرته: مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلاتُنْ مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلاتُنْ”. ولو صحَّ أَنَّهُ ٱقْتطع من ٱلْخَفيف فالتَّفاعيل الَّتي ذكرها هي تفاعيل ٱلْخَفيف، لٰكِنَّها ليست كَذٰلِكَ. وزن ٱلْـمُجْتَثّ في دائرته: (مُسْتَفْعِ لُنْ فاعِلاتُنْ فاعِلاتُنْ- مُسْتَفْعِ لُنْ فاعِلاتُنْ فاعِلاتُنْ). وصواب ٱلْقَول فيه ما قاله ٱلْخَليل، لِأَنَّهُ قُطع من طويل دائرته، فهو مجزوء وجوبًا، ثُمَّ مُسْتَفْعِلُنْ في ٱلْـمُجْتَثّ عند ٱلْخَزرجيِّ هي (مُسْتَفْعِ لُنْ) ذات ٱلْوَتِد ٱلْـمَفروق وليس ٱلْـمَجموع. وممَّا جاء على أصل الدَّائِرَة قول الشَّاعِر:

لا تَسْقِني خَمْرَ عامٍ وَٱسْقِنيها .. دَهْرِيَّةً عُتِّقَتْ مِنْ عَهْدِ آدَمْ

مُسْتَفْعِ لُنْ فاعِلاتُنْ فاعِلاتُنْ .. مُسْتَفْعِ لُنْ فاعِلاتُنْ فاعِلاتُنْ

يا مَنْ عَلى ٱلْحُبِّ يَلْحى مُسْتَهاما .. لا تَلْحَني إِنَّ مِثْلي لَنْ يُلامَا(94)

مُسْتَفْعِ لُنْ فاعِلاتُنْ فاعِلاتُنْ .. مُسْتَفْعِ لُنْ فاعِلاتُنْ فاعِلاتُنْ

قال النَّاظِمُ:

سَبَوْا لِٱبْنِ مُرٍّ نِسْوَةً وَرَوَوْا لِـمَيْـ -(م)-يَةٍ دِمْنَةً لا تَبْتَئِسْ فَكَذا قَضَى

أَفادَ فَجادَتْنًا خَداشٍ بِرِفْدِهِ .. وَقُلْتُ سَدادًا فيهِ مِنْكَ لَنا حَلَا(95)

ضبط ٱلدُّكتور نادر (نِسْوَه) صوابها (نِسْوَةً)، (دِمْنَةٌ)، (فَجادَ بنا).
قال النَّاظِمُ:

فَالْٱضْرُبُ سَجْحٌ وَٱلْأَعاريضُ لَدْنَةٌ .. وَٱلْأَبْحُرُ تَهْمي وَالدَّوائِرُ هِي ٱلْهًدى

وَقُلْ واجِبُ التَّغْييرِ أَضْرُبُ بَحْرِهِ .. وَجائِزُهُ جِنْسُ الزِّحافِ كَما ٱبْتَنا

وَخُذْ لَقَبَ ٱلْـمَذْكورِ مِمَّا شَرَحْتُهُ .. وَصُغْ زِنَةً تَحْذو بِها حَذْوَ مَنْ مَضَى(96)

شرح الدُّكتور نادر كلمة (سجح) وهي رمز عدد الضُّروب بدون ٱلْحاء، وأغفل ما عدا ذٰلِكَ، وضبط (فَٱلْأَضْرُبُ)، (لَدُنْهُ)، وَهٰذا ضبط أخلَّ بوزن ٱلْبَيت.
(يتبع)

بقلم: الشَّاعر ٱلْعَروضيّ محمود مرعي
m7modmr3e

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة