نريدها همسات جليلية

تاريخ النشر: 11/01/17 | 18:33

كثيرا ما يدور في الاوساط الادبية تساؤل محيّر ، يدور ولا يجد له احد جوابًا شافيًا . كل يدلي بدلوه ويمشي ، والموكب يسير ، ويعود التساؤل ليهيمن من جديد على موقع آخر ووسط آخر . والتساؤل هو :-
هل على الاديب ، شاعرا ام كاتبا ان ” ينزل ” الى مرتبة القارئ العادي ، فيستعمل بسيط الكلام ام بالعكس عليه ان يرتفع به ، مستعملا الرموز والايحاءات وفصيح الكلام ، دافعًا اياه الى البحث والتنقيب .
او بالأحرى هل على الاديب ان يجدّ في البحث عن التعادلية بين المغزى من ناحية والاسلوب واللغة من ناحية أخرى ، ام يهمل الاسلوب واللغة وينصهر في بوتقة الرسالة والمضمون ؟! .
اننا في زمن بات كل شيء في جاهزًا ، واضحينا لا نستسيغ الا السندويشات الادبية والفكاهات واللغة الممجوجة والمطعّمة باللغة العبرية ، واضحت ثروتنا اللغوية بائسة ، ذليلة ، وبات قاموسنا على رف المكتبة – هذا ان وجد – بات طُعمًا للغبار والزمن .
سئل شيخ نقّاد العرب مارون عبود عن رأيه في التعادلية فأجاب متسائلا : ” ايهما اجمل وأحلى العطر في قارورة ام في فم الزهرة ؟!!” .
أظن في فم زهرة . هذا ما عناه ابن عين كفاع وهذا ما اؤمن أنا به .
ولعل اجمل المضامين والرسائل تلك التي لبست سربالا اندلسيًا قشيبًا ، او تزينت بسوار من بسكنتا او بخلخال او بهمسات جليلية ، فجاءت وكأنها عروس ساعة فرحها ، ترفل بمجد شعب احب الحرف ومات عشقا فيه . وكانت القصيدة تشعل نيران حرب واحيانًا تطفئها ، وكانت الكلمة سوطا يلذع ظهور الاعداء وما زالت ، وهمسة تبرّد قلوب الحيارى والعشاق .
نحن شعب احببنا الحرف والبلاغة والكلمة المرنان التي في ” محلها ” احببناها وقلنا لصاحبها : ” لا فض فوك ” .
الا تستحق هذه اللغة الجميلة ان نعود اليها نتفيأ ظلالها ونشرب من معينها ونتغنى بها ؟!. الا تستحق ان نحوك على نولها الفريد أغاني الصِّبا وفوح الشباب وامجاد الجدود ؟!.
الا تستحق منا لفتة ؟!
انها تستحق اكثر من هذا ، تستحق ان نرتاد هضباتها ونمتطي قممها ، لنحظى بنورها الوهاج ونخطّ احلى رسائل العشق واجمل القصائد واروع واصدق المقالات .
انها تستأهل ان ننام على همسها.

زهير دعيم
zoher-d

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة