حينما وقعتُ في حٌبِّ تلك المتسوّلة

تاريخ النشر: 19/12/16 | 6:17

لمْ أكنْ أعلمُ بأنَّني سأتعثّرُ بمتسوّلةٍ بينما كنتُ أسيرُ ذات صباحٍ باردٍ على رصيفِ شارعٍ يكسوه الجليد، أذكر بأنها وقفتْ أمامي بملابسها الرّثة، بينما كُنتُ أُغلق مِعطفي الأسود، وطلبتْ منّي بعض النّقود، لكنّني اعتذرتُ منها، وبقيتُ أخطو بذاتِ الوتيرة، ولكنْ بعد دقائق معدودة شاهدتها تتبعتني، وقالتْ: كُن رجلاً واعطفْ على مسكينةٍ مثلي، فقلتُ لها: حظّكِ أننا في آخر الشّهر، ولم يتبقْ معي سوى خمسة روبلات، فاذْهبي وابْحثي لكِ عنْ عملٍ، وانْسيِي والتسوّل هنا، فأنتِ امرأةٌ تقدرين أنْ تعملي، لكنّها ظلتْ تتبعني، وقالتْ بصوتٍ منخفض أعطني أية نقود، وقالتْ : صحيح أنّني لا أُحِبُّ التسوّلَ، وبحثتُ عنْ عملٍ، لكنّني لمْ أجد أيّ عملٍ، ولهذا أنتَ تراني أتسوّلُ هنا رُغماً عنّي، كانتْ تتحدثُ إليّ، ولكنّني لم أسمع لها، وكنتُ أخطو بخطوات سريعة لئلا أتأخر على محاضرتي، والريح السيبيرية الباردة كانتْ تلفح وجهي حتى وصلتَ إلى محطة المترو، وكنتُ أرتجفُ من البرْدِ، وعندما سرت في النفق الذي يؤدي إلى رصيف القطارات، شاهدتها تتبعني وراحتْ تربّت على كتفي، ومن كثرةِ إلحاحِها أعطيتها الخمسة روبلات، فنظرتْ صوبي وقالتْ خمسة روبلات فقطْ وكأن مساعدتي لها لم تعجبها، فقلت لها، لا أملكُ إلا خمسة روبلات، فأخذتها وذهبتْ في حال سبيلها، وبعد أيام شاهدتها في ذات المكان، لكنّها لمْ تطلبْ منّي شيئاً، وشعرتُ بأنّها ترمقني بنظراتِ إعحاب، ومع مرورِ الأيّامِ بدأت علاقتي تتوطد معها، ووقعتُ في حُبِّها ومنعتها من التسول، لكن حبّي لها لم يستمر، لأنني انتقلت إلى مدينة أخرى..

عطالله شاهين
3talla7shaheen

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة