شارون في باقة الغربية وحوار معه

تاريخ النشر: 11/01/14 | 22:52

استضاف نادي الهستدروت في باقة بإدارة السيد غالب مجادلة (عضو الكنيست فيما بعد) أريئيل شارون وذلك في آب 1974، وكان شارون جنرال احتياط، عاد من حرب سيناء مزهوًا منتـفخًا، فقد تباهى بأنه عبر الدفرسوار، وصد تقدم الجيش المصري.

وأصبح الشارع الإسرائيلي يغني بالعبرية (أريك ميلخ يسرائيل) بمعنى أن أريك (اسم دلع لاسمه الحقيقي) ملك إسرائيل، وهي أغنية استحدثوها على غرار الأغنية العبرية المعروفة التي تقول إن داود هو ملك إسرائيل.

بدأ شارون يطرح أمامنا رؤيته السياسية، ومن المهم أن أذكرها هنا، لأنها قناعته

– كما يبدو-، وكثيرًا ما تصرّف بعد ذلك بوحي منها، ويتصرف غيره من خلالها، ومن يدري كم وكيف ومتى يُعمل من أجل تحقيقها؟!

صرح شارون- وكان ذلك التصريح لأول مرة من سياسي إسرائيلي –أنه يؤمن أن الفلسطينيين هم شعب عريق، وتحق لهم دولة، ولكن، أين؟

إنها في شرقي الأردن، حيث الأغلبية هناك فلسطينيون، فيجب أن يتسنم الفلسطينيون هناك حكم الأردن. أما الضفة فتبقى كما كانت تحت الحكم الإسرائيلي، ولكن إسرائيل لا تمانع السكان فيها من أن يحملوا جوازًا فلسطينيًا وهوية وانتماء لدولة فلسطين في شرقي الأردن.

وقف محمد مصاروة (المحامي من كفر قرع)، وعرّف بنفسه، ثم سأل شارون:

كيف للمهاجرين من بولونيا وغيرها- وأنت منهم- أن يقرروا مصير من ارتبط بأرضه وهو فلسطيني الجذور، ما هو الحق الأخلاقي لكم؟

أجاب شارون مباشرة وكأنه كان على موعد مع السؤال:

لقد سمعت اسمك. إنك تقول في نهايته"مصاروة".

قل لي، ما هو الحق الذي لك هنا ما دمت جئت أنت وعائلتك من مصر؟

وكان النقاش بينهما سجالا.

أذكر أنني قلت له:

أنا مواطن في إسرائيل رغم أنفي، فلم يستشرني أحد إن كنت أوافق على أن تحكمني إسرائيل، بل إن منطقة المثلث سُلمت لكم في اتفاقية رودس بعد سنة من قيام الدولة، ولو كان الأمر بأيدينا لما وافقنا أصلا على حكم أجنبي، فلماذا –إذن- أعامل في موطني بتمييز؟ لماذا تصادرون أراضينا؟ لماذا لا تحررون الوقف الإسلامي؟ ألا تدِلك هذه المعاملة على أن وثيقة الاستقلال التي تنص على ضمان حقوق الأقلية وبأنها واجب أساس تتباهون به- لا تُحترم، وبأن المواطن العربي هو من الدرجة العاشرة؟

من العجيب أن شارون رد علي بهدوء شديد – خلاف عصبيتي في خطابي له- ودلّ عليّ وعلى السامعين أن حزبه (حيروت) هو الوحيد الذي يخدم الأقلية العربية في البلاد، ويعمل على مساواتها، بدليل أن هذا الحزب هو الذي ألغى الحكم العسكري، وأنه هو الذي سيعـقد السلام مع الدول العربية. (فيما بعد كان بيغن- زعيم الحزب هو الذي بادر إلى عقد السلام مع السادات سنة 1978).

………………………………………………………………………..

أقواس من سيرتي الذاتية- طولكرم: مطبعة ابن خلدون- 2011، ص 164- 165- موضوع "صفحاتي السياسية".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة