ما حكم تنظيم النسل وتحديده؟

تاريخ النشر: 09/11/16 | 16:10

ما حكم تنظيم النسل وتحديده ؟

الحمدُ لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه الطاهرين أجمعين وبعد:
إنّ الإسلام قد اعتنى في بناء الأسرة المسلمة التي تقوم على التراحم والمودة بين الزوجين فكان لكل واحد منهما حقوق وواجبات، بيّنتها الشريعة الإسلامية وجعلت للزواج هدفاً أسمى هو بقاء النوع الإنساني وتكاثره، فقال صلى الله عليه وسلم: ( تناكحوا تناسلوا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة ). [رواه ابن ماجة].
وقال أيضاً: ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ). [رواه مسلم].

فكان الإنجاب هدفاً من أهداف الزواج في الإسلام، وهو هدف مشترك بين الزوجين.
وإنّ مصطلح تنظيم النسل وتحديده يطلق عليه في عرف الفقهاء قديما بالعزل، وهو مصطلح قد ورد بالسنة المطهرة، وهو من حيث الأصل مشروع عند جمهور الفقهاء وفق شروط وتفصيلات مقررة لديهم .

فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن سيدنا أسامة بن زيد رضي الله عنه أنّ رجلاً جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله إنّي أعزل عن امرأتي فقال له صلّى الله عليه وسلم: ( ولم تفعل ذلك )؟ فقال الرجل: أشفق على أولادها فقال صلّى الله عليه وسلم: ( لو كان ضارا لضر فارس والروم ) ، فقد دلّ الحديث على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عن ذلك ولو كان حراماً لنهى عنه صلى الله عليه وسلم.

وثبت عن سيدنا جابر رضي الله عنه قال:( كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا ). [رواه مسلم].

هذا وقد اختلف المعاصرون في تحديد الفرق بين التنظيم والتحديد ، فهنالك من أطلق مصطلح التنظيم وأراد به التباعد المؤقت بين فترات الإنجاب وأمّا التحديد فهو إيقاف النسل مطلقاً ، وهنالك من قال: التنظيم يكون بناءً على توافق الزوجين سواءً أكان مؤقتاً أم مؤبداً ، وأمّا التحديد فيكون من قبل الدولة .
والذّي نختاره هو أنّ التنظيم : التحكم المؤقت بين فترات الإنجاب وأمّا التحديد فهو إيقاف النّسل على وجه التأبيد .

وبناءً على ما سبق نقول : يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل أو إيقافه لمدة معينة من الزمان إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراض وفق ما تقتضيه ظروفهما الإجتماعية والإقتصادية والصّحية بالشروط التّالية :

1.ألا يترتب على ذلك ضرر وأن تكون الوسيلة مشروعة وأن لا يكون فيها عدوان على حمل قائم.
2.ألاّ يكون التنظيم أو التحديد من قبل الدّولة .
3. ألاّ يكون إيقاف النسل عن طريق استئصال القدرة على الإنجاب.

4. لا بدّ من استئذان الزوجة في العزل فيحرم العزل عنها بغير إذنها ،عند جمهور أهل العلم ، وذلك لما رواه الإمام أحمد وابن ماجة عن عمر رضي الله عنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها ). [ قال الهيتمي في مجمع الزوائد: في إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف. قال الألباني في ضعيف سنن ابن ماجة: ضعيف].

جاء في قرار مؤتمر المجمع الفقهي الإسلامي الدولي بشأن تنظيم النّسل المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأولى 1409 الموافق 10 – 15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م، قرار رقم: 39 (1/5) :

أولاً: لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب.

ثانياً: يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم، ما لم تدع إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية.

ثالثاً: يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً، بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراض، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وأن لا يكون فيها عدوان على حمل قائم.

والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للإفتاء

images

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة