يوم دراسي بمبادرة لجنة المتابعة بكفرقاسم

تاريخ النشر: 25/10/16 | 0:55

قال عدد من الباحثين، في اليوم الدراسي الذي عقدته لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، أمس السبت في كفر قاسم، إن سلسلة من الأحداث ساهمت في فصلنا كجزء من شعبنا الفلسطيني، عن سائر شعبنا سياسيا وكفاحيا، وهذا بحكم الفصل الجغرافي، إلا أنه ظهرت تباينات في مرحلة الفصل، فمنهم من رأى أن هذا قائم منذ العام 1948، بينما رأى آخرون أن اتفاقيات اوسلو حسمت الأمر في هذا المجال.
وكانت لجنة المتابعة العليا، قد عقدت بعد ظهر السبت، في المركز الجماهيري في مدينة كفر قاسم، يوما دراسيا، حول تداعيات هبّة القدس والأقصى وسبل مواجهتها. وافتتح الجلسات رئيس المتابعة محمد بركة. كما رحب بالحضور رئيس بلدية كفر قاسم المحامي عادل بدير. وعقدت جلستين، الاولى بمشاركة بروفيسور مصطفى كبها، والمحامي حسن جباري. بينما شارك في الجلسة الثانية بروفيسور اسعد غانم، والدكتورة هنيدة غانم. وعقد هذا اليوم الدراسي ضمن نشاطات أقرتها لجنة المتابعة لإحياء هبة القدس والاقصى، جماهيريا، وأيضا على مستوى أكاديمي تخصصي، في سعي لتقييم المرحلة، من وجهات نظر متعددة، بهدف الاجتهاد لوضع آفاق جديدة لمواجهة التحديات.

0

وافتتح رئيس المتابعة محمد بركة الجلسة الافتتاحية بكلمة ترحيب، بالحضور، خاصا بالذكر من حضر من أهالي شهداء أكتوبر. وحيّا بلدية كفرقاسم على استضافتها هذا اليوم. وقال بركة إنه لا شك في أننا بحاجة لمراجعة كل ما حدث منذ الهبّة ولاحقا، بما في ذلك حيثيات تلك الايام التي مرّة على جماهير شعبنا. وقال بركة انه ليس صدفة اختيار كفرقاسم لإقامة هذا اليوم الدراسي، في الوقت الذي تحيي فيه المدينة احياء الذكرى الـ 60 لمجزرة كفر قاسم. وأضاف ان المؤسسة تبحث دائما كيف تضرب جماهيرنا العربية، لأنهم ليس مرغوبا بهم في وطنهم. وشدد على أن القرار الاساس الذي اتخذته الحكومة والمؤسسة الرسمية، بعد تلك الأحداث، هو تفتيت جماهيرنا وادخالنا الى قفص التدجين الذي وضعوه لنا. وعدّد بركة سلسلة من السياسات الحكومية لتحقيق هذا الهدف، بما يشمل نشر الخدمة المدنية والعسكرية وبضمن ذلك محاولة الاستفراد بشرائح من مجتمعنا، وبشكل خاص المسيحيين، وهو ما فشل فشلا ذريعا. ثم تغذية العنف المجتمعي، والسعي الى تذويب الهوية الوطنية في اطار اغراقنا بقضية المطالب المدنية، بعد تجريمنا بنتائج سياسة التمييز العنصري.
وقال بركة، إن المداولات التي شهدتها لجنة المتابعة العليا في تلك الأيام، جدير هي ايضا للبحث فيها، بما في ذلك المواقف التي كانت تطرح في ذلك الجدل، لأن ما جرى بالإمكان الاستفادة منه كدروس للمستقبل، مشددا على ان القيادة في لجنة المتابعة لم تخف من المؤسسة الحاكمة، بل سعت لحماية الجماهير، مما خططت له الحكومة والمؤسسة وشرعت في تنفيذه على الأرض، وهذا انعكس بدائرة سفك الدماء، والشهداء والجرحى.

1

ورحب رئيس بلدية كفر قاسم المحامي عادل بدير بالحضور واثنى على مبادرة لجنة المتابعة، وخاصة عقد هذا اليوم الدراسي في كفر قاسم بالذات التي تستعد لأحياء ذكرى المجزرة. وقال اذا نظرنا الى الوراء نرى مجزرة كفر قاسم في العام 56 ثم يوم الارض 76 واكتوبر 2000 وما وقع بين كل واحدة من المحطات، يدل على ان المؤسسة تسعى الى توجه ضربة دامية لجماهيرنا في كل فترة زمنية.
ودعا بدير الحضور للمشاركة في برامج احياء الذكرى الـ 60 لمجزرة كفر قاسم، وبشكل خاص في البرنامجين المركزيين، المسيرة الصباحية، في الساعة الثامنة والنصف، وايضا المهرجان المركزي مساء. وافتتح الجلسة الاولى وادارها د. منصور النصاصرة من جامعة بئر السبع، متكلما عن اوضاع مدنية القدس وما تواجهه من اعتداءات، وفصل احياء بأكملها عن المدينة، وطرد الالاف من مدينتهم.
وفي مداخلته قدم البروفيسور مصطفى كبها، استعراضا تاريخيا غنيا بالمعلومات والحقائق، عما وقع في النكبة، وفي العقد الأول بعدها، وقال إنه لم يكن اكتوبر العام 2000، المرة الاولى التي يطلق فيها العسكر النار على المدنيين، بل هذا متواصل منذ النكبة وحتى يومنا. وعدّد كبها محطات بارزة في مسلسل الجرائم الصهيونية. بدءا من تدمير 532 بلدة و11 حاضرة مدنية وتهجير 740 الف فلسطيني في العام 1948، وتبع ذلك قتل الاف الفلسطينيين على الحدود، بزعم التسلل؛ كما تواصلت جرائم تهجير بلدات وأبرزها مدينة المجدل قرب غزة.
كما توقف ب. كبها عند مجزرة كفر قاسم، وقبلها وبعدها، مستعرضا مواجهات بطولية في كفرمندا 1954، وكوكب ابو الهيجا 1957، ومجزرة صندلة، ثم توقف عند أيار 58 في الناصرة وام الفحم وعرابة.. واستمر حتى يوم الارض 1976، وهبة الاقصى عام 1990. وصولا الى اكتوبر 2000.

2

وقال كبها إن مسار مفاوضات اوسلو همّشت الجماهير العربية. وقال إن العام 1998 كان عاما مركزيا، فإسرائيل أحيت 50 على قيامها، وعندنا وانطلقت مسيرة العودة الجماعية. وفي ذلك العام ووقعت مواجهات الروحة، وام السحالي، وهذه أحداث ساهمت في تأزيم واحتقان لما وقع في تشرين الاول/ اكتوبر العام 2000. وعن الشهداء في اكتوبر 2000 قال ب. كبها، ان احدا منهم لم يخطط لينهي حياته في تلك الهبّة، ولكن من بحث أجراه، يتبين ان جميع الشهداء من عائلات سقط في تاريخها شهداء منذ الاستعمار البريطاني وفي النكبة وبعدها.
وقال المحامي حسن جبارين مدير عام مركز عدالة، انه في تاريخنا لم يكن لجماهيرنا مطلب باقامة لجنة التحقيق، رغم ضخامة ما سبق خاصة مجزرة كفرقاسم. بينما بعد اكتوبر 2000 كان مطلبا مركزيا بتشكيل لجنة تحقيق رسمية. وعلّل جبارين ذلك، بانه دخل لخطابنا خطاب قانوني بتعريفنا اقلية، واستخدام قوانين دولية لحقوق الاقليات. بمعنى اننا سلكنا نضالا قانونيا بموجب قوانين اسرائيل والقوانين الدولية.
وقال جبارين اننا خضنا مسار اللجنة من دون تجربة في هذا المجال، اضافة الى قناعتنا بأن ما سيجري سيخدم في نهاية المطاف المؤسسة الحاكم. لذا بدأنا بدراسة تجارب شعوب أخرى، خاصة ايرلندا، التي اقيمت فيها لجنة تحقيق حول أحداث يوم الاحد الدامي، التي اوصت بمحاكمة المتظاهرين، وبرأت المسؤولين الايرلنديين، ثم دار نضال لاقامة لجنة تحقيق بديلة استمر 20 عاما.

وقال جبارين إن حكومة اسرائيل رفضت اقامة لجنة تحقيق، وخضنا نضالا من خلال لجنة المتابعة وفرضنا على الحكومة اقامة اللجنة. واضاف ان لجنة المتابعة ارادت ان يتم استخدام لجنة التحقيق لنعرض فيها روايتنا امام العالم والرأي العام المحلي. وقدّمت لجنة المتابعة لائحة اتهام للجنة التحقيق في يومها الاول، اكدت فيها ان المتهمين من ناحيتها إيهود باراك وقائد شرطة الشمال في حينه أليك رون وغيرهما.
وقال جبارين انه في المجمل العام فإن توصيات لجنة أور كانت ايجابية، ولكن تنطبق عليها مقولة: إن العملية نجحت الا ان المريض مات. وقال ان من أهم ما ورد في التوصيات أنه لم يكن ما يبرر أي جريمة قتل للشبان الـ 13 وأوصت بإجراء تحقيق جنائي لمحاكمة القتلة. ولكن لاحقا رأينا تقرير وحدة التحقيق مع عناصر الشرطة، “ماحاش”، وبعدها قرار المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز باغلاق كافة ملفات قتل الشبان الـ 13. وافتتح الجلسة الثانية وادارها د. قصي حاج يحيى مستعرضا أهمية هبّة القدس والاقصى، وخاصة من ناحية التداعيات السياسية، وقال، لقد شهدنا في السنوات الماضية ظهور عدة اوراق رؤى سياسية عديدة، تعكس المساعي لتقييم المرحلة ووضع رؤى على المستوى الاستراتيجي، بناء على اجتهادات متنوعة.

3

وقالت د. هنيدة غانم، مديرة مركز الابحاث مدار في رام الله، قد تكون أحد الأمور المهمة التي تلفت الانتباه عندما نريد ان نبحث في احداث 2000 هو كثرة المصطلحات، فنجد مثلا من يطلق على ما حدث هبة الأقصى، هبة القدس، هبة الأقصى، احداث أكتوبر، احداث الالفين، انتفاضة الأقصى، وغيرها من التسميات المختلفة. كل تسمية هي انعكاس لفرضية سياسية. فالقول ان ما حدث يندرج تحت تسمية هبة أكتوبر هو أولا وضع حدود جغرافية بين 67 و 48 وثانيا زمنية بين انتفاضة بدأت في الضفة في 28 أيلول/ سبتمبر وأخرى بدأت في أكتوبر 2000. هذا الفصل ليس شكليا بالطبع بل لتمييز بين نوعين من المكانة السياسية للفلسطينيين احدهم مواطنون في دولة واخرون ذوات محتلة. في هذا الفصل مقولة ان الاحداث وان توازت وتقاطعت الا ان لها سياقات ومرجعيات سياسية متمايزة. وقالت د. غانم، ولو اخذنا لقطة بانوراميه للأحداث في 2 او 3 أكتوبر يمكننا ان نرى فعليا ان لهيب الاحداث التي انتشرت كالنار في الهشيم، كانت نقيضا عمليا وفعليا للارتباك السياسي الحاصل، ونقضا معمدا بالدم للحدود السياسية التي حددت بحكم الامر الواقع. وأضافت د. هنيدة غانم، كان يمكن أن نتعامل مع هذا التفاعل الفلسطيني الفلسطيني بمثابة لحظة استثنائية في تاريخنا الفلسطيني، وليست ذا ابعاد سياسية لو انها كانت لمرة واحدة؛ لكن يبدو لي انها كانت عتبة للدخول في مرحلة جديدة تحمل بدايات لاعادة تشكيل حدود الجماعة السياسية بشكل مغاير للحدود السياسة التي اعتدنا عليها التي تضع حدود واضحة بين الداخل والضفة وبين 48 و67. وتوقفت غانم عند انعكاسات مسار أوسلو، وقالت إن المفاوضات حسمت الفصل بين جزأي الشعب الفلسطيني سياسيا وجغرافيا.

4

وقال بروفيسور اسعد غانم، المحاضر في قسم العلوم السياسية في جامعة حيفا، إن تقسيم الشعب الفلسطيني سياسيا، لم يحسمه مسار اوسلو، بل هذا ما كان قائما منذ النكبة. واضاف، أن الشعب الفلسطيني هو حاليا في اقصى أشكال التقسيم الجغرافي والسياسي في عدة كيانات منفصلة، إن كان نحن في إسرائيل، أو في الضفة والقطاع وفي المخيمات في الدول العربية، واللاجئون في الشتات وغيرها.
وتابع ب. أسعد غانم قائلا، إن الفصل الأوضح لنا سياسية وجغرافيا عن سائر شعبنا الفلسطيني ظهر في خطاب القائد الراحل ياسر عرفات في العام 1968، حينما اعلن عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبشكل لا نتمثل فيها. وأن هذا الفصل تأكد مجددا في اللقاء الاول الذي عقد بين الحزب الشيوعي ومنظمة التحرير في العاصمة التشيكية براغ في العام 1974، إذ أن الحزب الشيوعي ظهر في حينه كالجسم السياسي الذي يمثل الفلسطينيين في إسرائيل. وتابع ب. أسعد غانم، إن سياقات كفاحنا، وشكل حراكنا مواجهتنا للمؤسسة الحاكمة، على مر السنين وحتى يومنان هو ما وضعه الحزب الشيوعي مباشرة بعد العام 1948، وقال، إنه مهما تعددت الأحزاب والايديولوجيات، مثل الحركة الاسلامية، وعلى الرغم من خطابها، إلا أن شكل حراكها الجماهيري، هو ذات الاساليب والمسارات التي وضعها الحزب الشيوعي، وبشكل خاص في قضية المواطنة والحقوق. وقال ب. أسعد غانم، إن ما يمير سنوات العقدين الأخيرين، هو أن جماهيرنا العربية في البلاد تتلمس الطريق لإعادة بناء قوتها من جديد، ويمكن أن ندرج في هذا السياق، فتح آفاق جديدة للنضال، مثل الدعوات للتوجه للقضاء الدولي، وغيرها من الأمور، وأن ما ساهم في هذا أيضا هو التطور الكبير الذي حصل على جماهيرنا، سياسيا واجتماعيا وعلميا.

5

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة