حينما وقعتْ في حُبّي تلك المتسوّلة

تاريخ النشر: 27/10/16 | 1:11

لمْ أكنْ أعلم بأنَّني سأتعثر بمتسوّلةٍ بينما كنتُ أسيرُ ذات صباحٍ باردٍ على رصيفِ شارعٍ محفّر، أذكر بأنها وقفتْ أمامي، بينما كُنتُ أُغلق مِعطفي الأسود، وطلبتْ منّي بعض المال، لكنّني لمْ التفت لها، وبقيتُ أخطو بذاتِ الوتيرة، ولمْ أرد عليها، لكنْ بعد دقائق معدودة شاهدتها تتبعتني، وقالتْ: كُن رجلا واعطفْ على مسكينةٍ مثلي، لقد تركتُ أطفالي جوْعى يا أُستاذ، فقلتُ لها: حظّكِ أننا في آخر الشّهر، ولم يتبقْ معي سوى خمسة شواقل، فاذْهبي وابْحثي لكِ عنْ عملٍ، وانْسيِي التسوّل هنا، فأنتِ امرأةٌ تقدرين أنْ تعملي، لكنّها ظلتْ تتبعني، وقالتْ بصوتٍ منخفض: أطفالي ينتظرونني، فقلتُ لها ستؤخرينني عنْ عملِي، فقالتْ وهي تُمسكُ بجيبِ مِعطفِي: صحيح أنّني لا أُحِبُّ التسوّلَ، وبحثتُ يا أُستاذ عنْ عملٍ، لكنّني لمْ أجد أيّ عملٍ، ولهذا أنتَ تراني أتسوّلُ هنا رُغماً عنّي، كانتْ تتحدثُ إليّ، ولكنّني لم أسمع لها، وخطوتُ بخطوات سريعة، والريح الباردة كانتْ تلسعُ وجهي حتى وصلتَ إلى موقفِ السّيارات، وكنت أرتجفُ من البرْدِ، وعندما هممتُ بالصّعودِ إلى السيارة، شاهدتها تربّت على كتفي، ومن كثرةِ إلحاحِها أعطيتها الخمسة شواقل فنظرتْ صوبي وقالتْ يا أستاذ خمسة شواقل! وبدا على وجهها علامات الامتعاض، وكأن المبلغ لا يعجبها، فرددتُ عليها، لا أملكُ إلا خمسة شواقل، وها أنا سأسير في هذا الجوّ البارد إرضاءَ لكِ، وبعد أيام شاهدتها في ذات المكان، لكنّها لمْ تطلبْ منّي شيئاً، وشعرتُ بأنّها ترمقني بنظراتِ حُبٍّ، ومع مرورِ الأيّامِ وقعتْ في حبّي، لكنّني صارحتها بالحقيقة، وقلتُ لها قلبي ليس شاغراً، فهو يُحبُّ امرأةً أخرى، وكنتُ أقصدُ زوجتي، التي تُحبّني كما أنا أُحِبّها، لكنّها قالتْ ذات يومٍ ماطرٍ: لقدْ وقعتُ في حُبِّكَ أيّها الوسيم، ومع مرورِ الزّمن نسيتها حتى أنّني صِرتُ أغيّر من سيْري المُعتاد في ذاك الشّارع لكيْ لا أراها..
عطا الله شاهين

3talla7shaheen

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة