ندَمُ امرأة

تاريخ النشر: 05/09/16 | 10:45

نهضتْ تلك المرأة مِنْ نوْمِها مكروبة ومهمومة، لقدْ خسرتْ كُلّ شيءٍ، فالمنزلُ باتَ فارغاً إلّا مِنْ أنفاسِها وعزفِ هُمومها المُتزاحمة، فقدْ أضاعتْ بطيشها كُلّ جميلٍ في حياتِها، وفقدَتْ الزّوج وخسرتْ الولدَ وخاصمت كُلّ زميلاتها في العملِ.. وأصبحتْ وحيدةٌ ولا تملِكُ إلّا أحزانها وأوجاعها وتنهيداتها، التي تكادُ تقتلُها بعد أنْ ضاقتْ بها أنفاسها وأدخلتها خطاها نحو الخطيئة، ورافقها القرَف والضّياع وجعل مُقلتيها تُحلّقان في سقفِ الغُرفة ..

تذكرُ تلك المرأة كيفَ خانتْ زوجَها وولدَها وتآمرتْ عليهما وسقطتْ بهما في متاهاتِ جُنونها، وانقيادها الأعمى لرغباتِها، ونهمِها لعشقِ الخطيئة، والبقاء على ملذاتِها المُحرّمة، مما جعلَ زوجُها يفرُّ مِنها بولدِها، ولمْ يُطِقْ البقاءَ معها في هذا الوحل، وتذكرُ سيرتها الفوّاحة بالمهانةِ والذُّلِّ بين زملائها، الذين احتقروها واخذوا مواقفهم بمقاطعتِها، وعدم الجُلوس حتّى معها، أو التّكلُّم معها ..
شعَرتْ تلك المرأة بغُربةٍ شديدةٍ، وهمٍّ شديد، وكادَ أنْ يفتكَ بها.. بقيتْ شاخصةً عيناها سابحةً في يمِّ زلّاتها، وإذا بصوتِ قُرأنِ الفجرِ يقتحمُ خلوتها، وبصوتِ القارئ وجعٌ يتأوّه للذين امنوا أنْ تخشعَ أفئدتهم لذكِرِ الله، وما نزلَ من الحقِّ صمتٌ قليل .. وأخذتْ تردّدُ كلماتِ القارئ، ثُمَّ انتفضتْ مِنْ فراشِها، لتغتسلَ، ومُقلتاها تملأهما العَبَرات، ثم انصرفتْ لتؤدي صلاةَ الفجر بفؤادٍ مُنشرحٍ يملئه الفرْحة وصارتْ تندمُ كُلَّ يومٍ على فعلتٍها السّيّئة، لكنّها ظلّتْ غارقةٌ في النّدمِ، وبقيتْ في عُزلتِها تتعذّبُ، لأنّها فقدتْ كُل شيءٍ .. فهي تأملُ بعد توبتها بحياةٍ جديدة بلا خطايا، فندَمُها سيبقى لها درساً، لأنّها فقدت سعادتها ذات يومٍ، حينما انزلقتْ بخطيئتِها بسببِ جُنونِ نهمِها، الذي كانَ يُحفّزها لإسكاتِ رغْبتها.

عطا الله شاهين

3talla7shaheen

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة