الأديبة المعاصرة خضرة الكيلاني

تاريخ النشر: 04/08/16 | 15:00

تعتبر ابنة كفرقرع، خضره الكيلاني، من كاتبات الخواطر القلائل اللائي أجدن واتحفن القرّاء، سواء اعضاء صفحتها على الفيسبوك، أم القراء بشكل عام. لها اسلوب شيق و فريد قلما تبنَّته كاتبة مبدعة كما فعلت الأديبة خضره. تحرص على تَفقُّدِ اترابها والاطمئنان على سير حياة الجميع: الاجتماعية واليومية، العملية والشخصية، وهذا بيِّنٌ من خلال ما يسكبه يراعها من نسائم رقيقة معبرة.
اسهاماتها على صفحتها تغطي كل مناحي الحياة: فهي تحرص على متابعة الأخبار وتحليلها بمنطق وعقلانية، وتضع خلاصتها على صفحتها، كما لا يفوتها الاخبار الاجتماعية التي تخص الاهل والاقارب والاصدقاء. تشكِّلُ العصب الحساس في حياة من يتعامل مع خواطرها. جادَّةٌ في التواصل وابداء الراي، وحصيفةٌ في التعامل مع العقول الكبيرة والمتميزة. هي زخم من مستويات تليق بالجميع؛ إذ لا تفوتها-أحيانا- روح الدعابة وخفة الظل حين يتطلب الموقف ذلك.
تفرد للمسحة الدينية والاخلاقية مساحة معتبرة في كتاباتها، وتبتهل الى الله تعالى أن ييسر الخير للعباد. هذا الطيف الديني هو نتاج التربية الطيبة التي درجت عليها الاديبة خضره الكيلاني. ففي احدى خواطرها تقول:”لا تحزن اذا اعسرت يوما ، فقد ايسرت وقتا طويلا، ولا تظن بربك سوءًا فان الله اولى بالجميل، ولو ان العقول تسوق رزقا، لكان المال عند ذوي العقول”. تتابع ما يكتبه الغير عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتبدي رأيها في المادة المطروحة بكل تجرد وموضوعية، وتشاركهم في منشوراتهم القيِّمة بهدف الافادة وتوصيل المعلومة الى اكبر شريحة ممكنة من المتابعين. ومما تؤمن به الاديبة خضره الكيلاني :” نيتك الصالحة تقودك الى الحق اكثر من عملك، اوجِد نية الخير في قلبك، يوجدُ الله لك الخير في عملك “. هكذا تتجلى المسحة الدينية لدى الاديبة خضره الكيلاني.
تحمل قضايا وهموم الامة في خواطرها، وتحرص على اعلاء شان المرأة كونها نواة العائلة في المجتمع. ولتحقيق ما بخلدها من اهداف مجتمعية، فها هي عضو فاعل في المجلس النسائي في كفرقرع لترفع صوت المرأة الى العلن لنيل ما يسلب من حقوقها. اضافة الى ذلك، فهي عضو رائد في جمعية “كيان” في حيفا وتسعى دائبة الى ابراز الوجه الحضاري لافراد المجتمع، خصوصا المرأة التي ما فتئت تعتبرها المدرسة الحقيقية الاولى للنشْ.
بقدر ما يسمح وقتها، تنخرط الاديبة خضره في الاعمال التطوعية والارشادية، ولا همَّ لها الا انجاز اكبر فائدة للمجتمع المحلي وللانسانية بشكل عام. تجد نفسها وشخصيتها في الاعمال التي تعود بالفائدة على الغير، وهي على استعداد لتحمل المشاق في تحقيق بسمة لطفل او فرحة تدخلها قلب اسرة معوزة. تسدي النصائح والارشادات لكل اذن مصغية، وحكمتها المفضلة” من جد وجد، ومن زرع حصد”.
كما يقال في الموروث العربي الجميل” كل كريم طروب”. فالاديبة الكيلاني لا يفوتها بعد يوم عمل شاق ان تريح الجسد والروح معا بالاستماع الى روائع الموسيقى، وخاصة السيمفونيات العالمية، والموسيقى الكلاسيكية. كما وتعشق البحر وتجد فيه ضالتها؛ فهو بالنسبة اليها الصديق الصدوق وكاتم الاسرار. تلجا اليه للتزود بالطاقة الايجابية، لبث خوالج النفس، وشحذ الهمة لمزيد من العمل. البعض قد يعتبر البحر مكمن الخطر وازهاق الارواح، لكن الاديبة خضره تعتبره الخير، كل الخير، ومنبع الحياة، وسر تدفق الخيرات والكنوز.
الاديب اللبناني ميخائيل نعيمة، و في احدى ليالي الشتاء، كان يقترب من الموقد المنزلي التقليدي ليبدد صقيع تلكم الليلة، ثم قال كلمته التاريخية”حطبة تصطلي بحطبة”. انها قمة التماهي مع الطبيعة والذوبان في كنهها. فالطبيعة بالنسبة للاديبة خضره هي عشق ابدي، وهي الحضن الدافئ الذي تجد نفسها فيه، ولا يقل حبها لها عن حب ذلك الاديب. تعشق المروج الخضر والوهدان، وتعشق الاشجار والاكمات، وتعشق الورود الجبلية لانها تمثل الطهر والنقاء والبعد عن الايد العابثة التي تزهق ارواحها قبل النضوج؛ انها الرومانسية بعينها متجسدة في الاديبة خضره.
تحرص الاديبة الكيلاني في خواطرها الاجتماعية على تتبع اخبار الاهل والاصدقاء: تراها تبعث بالتهنة في مناسبات الخطوبة والزواج، وتراها تقدم التعزية إن ألمَّ باحد امر جلل. وبعقلية فذة ومتفتحة، فهي مصممة ازياء ممتازة؛ بل من الطراز الاول؛ فلديها عملها الخاص الذي تشرف عليه من الفه الى يائه، ولها سمعتها الطيبة في في هذا المجال. شخصية رائعة مستقلة، تجسد الاعتماد على النفس قولا وعملا.
لا تترك مجالا الا وأدلت بدلوها ناصحة أو موجهة. تتألق في بث مكارم الاخلاق بين افراد المجتمع ليصلح الجميع ويعلو شأنه. فلا تتردد في الاستشهاد بمقال أو حكمة او قول مأثور و تضعه على صفحتها ليعم الخيرُ الجميع. فمما أعجبها من اقوال”الصديق الطيب مثل بائع الورود، حتى وان لم تشتر منه، فرائحته دائما زكية.”
للطفولة باع طويل في خواطر خضره الكيلاني ، وتعلق على الاطفال الامال الكبيرة، فالطفولة ببراءتها ولطفها هي مستقبل البلاد وركيزتها. تفرد لهم مساحات من الحب والتالق، وتبدأ من البيت حيث محبتها لاطفالها قبل أن يشتد عودهم ويصبحوا ممن يحمل الكل. الاطفال هم الابتسامة الصادقة والضمير النظيف والمعاملة الطيبة. فلطالما خطرت في بالها ايام طفولتها مع الاخوة والاخوات في بيت العائلة الكبير، حيث كانت الحياة مترعة بالسعادة والخير.
ومما يؤثر عن الاديبة خضره الكيلاني:
-لا تركض خلف المظاهر، فقد تخدعك
-لا تركض وراء الثروة، فقد تتلاشى بسرعة
-ولكن اركض خلف من يعطيك الابتسامة، فانه سيقلب حزنك الى سعادة بلا مقابل
تؤمن باهمية المرأة في المجتمع، وتؤمن بدوها المساند للرجل، فهي الرديف والاخت والام والزوجة. ولذا تحرص اديبتنا على بث احترامها وتقديرها وانزالها مكانتها اللائقة في المجتمع، ولا مجال للمزاودة من هنا او هناك على دورها المهم في المجتمع، فيجب صون كرامتها وتبجيلها لاقصى حد.
تحب الشتاء كثيرا؛ يغسل القلوب والنفوس قبل غسل الطرقات، يجمع الاسرة حول الموقد ليحلو السهر وسرد الحكايات الجميلة، وما يتخلل ذلك من شقاوة الاطفال حين يبادرون في وضع الكستناء جنبا الى جنب مع ابريق الشاي على ذلك الموقد.

فمن خواطر خضره، على سبيل السرد لا الحصر، الخاطرة التالية:
أجمل ما بك هو أنت
وأجمل ما برجولتك، رجولتك أنت
وحتى يثمل العطر، عليه أن يمر على يديك أنت
وحتى تصبح القهوة قهوة، عليها أن تمر على شفتيك أنت
ألمْ اخبرك أن أجمل ما خلقه الله هو أنت؟
ألمْ أقل لك أن المساء لا يحلو الا بك أنت؟
حبيبي وروحي وحياتي وعمري هو أنت

ذلك غيض من فيض حول كاتبة الخواطر الاستاذة الاديبة خضره الكيلاني. وددنا لو استطعنا ان نفيها حقها في مجال كتاباتها الرائعة التي تصلح نبراسا ودليلا حياتيا: اجتماعيا وثقافيا وتعليميا وسلوكيا.

يونس عودة- مدرس جامعي اردني مقيم في سلطنة عمان. حاصل على درجة الماجستير في اللغة الإنجليزية من جامعة إنديانا في الولايات المتحدة

5

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة