في اللغة: سنين وسنون

تاريخ النشر: 28/07/16 | 8:11

قرأت في قصيدة لك:
“مرّت سنينٌ كنت فيها الشاهده”

أظنك أخطأت، فكيف تجيز (سنينٌ) واللفظة ملحقة بجمع المذكر السالم؟
ج_
من جموع (سنة)= سنوات ( ج. مؤنث سالم) وسنون (ملحق بجمع المذكر السالم)
أو سنـيـن.

حقًا فإن أكثر ما ورد في اللغة هو إلحاق (سنون) بجمع المذكر السالم ، فنقول:
مرت سُِنونَ (بكسر السن، ويجوز ضمها، وبفتح النون)، وقضيت سنينَ إلى سنينَ – ترفع بالواو وتنصب وتجر بالياء.

هذا هو الأغلب، ودليلنا القرآن الكريم، حيث أنه أورد (سنين) الملحقة بجمع المذكر السالم اثنتي عشرة مرة- في حالتي النصب والجر، بينما لم ترد (سنون) المرفوعة.

نماذج من الذكر الحكيم:
{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}- الأعراف 130
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}- يونس 5
{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا}- الكهف 11
{قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ}- الشعراء- 18
{أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ}- الشعراء 205

* الملحق بجمع المذكر السالم هو ما لا يخضع لشروط هذا الجمع- كأن يكون المفرد اسمًا مذكرًا، لكنه يُعامل معاملته في الإعراب، فيرفع بالواو، وينصب ويجر بالياء، ومن هذه الملحقات أسماء العقود وغيرها مما أورده ابن مالك في ألفيّته:
وشبه ذين وبه عشرونا *** وبابُه ألحِق والأهلونا
أولو، وعالَمون، عِلِّيونا *** وأرضون –شذَّ- والسُّنونا

ابن عقيل: شرح ألفية ابن مالك ج1، ص 29
يقول محقق كتاب ابن عقيل- محمد محيي الدين عبد الحميد:
“اعلم أن إعراب “سنين” وبابه إعراب الجمع بالواو رفعًا، وبالياء نصبًا وجرًا هي لغة الحجاز وعلياء قيس، وأما بعض بني تميم وبني عامر فالإعراب بحركات على النون، وتلتزم الياء في جميع الأحوال، وهذا الذي أشار إليه ابن عقيل بقوله “ومثل حين” ومثله قول جرير:
أرى مرَّ السنينِ أخذن مني *** كما أخذ السِّرارُ من الهلالِ
وقول الشاعر:
ألم نسقِِ الحجيجَ – سَلي مَعَـدًّا *** سنينًا ما تعدُّ لنا حسابا”
(شرح ابن عقيل، ص 31)

ثم إن جواز إبقاء (سنين) في الحالات الثلاث وارد كذلك في كتب اللغة، فهم يجعلون الإعراب على النون الأخيرة:
مرت سنينٌ، قضيت سنينًا، وفي سنينٍ.
(انظر مادة “سنه” في لسان العرب أو تاج العروس!)

وردت كذلك في قول الشاعر:
دَعَانِيَ مِنْ نَجْدٍ فإنَّ سِنِينَهُ *** لَعِبْنَ بِنَا شِيبًا وشَيَّبْنَنَا مُرْدَا

هنا وردت (سنين) منصوبة بالفتحة الظاهرة على النون مع لزومها الياء، ولم تحذف النون مع أنها مضاف، فدل ذلك على إعرابها بالحركات الأصلية الظاهرة على النون.

تنبيه:
يخطئ الكثيرون في تشديد الياء في كلمة (سني عمره)، فأصل (سني) هو (سنين)، وقد حذفنا النون للإضافة (على أنها ملحقة بجمع المذكر السالم)ـ فالياء لا تُشدّد، ولا مسوّغ لذلك، وقد لاحظت هذا الخطأ في كتابات الكثيرين ومحادثات من هم من أهل اللغة.
سأورد لكم مثلاً مما كتبه أحدهم:

“جاء في حديث دعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على قريش:
اللهم أعنّي عليهم بسنينَ كسِنِيِّ يوسف”.

هل لاحظتم كيف أخطأ وشدد الياء؟
الخطأ شائع ، ويجب ألا نثقل هنا على اللسان!

أعود إلى السؤال، فأجيب:
نعم يجوز لي أن أقول: مرت سنينٌ…، حتى لو أن استخدامها أقلّ، بل أرى أن الذوق اللغوي أحيانًا يشفع لها، قياسًا بقولنا في حالة الرفع:
انتهت سنو الطفولة.
(سنو) بحذف النون لأنها مضاف، ولكن من يقولها؟

أليس الأيسر على اللفظ: (مضت سنينُ االطفولة)، واللغة تجيز لنا ذلك؟

أ.د فاروق مواسي

faroqmwaseee

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة