الخشية من التعابير الدينية

تاريخ النشر: 24/06/16 | 9:02

كثيرًا ما نتحرج من استخدام ألفاظ دينية، ونظنها قاصرة على النبي عليه الصلاة والسلام، أو على الصحابة، بل هناك ألفاظ نظنها قاصرة على أسماء الله الحسنى، بينما هي ألفاظ وتعابير ليس فيها الحرام أو الإساءة للدين إذا استخدمت في خطابنا اليومي.
ورد في كتاب (أخبار النساء) لابن القيّم الجَوزية:
“سمعت يحيى بن سفيان يقول:
رأيت بمصر جارية {…. …} فما رأيت وجهًا قط أحسنَ من وجهها، صلى الله عليه وسلَّـم!
قلت له: يا أبا زكريا، أمثلك يقول هذا مع ورعك وفقهك؟
قال: وما تنكر علي ذلك؟
صلى الله عليها وعلى كل مليح، يا بن أخي – الصلاة رحمة!”.
(أخبار النساء)- ابن قيّم الجَوزية، ص 22.

عندما قرأت القصة لزوجتي سرعان ما قالت:
“أستغفر الله العظيم”!
شرحت لها إجابة الفقيه، وأضفت أنه لا حرج علينا إن دعونا:
“صلى الله عليك” و “رحم الله فلانًا”، فليس بالضرورة أن يموت فلان حتى نترحم عليه، فهي للحي وللميت، ومن لا يطلب منا رحمة الله الرحيم؟

ذكّرني ذلك بمن يحتجّ إذا ذكرتُ فلانًا بالخير، وختمت بالدعاء “رضي الله عنه”!
فلو قلت: قرأت لفلان -رضي الله عنه ورضُوا عنه- ، فإنني لا أخرج عن اللياقة والأصول الدينية، فكلنا نطلب رضا الله ورضوانه.

من العجيب في هذا السياق أن هناك من يستعمل (الله يرضى عليك) للأطفال أو للأبناء والأقرباء الذين هم أصغر سنًا، ويظن أن في هذا الدعاء إساءة إذا وجهها الصغير للكبير.
مما لاحظته من معارضة أو خشية أو تحرّج يكون من التسميات، فاسم فلان كريم، وآخر حليم، رءوف، حكيم، لطيف، بديع، جليل، رشيد، ظاهر، حميد، سلام وعزيز …إلخ
بدعوى أن هذه هي كلها من أسماء الله الحسنى، لذا تجد بعض الناس يتورعون من هذه التسميات، علمًا بأن الله الكريم حبب أن يكون العبد كريمًا، والله الولي يقول في الذكر الحكيم:
“ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم” فصلت، 34.
وفي الخطاب للنبي شعيب (رض) يقول تعالى وهو الرشيد الحليم:
“لأنت الحليم الرشيد”. (هود 87).
هناك آيات كثيرة جعلت من هذه الأسماء”المحظورة” صفات للإنسان، فإبراهيم عليه السلام “لأواه حليم”- التوبة 114، وفي آية أخرى تشير إلى النبي الكريم: “إنه لقول رسول كريم”- التكوير 40، ولا ننس الاسم (عليّ) أقرب الصحابة للرسول، علمًا بأن (العليّ) و (الحليم) و (الكريم) من أسماء الله الحسنى.
إن تسمياتنا هذه مشتقات، ولا يقصد بها اسم الله جل جلاله، فهو الكريم الحليم الرءوف العلي الولي…إلخ بلام التعريف، والمؤمن يؤمن أن الله هو مصدر كرمنا وحلمنا، ولطفنا، ورأفتنا إلخ
من جهة أخرى فإننا لا نستطيع تسمية أبنائنا بصفات الله التي لا يتمثل بها الإنسان، نحو خالق، بارئ، قدوس، محيي، مميت، غفّار، رحمن ، …إلخ

دعائي لكم:
رضي الله عنكم قرائي أحبائي، ورحمكم الله جميعًا!

ب. فاروق مواسي
faroqmwaseee

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة