وصايا لكل حزين

تاريخ النشر: 27/04/16 | 2:15

الوصية الأولى
ينبغي أن نتذكر دائماً أن الله -عز وجل- قد ارتضى لنا هذه المصيبة، وهذا البلاء الذي حل بنا، وأنه اختاره لنا واختارنا له.
والعبودية الحقة تقتضي أن نرضى بما رضي الله -عز وجل- به لنا، فلا يكون للعبد اعتراضٌ على الله، وعلى أقدار الله، وإنما يكون راضياً بما رضي له به مولاه.

الوصية الثانية
تذكر أن الذي ابتلاك بذلك هو أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين، فهو أرحم بك من نفسك، وأرحم بالولد من الوالدة المشفقة.

الوصية الثالثة
أن نعلم أن هذه المصيبة دواءٌ نافع ساقه الله إلى هذا العبد، وهو العليم بمصلحته، الرحيم به، فينبغي على الإنسان أن يتجرع هذا الدواء، ولا يتقيؤه بتسخطه وشكواه، فيذهب نفعه باطلاً، فهو دواءٌ ساقه إليك الطبيب العليم بحالك.

الوصية الرابعة
أن نعلم أن المصيبة والبلية ما جاءت لتهلكنا وتقتلنا، وإنما لتمتحن صبرنا، فإن ثبت العبد اجتباه ربه، وإن انقلب على وجهه طرد وصفع قفاه، وتضاعفت عليه المصيبة.

الوصية الخامسة

أن يعلم العبد أن الله يربي عبده على السراء والضراء، والنعمة والبلاء، وبهذا تستخرج عبوديته في جميع الأحوال، فالعبودية تارةً تكون في حال السراء والنعمة، وللضراء أيضاً عبودية، فالله يقلّبنا بين هذا وهذا، فينبغي على العبد ألا يكون من عبيد العافية، وأن يعلم أن الابتلاء هو كير العبد، ومحك إيمانه،

الوصية السادسة
تذكر أن أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، وقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذا: أي الناس أشد بلاءً؟ قال: ((الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلاه الله على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة))([2]).
وقد قال ابن مسعود -رضي الله عنه- كما في الصحيحين: “دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يُوعَك، فمسسته بيدي فقلت: يا رسول الله، إنك تُوعَك وعكاً شديداً، فقال: ((أجل، إني أُوعَك كما يُوعَك رجلان منكم))، قلت: ذلك بأن لك أجرين؟ قال: ((أجل، ما من مسلم يصيبه أذىً من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها))([3]).
وقد قال بعض السلف:**من أصيب بشيء من البلاء فقد سُلك به طريق الأنبياء
وأحسنَ القائلُ إذ قال:
بنى الله للأخيار بيتاً سماؤه
وأدخلهم فيه وأغلق بابه
همومٌ وأحزانٌ وحيطانه الضُّرُّ
وقال لهم مفتاحُ بابِكم الصبرُ

الوصية السابعة
أنت على خير، وفي الحديث يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((عجباً لأمر المؤمن، إنّ أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له))([5]) [رواه مسلم].
وقد علق عليه شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية -رحمه الله- بأن الله -عز وجل- جعل لعباده المؤمنين بكل منزلةً خيراً منه، فالعبد دائماً في نعمة من ربه، سواء أصابه ما يحب أو ما يكره، وجعل الله -عز وجل- أقضيته وأقداره التي يقضيها لهم ويقدرها عليهم متاجر يربحون بها عليه، وطرقاً يصلون منها إليه، فهذا الحديث يعم جميع أقضيته لعبده المؤمن، وأنها خيرٌ لها إذا صبر على مكروهها، وشكر لمحبوبها.

الوصية الثامنة
لماذا الحزن؟ ولماذا القلق والهمُّ وعملك يجري عليك أجره؟
وفي الحديث: ((ما من أحد من المسلمين يصاب ببلاء في جسده إلا أمر الله تعالى الحفظة الذين يحفظونه، قال: اكتبوا لعبدي في كل يوم وليلة مثل ما كان يعمل من الخير ما دام محبوساً في وثاقي))([6])، يعني ما دام في المرض.
بعد ثلاث سنوات من القطيعه..؟
ماسكات طبيعيه للبشره
علاج اثار حب الشباب طبيعيا /مهم/
يارعشة حلت والقلب منزلها
انثى متمرده…
وصيتي لكل محزون

الوصية التاسعة
الله أراد بك خيراً، وقد جاء في الحديث: ((من يرد الله به خيراً يُصبْ منه))([7]).
وفي الحديث الآخر: ((إذا أحب الله قوماً ابتلاهم))([8]).
يقول الفضيل بن عياض -رحمه الله-: “إن الله ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالخير”([9]).
وقال أيضاً: “لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعدّ البلاء نعمة والرخاء مصيبة”([).
وكان سفيان الثوري –رحمه الله- يقول: “ليس بفقيه من لم يعد البلاء نعمة، والرخاء مصيبة”().
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافيه يوم القيامة))).

الوصية العاشرة
أن العبد قد تكون له منزلة عند الله -عز وجل- لا يبلغها إلا بهذه المصيبة التي تُحرق فؤاده، فقد جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة، فما يبلغها بالعمل، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يُبلغه إياها))
وقال –عليه الصلاة والسلام-: ((إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة فلم يبلغها بعمل ابتلاه الله في جسده أو ماله أو في ولده، ثم صبّره على ذلك حتى يُبلغه المنزلة التي سبقت له من الله -عز وجل))(
فلو يدري هذا المحزون، وهذا المهموم، وهذا القلِق أن هذه المصيبة هي الرافعة التي ترفعه إلى تلك المنازل العالية لفرح بها.

الوصية الحادية عشرة
تذكر أن البلاء كفارة، ففي الحديث الصحيح يقول –عليه الصلاة والسلام: ((إذا اشتكى المؤمن أخلصه الله –أي من الذنوب- كما يخلص الكير خبث الحديد))
وفي الحديث الآخر يقول –صلى الله عليه وسلم-: ((إذا مرض العبد بعث الله إليه ملكين فقال: انظرا ما يقول لعوَّاده، فإنْ هو إذا جاءوه حمد الله وأثنى عليه، رفعا ذلك إلى الله –عز وجل- وهو أعلم- فيقول: لعبدي عليَّ إن توفيته أن أدخله الجنة، وإن أنا شفيته أن أبدله لحماً خيراً من لحمه، ودماً خيراً من دمه، وأن أكفر عنه سيئاته))
وفي الحديث القدسي: ((إذا ابتليت عبداً من عبادي مؤمناً فحمدني وصبر على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا، ويقول الرب -عز وجل- للحفظة: إني أنا قيدت عبدي هذا وابتليته فأجروا له ما كنتم تجرون له قبل ذلك من الأجر وهو صحيح))([]).
وفي حديث جابر -رضي الله عنه- عند الإمام أحمد بإسناد صحيح: أن الحُمى استأذنت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:**((من هذه؟))قالت: أمُّ مِلْدَم -وهي كنية الحمى- فأمر بها إلى أهل قباء، فلقوا منها ما يعلم الله، فأتوه فشكوا ذلك إليه فقال:**((ما شئتم، إن شئتم أن أدعو الله لكم فيكشفها عنكم، وإن شئتم أن تكون لكم طهوراً))، قالوا: أوَ تفعله؟ قال:**((نعم))، قالوا: فدعها”، وقد صححه الشيخ ناصر الدين الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
وقال -صلى الله عليه وسلم- عن الحمى: ((الحمى كير من حر جهنم، وهي نصيب المؤمن من النار))
يقول مسلم بن يسار -رحمه الله-: “كان أحدهم إذا برئ قيل له: لِيَهْنِك الطهرُ يعني الخلاص من الذنوب.
وفي الحديث يقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله ليبتلي عبده بالسقم حتى يكفر ذلك عنه كل ذنب))
وفي الحديث الآخر يقول –صلى الله عليه وسلم-: ((ما من عبدٍ يُصرع صرعة من مرض إلا بعثه الله منها طاهراً))().
وهو أيضاً يؤجر مع تكفير السيئات، كما في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صداع المؤمن أو شوكة يشاكها، أو شيء يؤذيه يرفعه الله بها يوم القيامة درجة، ويكفر عنه بها ذنوبه))
وجاء نحوه من حديث عائشة –رضي الله عنها- أنه –صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها))
ويقول –عليه الصلاة والسلام-: ((يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض))
وفي خبر المرأة السوداء التي كانت تُصرع، أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك)) فقالت: “أصبر”
وقد قال بعض السلف: “لولا مصائب الدنيا لوردنا الآخرة مفاليس”
ويقول أبو بكر -رضي الله عنه-: إن المسلم ليؤجر في كل شيء، حتى في النكبة وانقطاع شسعه، والبضاعة تكون في كُمّه فيفقدها فيفزع لها، فيجدها في ضِبْنِه.
ونحن نقول: لو قيل لأي أحدٍ من الناس: كل حجر قد ربط به خمسمائة، فنضربك بهذا الحجر وما ربط به فهو لك لأحب كثرة الضرب.
ويحكى عن امرأة من العابدات أنها عثرت فانقطعت إصبعها فضحكت، فقال لها بعض من معها: أتضحكين وقد انقطعت إصبعك؟! فقالت: “أخاطبك على قدر عقلك، حلاوة أجرها أنستني مرارة ذكرها”([36]).
إذا فقد العبد عينيه، يقول الله -عز وجل-: ((إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة))([37]).
وإذا فقد ولده يقول الله -عز وجل-: ((ما لبعدي المؤمن جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة))([]).

الوصية الثانية عشرة
ما يدريك لعلها تكون سبباً لدفع ما هو أعظم، ومما يذكر في هذا الباب -ولعله ينفع- ما يذكر من خبر وزيرٍ لملكٍ من الملوك، وكان ذلك الوزير رجلاً صالحاً، وكان يكثر من قول: “الخيرة فيما اختاره الله”، فبينما هو يأكل على مائدة الملك، وإذا بالملك تجرح يده، فيقول: قد جرحت، فقال ذلك الوزير على سجيته وعادته: الخيرة فيما اختاره الله، فغضب الملك، وقال: أنت تشمت مني، ثم أمر به إلى السجن، فقال: الخيرة فيما اختاره الله، فأودعوه السجن، وكان ذلك الملك يعجبه الصيد، وكان يصيد عادةً مع ذلك الوزير، فخرج بمفرده -ومن تبع الصيد غفل- فبينما هو يتبع الصيد إذ خرج من حدود مملكته إلى أرضٍ قومٍ يعبدون الأوثان، فلقيه بعضهم وما عرفوه، فأخذوه، ثم جاءوا به إلى صنمهم الكبير، فلما أضجعوه، ووضعوا السكين، إذا بأحدهم يصيح بهم ويشير إلى يده التي قد ظهرت عليها آثار الجرح، وهو يقول لهم: إن هذا لا يصلح للقربان.
فأطلقوه وتركوه، فرجع وهو يقول: قد عرفتُ أن الخيرة فيما اختاره الله، فصار هذا الجرح سبباً لإنقاذ رقبته، ثم أمر بالوزير أن يخرج من السجن، وقال له: قد عرفت أن هذا الجرح كان خيرة، ولكن أخبرني حينما أمرت بحبسك فقلت: الخيرة فيما اختاره الله؟
فقال: أيها الملك من الذي يخرج معك إلى الصيد عادةً؟، فقال: أنت أيها الوزير، فقال: لو خرجت معك هذه المرة لكنت أنا القربان، فكان سجنه سبباً لنجاته من القتل.

120

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة