السخرية من الناس خصلة جاهلية

تاريخ النشر: 12/02/16 | 3:27

أقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم المجتمع المسلم على مكارم الأخلاق، وحرص على أن يكون أفراده كالبنيان المرصوص يدعم بعضهم بعضًا، وأن ينفي نفوس الصحابة الكرام والمسلمين جميعًا من كل ما من شأنه أن يثير الضغائن والأحقاد فيما بينهم.
ومن الأخلاق الذميمة التي انتشرت في مجتمعاتنا وأصبحت عادة قميئة فيما بين الناس، وحتى في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، السخرية والاستهزاء بالناس وسبابهم بأقذع الألفاظ التي تخدش الحياء، وهو الأمر الذي حذرنا منه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
وقد صان الله سبحانه وتعالى الإنسان وجعل له هالة من التكريم الإلهي تصونه من أن يكون عرضة للذل والمهانة والاستهزاء أيًا كان وضع هذا الإنسان في المجتمع أو وظيفته أو بلده أو لونه دينه فقال سبحانه: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}، وجعل مقياسًا أخر للتفاضل بين الناس بما لا يحقرهم، فقال تعالى: {إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
والاستهزاء بالناس من خصال الجاهلية، وقد يكون بكلمة أو بفعل أو بنظرة أو بضحكة، وقد يكون كذلك بهمز أو لمز، أو تعريضه لما يجعله مثارًا للسخرية والاستهزاء ويقلل من شأنه بين الناس، وهو أمر محرم ومنهي عنه، لأنه من الظلم، يقول صلى الله عليه وآله وسلم: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى ههنا -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه”.
والسيرة النبوية الشريفة مليئة بالمواقف التي نهى فيها النبي صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله عن السخرية من الناس وتقليدهم أو ذكر صفاتهم التي تنتقص منهم أو تسيئهم، فهذه السيدة أن هاني تسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قوله قوله تعالى: (وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنكَرَ) فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “يسخرون بأهل الطريق ويحذفونهم”.
وتحكي أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت مرة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يا رسول الله حسبك من صفية إلا أنها قصيره، وأشارت بيدها دليل على قصرها، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يا عائشة: “لقد قُلْتِ كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته”.
وذكرت السيدة عائشة كذلك أنها قلدت أحدًا في وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فتقول: حاكيت عند النبي شخصًا قلدته فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ” ما أحب أني حكيت إنسانا وأنَّ لي كذا وكذا”.
فعلينا أن نترك تلك الخصلة المذمومة من السخرية بالناس لأنها تؤدي إلى إشاعة الشحناء والبغضاء بين الناس، كما أنها تعد من خصال الجاهلية، يقول الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه: “كان بيني وبين بعض إخواني كلام، وكانت أمه أعجميه سببت أمه فشكاني إلى رسول الله، فلقيني النبي وقال: “يا أبا ذر إن فيك جاهلية”.

هاني ضوَّه

461

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة