من خبايا أفكاري 3

تاريخ النشر: 25/01/16 | 8:11

لوحات كثيرة قد أبدعها الخالق بأحلى زينة، خلقا من بعد خلق، تخلو من شائبة، وبتطفل بشري حولها من ذاك المقام للوحة طغت عليها الشوائب..
ومن تلك اللوحات الثمينة، أطفال بعمر الورد كانوا يوما رمزا للبراءة والعفوية، لكنهم يوم اتخذ فيهم الآدميون مسلكا، حولوهم كل يضفي طابعه عليهم، فما عادوا كما عهدناهم.. وبتنا نلطم الخد (الدنيا آخر وقت).
أراد هؤلاء الأهالي أن يبتكروا صورة جديدة لأطفالهم ليسطعوا نجوما في سماء الدنيا، لكنهم خلال عملية الصناعة ضلوا الطريق وباتوا يلونون بكل الألوان حتى ما عادت تتلاءم مع بعضها..
فحين علموهم الثقة بالنفس، علموهم إياها دون حدود فصاروا لا يلقون بالا لكلمة يقولونها وما عاد احترام الكبير بمكان، فهم يرددون كل ما يحلو لهم ويرفضون دون رادع كلمة صغيرة كانت أو كبيرة، ومن سماتهم العظمى الجدال، يجادلون دون حوار ولا يعرفون للإصغاء فنا، يناطحون الأجداد ويرفضون كل اقتراح..
لا يخضعون لقانون، ويخططون قوانينهم بأيديهم دون نظام أو توقيت، مبعثرون، وفي أصواتهم علياء وحركات أجسادهم تفاخر وكبرياء..
أراد لهم أهاليهم حياة مختلفة صنعوها ثم تركوها تجف كما تشاء، حتى صارت دون حدود، وبذلك ودون قصد ضيعوهم، فهم لم يفرقوا بين إطلاق العنان لهم ليبدعوا وبين الأدب، حتى صار لتلك الكلمات معان مختلفة من وجهة نظرهم..
فهم يظنون أن مناطحة الكبار وعدم الوقار للكبار تمرد على قوالب قديمة، والجدال العبثي تعبير عن الرأي..
وبين هذا وذاك احتار الأهل وأخفق الأبناء، فهم غضوا الطرف عن حقيقة النظام، حيث ما كان سوى لتسوية الواقع، فحين نربي أطفالنا على القيادة وزرع الثقة فيهم لا بد أن نذكرهم بضوابط تسمو بهم أخلاقا، فللحوار المبدع جمالية تنم عن فكر ناضج، وفي ذات الوقت الجدال العشوائي يخبرنا أن السكوت من ذهب.
تريثوا في العبور بهم لتمنطق مخالف لطبيعتهم، مارسوا رغباتكم بقليل من التأني وراقبوهم كي لا يضلوا، ومهما قررتم أن تغيروا من معالم طفولتهم لا تمسوا براءتهم فهي سمة ميزتهم وكانت من أجمل الزينة.

إسراء عثامنة

1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة