بعض قطرات الندى تنعش أزهار الزوجية

تاريخ النشر: 17/01/16 | 4:00

الحياة الزوجية اشبه ما يكون بمياه البحر، فقد تكون هذه المياه هادئة ساكنة تعكس صفاء السماء وروعة وجمال الطبيعة الخلابة، فتسير عليها سفينة الزوجية بكل امان واطمئنان،وقد تعتري هذه المياه الرياح والاعاصير فتثور وتغضب وتهيج بها الامواج العاتية لتقلب سيرها ومسارها رأسا على عقب، لا بل وتقلب هدوءها إضطرابا وأمنها خوفا وسعادتها شقاء ليصل بها الامر في نهاية المطاف ان يتهددها الغرق في كل حين، وحتى نبعد خطر الغرق عن سفينة الزوجية،
ينبغي اعداد وبناء تلك السفينة بناء قويا متينا، غير قابل للثقب او العطب مهما عصفت به الرياح،ومهما زمجرت حوله الاعاصير، كذلك لا بد وان يكون قبطان السفينة مؤهلا تأهيلا جيدا للقيادة ومعدا اعدادا صحيحا لتسلم الامانة الثقيلة الملقاة على عاتقه وهي امانة حفظ وصون وترشيد هذه السفينة حتى تصل بركابها الى شواطىء الامن والامان.
والناظر الى العديد من القضايا الاسرية العالقة في المجتمع والتي وصل العديد منها الى طريق مسدود، يجد ان معظم هذه القضايا والتي تحولت الى ازمات اسرية حادة، كان بالامكان احتواؤها ومعالجتها بل والقضاء عليها قبل ان تنمو وتكبر ويصبح من العسير بل من المستحيل حلها.
فقد تكون بداية الازمة الزوجية كلمة قالها احد الزوجين في حق الآخر، او تصرفا بسيطا لم يعجب شريكه او خطأ غير مقصود، فبدلا من المعالجة الفورية لهذا الامر وبدلا من شعور كلا الطرفين بتفهم وتقبل بعضهما لبعض وضرورة ان يغفرا لبعضهما ويتسامحا ويغضا الطرف عن زلات وهفوات قد يصطدمان بها اثناء سيرهما في المسار الزوجي، فإننا نجد في كثير من الاحيان ان الخطأ يقابل بخطأ مثله،والكلمة بكلمة مثلها،والتصرف بتصرف مثله، وربما اشد…وهكذا فعل ورد فعل حتى تنمو المشكلة وتتشابك فصولها لتشتعل اضواء حمراء تنذر بسوء العاقبة وسوء النهاية.
ولما كان الامر كذلك، فانها بعض قطرات الندى الزكية نسكبها على كل زهرة في الحياة الزوجية بدى على ملامحها علامات الذبول وزوال رائحتها المنعشة، جراء عدم رعايتها وصيانتها وتركها لعوامل الجفاف والمشاحنات الاسرية تُذهب صفاءها.

القطرة الاولى: الاعتذار
كلنا يخطىء بل يجيد فن الخطأ،ولكن وللاسف القليل منا من يجيد فن الاعتذار،والقليل من يجد الشجاعة للاعتذار عن الخطأ للآخرين خصوصا اذا كان هذا الآخر هو الزوجة.
فمن الازواج من يعتقد بانه اذا خطأ بحق زوجته واعتذر لها فهذا يضعف شخصيته امامها ويهدر كرامته ورجولته،وهو لا يدري ان الاعتذار عن الخطأ قوة في الشخصية وهو خلق كريم وذوق وشهامة، وهذه من صفات الرجولة الحقة التي تعتبر الكرامة الفعلية السامية ان نعتذر اذا اخطأنا، والزوج حين يعتذر لزوجته فهو لا يسقط من عينها كما يعتقد، بل ان قيمته ترتفع في نظرها،ويعلمها درسا في الشهامة واحترام الذات،وهذا ليس ضعفا بل الضعف ان يخطىء ويخفي خطأه تحت نقاب المكابرة.

القطرة الثانية: الكلمة الحانية
العبارات الرطبة بأريج المودة والمحبة بين الزوجين كفيلة بأن تنعش الحياة الزوجية وتجدد الشعور بالرومانسية بينهما خصوصا بعد فترة زمنية على زواجهما، فغالبا ما يتفنن الزوج او الزوجة في انتقاء عبارات الحب ومعسول الكلمات في بداية الحياة الزوجية حتى اذا مضى وقت قصير تبخرت هذه الكلمات من قاموسهما وربما استبدلت بكلمات جافة او حادة تدل على الغلظة والفظاظة، قالت احدهن وهي تصف معاملة زوجها لها في بداية حياتها الزوجية وكيف تغيرت هذه المعاملة بعد مرور اقل من سنتين على زواجهما وذلك من خلال موقف ذكرته على سبيل المثال لا الحصر حيث قالت: كان ذلك بعد اسبوع من زواجنا حيث تعثرت رجلي بقطعة أثاث في بيتنا فوقعت ارضا فهب زوجي مذعورا لمساعدتي والاطمئنان عليّ وقال لي بلطف ورقّة:
اسأل الله ان تكون الاصابة بسيطة،وبعد شهور من هذه الحادثة وبينما كنت انظف البيت تزحلقت فوقعت ارضا، فصاح زوجي علي قائلا ( هل انت عمياء الا تبصرين، الله لا يقيمك)!!!
وزوجة اخرى تذكر موقفا يؤكد ان لغة المشاعر تكاد تكون معطلة عند البعض ان لم يكن عند الكثيرين حيث قالت: بينما كان زوجي يتابع احد البرامج التلفزيونية مررت امامه لبعض حاجياتي فحجبت عنه رؤية الشاشة مدة لا تزيد عن بضع ثوانٍ ويبدو ان البرنامج كان يشده كثيرا فانفجر غاضبا وقال:( مثل عمود الظلام واقفة قدامي زيحي هيك)، وهذا الموقف يذكرني بموقف معاكس لذاك الزوج الذي كان يجلس بحديقته وبجو ربيعي لطيف فجاءت زوجته ووقفت بجانبه فحجبت عنه بعض اشعة الشمس فنظر اليها وانشد قائلا:
جاءت تظللني من الشمس
نفس احب اليّ من نفسي
جاءت تظللني ومن عجب
شمس تظللني من الشمس
فيا ايها الزوج ان لم يكن بمقدورك ان تنسج عبارات جميلة لزوجتك فعلى الاقل حافظ على مشاعرها وارفق بضعفها واشطب من قاموسك الكلمات الجارحة، فالرسول الكريم (ًص) يقول لك(رفقا بالقوارير).

القطرة الثالثة:مكالمة هاتفية
ان الزوجة قد توصل الليل بالنهار وهي تعمل في سبيل راحة اسرتها وتضحي من صحتها واعصابها ووقتها، ولكنها قد تنسى كل هذا التعب وهذه المعاناة عندما يرن هاتفها وتسمع صوت زوجها الذي لم يمض على خروجه لعمله سويعات قليلة بهدف الاطمئنان عليها، او انه في اشد الاشتياق للعودة اليها والى ابنائه، فهذا الاتصال البسيط الذي لا يكلف شيئا له مفعول السحر في نفسية هذه الزوجة ويجدد الروح والحياة والالفة بين الزوجين.

القطرة الرابعة: المفاجآت
جميل ان يفاجىء الزوج زوجته كل مدة بمفاجأة سارة وليس اجمل من الهدية يفاجىء بها الزوج زوجته خصوصا اذا كانت بمناسبة يوم ميلادها، او يوم زواجهما او اي مناسبة عزيزة على قلبها،ولا يهم ماذا تكون الهدية او قيمتها المادية بقدر انها وسيلة مهمة للتواصل العاطفي الايجابي ومناسبة للتجديد وصفاء النفس والروح فهي بعض القطرات لانعاش المودة في بيت الزوجية.
وهناك العديد منها لو ملك كل زوجين المهارة في كيفية سكبها على ازهار حياتهما الزوجية لما ذبلت زهرة ولما ذهب عبيرها ولظلت البيوت راتعة في رياض الالفة والمحبة والسعادة التي تغمرها كل حين.

3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة