لعنة "النقوط"

تاريخ النشر: 22/05/11 | 23:11

من أجواء أعراسنا: لعنة “النقوط”

الزمان: أواخر فصل الربيع وبداية فصل الصيف،أي بداية موسم الأعراس، هذا الموسم الذي يستمر حتى نهاية شهر تشرين الأول-أكتوبر وبداية شهر تشرين الثاني-نوفمبر أي قبيل حلول الشتاء لأن أغلبية قاعات الأفراح صيفية أي لا تصلح إلا للأيام الغير ماطرة والغير باردة.

المكان: بيتي المتواضع حيث أجلس أنا وصديق عمري نتجاذب أطراف الحديث ونستعرض الماضي السحيق والقريب فهي “عشرة عمر” كما يقولون ومنذ نعومة أظافرنا..جاء ليعودني أثر عملية جراحة في ركبتي من نوع العلاج بالمنظار- ارتروسكوبيا- ونحن في غمرة الحديث وفي جو يسوده شذى وعبق الماضي التليد وعبيره وإذ بصديق آخر يدخل علينا وما أن تخطى عتبة الغرفة ورأى صديقي الذي يجلس معي وقد ابتسم ابتسامة خفيفة وقبل أن يلقي التحية والسلام وإذ به يندفع كالبركان الثائر وينظر شزرا إلى جليسي ويصرح في وجهه، غير مراع لقواعد الضيافة قائلا: وتبتسم كذلك..أين شهامتك ومروءتك،ألا تخجل من فعلتك التي فعلتها معي؟! وأفاجأ كما تفاجىء صديقي وأقول له:

صل على النبي وأجلس وحدثنا، ماذا بك وماذا دهاك وأصابك؟! ويضيف صديقي على ما قلت: هل جننت؟هل قتلت أباك أم أمك؟! “والله لو قتلت أبي أو أمي لكان الأمر أهون علي من فعلتك”؟ قالها الصديق الوافد وأي جرم اقترفته بحقك، قالها صديقي جليسي؟وبحدة وغضب بارزين يرد صديقنا القادم عليه …وتدعي أنك لا تدري بالذي فعلته، ألا تستحي وتخجل بالذي فعلته وتقول أنك لا تعلم!! دعوتك ودعوت أبنائك الخمسة إلى عرس أبني الأول من بين اثنين، وهو أول فرح أقيمه، حضرت وحدك العرس ونقطت وأين سائر أبنائك..لماذا لم يحضروا ألم أنقط جميع أبنائك؟الآن وفقط الآن ضع يدك في جيبك وأخرج نقوط أربعة أشخاص، لقد سددت دين واحد وبقي عليك دين أربعة…أدفع الآن، ولن أدعوك إلى عرس ابني الثاني في المستقبل ونكون بهذا قد أغلقنا الحساب وقطعنا العلاقة التي بيننا…قال ما قاله وهو واقف ولم يجلس بعد..وأرتبك صديقي وارتبكت معه لأننا لم نتوقع مثل هذه المفاجأة الغير سارة واستشاط صديقي من هذا الهجوم الغير متوقع غضبا وقال له: تعلم أدب الحديث والضيافة، لقد أسأت إلى صاحب البيت بتصرفك هذا قبل أن تسيء إلي…

ورأيت أن الأمور ستزداد توترا وتعقيدا وتدخلت محاولا تخفيف حدة التوتر وقلت لهما: أنتما أصحاب بيت ولستما ضيوفا وقلت مخاطبا الصديق الثائر: لقد تسرعت في هجومك هذا متناسيا قول رسولنا الكريم: “ألتمس لأخيك المسلم سبعين عذرا” لقد كان من الأفضل معاتبته بهدوء وروية ولكن “شيطانك عجل” والعجلة من الشيطان والعياذ بالله…وأقف عند هذه المحطة ولا أود الاستمرار في سرد ما حدث فالذي حدث فيما بعد يندى له الجبين فالعتاب بل الشجار الكلامي كاد أن يتحول إلى تشابك بالأيدي…

وهذا الذي حدث يقودنا إلى معالجة طريقة “التنقيط” الحديثة وما خلفته وتخلفه من أحقاد وضغائن وتفكك البنية الاجتماعية للبلد الواحد بدلا من التلاحم والتآخي، والمساءلة والمحاسبة التي جرت في بيتي تدمر النسيج الاجتماعي الإنساني الذي تميزت به مجتمعاتنا وخاصة القروية منها،أيام كان نقوط العريس بسيطا متواضعا ليس فيه إسراف وجنون اليوم كان فيه “المنقطون” المدعوون وهم من خارج البلد المضيف “ينقطون” مجتمعين بعد الزفة وبعد تناول الغداء مباشرة أما أهل البلد فكانوا يتقاطرون إلى بيت الزوجية الجديد بعد ثلاثة “أيام العسل” بعيدا عن أعين الناس وعن الفخفخة والتباهي وكل “منقط” وحسب قدراته وطاقته وكان “المنقط” يحصل بالمقابل على هدية متواضعة متمثلة في منديل أو قلم حبر أو علبة سجائر، تميزت عملية التنقيط هذه باللحمة بالعلاقة الحميمة الدافئة وبطيبة القلب والبساطة وبالبراءة.

رحم الله أيام زمان: أيام البراءة والطيبة والتسامح ودعاء من الأعماق نقول فيه: اللهم خلصنا من هذه البدعة اللعينة “فكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار” وأعدنا إلى جادة الصواب، جادة المودة والأخوة جادة التسامح والبساطة والتواضع” آمين آمين .

‫7 تعليقات

  1. الى كاتب المقال تحية وبعد لماذا نصف النقوط ” باللعنة” كل شخص يقوم بواجبه وكل الناس تتزوج وهذه هي الحياة النقوط ديّن وعلى صاحبه ارجاعه فانت غدا ستزوج ابنك ابنتك ويأتي الناس ويقوموا بواجبهم ” النقوط” فلا اوافق معك بهذا الكلام نوعا ما
    شكرا
    ارجو النشر

  2. النقوط في افراحنا ليس لعنة بل بركة لان كل منا لة من الاولاد والبنات ويحب ان يفرح بزواجهم وعندما يدعوني احدهم اذهب لمشا ركتة فرحة بحفل زواج ابنة اوابنتة عن طيب خاطر واقدم لة ما استطيع من نقوط لانني على يقين ان من دعاني يسر جدا ان شاركة بفرح ابنة ولكن اللعنة تاتى من هؤلاء الاشخاص الذين شاركتهم افراح اولادهم وعندما يكون فرح لك لا يشارك في فرحك وانت شا ركتة اكثر من فرح وقدمت ما تستطيع من النقوط هذة هي اللعنة وليس النقوط لعنة لان القوط مساعدة ويكون ايضا دين فما بال هؤلاء

  3. لك جزيل الشكر على طرحك مثل هذه الموضوعات الحيويّة الهامة، كذلك
    أحيّيك على أسلوبك السلس القصصي!
    أعتقد آن الأوان للتغيير:
    مثلا، أن تقتصر دعوة العرس على الأصدقاء والمعارف المقرّبين،
    وأن لا نعتبر “النقوط” دينا، بل هو هديّة رمزيّة تعبّر عن العلاقة
    الحميمة بين المشاركين!

  4. يكون النقوط هدية لمن يستحق ذلك واوفقك الراي ان تقتصر دعوة العرس على الأصدقاء والمعارف المقرّبين،

  5. هههههه قصة طريفة حصلت معي: حملني أبي بالنقوط الدسم وأمرني الذهاب للعرس. لم احاول حتى السؤال عرس من ولا أين. لأني متأكد أني لن اعرف لا العريس ولا أصحاب العرس, ولم أسئل عن المكان, لأنه الصندحاوي. ذهبت مثل الشطار, صففت في الصف الطويل ليحين دوري, ادخلت المغلف اولا, قبلت أب أو خال أو عم العريس, لا أدري من, ومن ثم العريس. وكعادتي أخرج فورا من جانب المطبخ لأعود أدراجي 🙂 بدون طول كلام 🙂 طلع العرس بميس الريم… وما صارحت أبوي لحد ليوم…. شو العمل؟!

  6. حياك الله استاذي الكريم وجمل ايامك بالصحة والعافية والعطاء.

    مقالتك هادفة..وتفتح النقاش حول موضوع مهم حديث الساحة.

    قالوا عن المجاملات..كل شيء قرض ودين حتى دموع العين…

    العرس حدث هام في حياة الناس…وفرصة لتلاقي الخلان والحبايب والاصدقاء

    العرس مناسبة للسمر..واكل الطعام والحلوى وشرب الشراب والقهوة…

    هذه مناسبة جميلة…وتستحق الاحتفاء بها …..

    لكل شخص الحرية بتصميم الفرح…يمكن ان يتم الفرح في مطعم بحضور عشرات

    المشاركين…ويمكن ان تتم الفرحة بالحلوى وبدون جماهير..

    اذا اخترت عرس مهرجان….واجب عليك ان تسد الدين وتجامل من شاركوا بعرسك.

    لا يوجد انصاف مجاملات..

    واجب المجتمع ان يبحث الامر…وان تكون اعراسنا متواضعة على قد الحال..هدفها

    الفرحة والمسرة…لا مهرجانات شوفونا يا ناس..من اجل المفاخرة والنقوط.

  7. الى اريد حلا:
    قصة مثيرة حقا:اعتقد انك كنت مخطئ عندما لم تسال اباك عن العرس..وهذا خطئك من البداية اما الحل:
    بإمكانك ان لا تصارح اباك لانه لو علم لا اعرف ماذا تكون ردة فعله,اما ان العرس في ميس الريم”فهذا شي وصار “, تقدر تعمل الاتي:
    اما انك تروح انت بنفسك عند العريس”الاصلي..”وتعطيه النقود وتعتذر منه والسبب هو ظرف معين وهكذا تكون قد رضيت اباك والعريس!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة